بعد سنواتٍ من التّصنيفات والمعارك والتّحوّلات العميقة التي أصابت المشهد السّوريّ، جاء قرار مجلس الأمن رقم 2799، الصّادر في السادس من تشرين الثّاني/نوفمبر 2025، ليشكّل نقطة انعطافٍ حقيقيّةٍ في خريطة النّفوذ الإقليميّ.
بعد سنواتٍ من التّصنيفات والمعارك والتّحوّلات العميقة التي أصابت المشهد السّوريّ، جاء قرار مجلس الأمن رقم 2799، الصّادر في السادس من تشرين الثّاني/نوفمبر 2025، ليشكّل نقطة انعطافٍ حقيقيّةٍ في خريطة النّفوذ الإقليميّ.
"عندما علت صيحات الحرب، ونفر نفيرها، وقُرعت طبولها، استدعى الأسد، زعيم الغابة، كل الحيوانات، ومن بينهم الحمار والأرنب، الأمر الذي دعا جنرالات الأسد للاحتجاج، وزعموا بأن لا انتصار يُرجى بحضور الحمار الأبله، والأرنب الخواف! حينئذ تأكد الأسد أن الملأ من حوله تنقصهم الخبرة فقال: الحمار الذي يملك صوتاً أقوى من صوتي أحقّ من ينفخ الأبواق، والأرنب هو أسرع من يوصل الرسائل". (قصة منقولة)
يُعتبر النظام السياسي اللبناني واحدًا من أكثر النماذج تعقيدًا في العالم العربي، حيث تتداخل فيه الطوائف الدينية مع الأحزاب السياسية لتشكّل معًا بنية سلطوية تستند إلى توازنات دقيقة، لكنها في الوقت ذاته هشة وقابلة للانفجار.
بعد نحو أسبوعين من الزمن يكون قد مر عام على اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل والذى ينص فى بدايته على وقف الأعمال العدائية من صباح يوم ٢٧ تشرين الثاني/نوفمبر: اليوم التالى لولادة الاتفاق الذي أنهى حرباً دامت 66 يوماً.
كأنها نفس الأجواء والتفاعلات والرهانات. اختلفت الوجوه والأزمان دون أن تتغير زوايا النظر. لا يقارب عمدة نيويورك المنتخب «زهران ممدانى»، بصلاحيات وحدود منصبه، ما كان يحوزه الرئيس الأمريكى الأسبق «باراك أوباما» من مصادر قوة ونفوذ، لكن كليهما حاز فى لحظات الصعود شعبية هائلة حملتهما، بصورة ما، مهمة إنقاذ العالم العربى من أزماته المستحكمة!
يتحدّث مسؤولون في سوريا اليوم عن أنّ الدولة لن تستثمر في إعادة الإعمار، وضمناً إعادة الخدمات العامّة، بل سيتمّ جلب استثمارات خاصّة ربطاً بتجارب شهدتها مناطق معيّنة أثناء سني الصراع السوري. وقد شكّل رفع أسعار الكهرباء لهذا الهدف صدمةً اجتماعيّة في البلاد وأحدث نقاشاً محتدِماً، برغم فقدان هذه الخدمات في أغلب المناطق والحاجّة الماسّة إليها، ما يتطلّب مراجعة جديّة لما تعنيه هكذا "سياسات عامّة".
فوز زهران ممداني في انتخابات عمدة ولاية نيويورك كرّس ظاهرة تستحق المتابعة. بدءاً بالهوية والمواصفات والانتماء وكل المسار الذي جعله يُقارع الأقوياء في حزبه الديموقراطي كما خصومه في الحزب الجمهوري، وصولاً إلى دخوله مبنی بلدية إحدى مدن العالم الأكثر غنى، صناعياً وتجارياً ومالياً وثقافياً وسياحياً وترفيهياً.
مع انهيار نظام بشار الأسد، دخلت سوريا في مرحلة جديدة من التحول السياسي وإعادة التموضع الإقليمي؛ مرحلةٌ هي نتاج موازين القوى التي نشأت غداة السابع من أكتوبر/تشرين الأول، على الصعيد الإقليمي، التاريخ الذي مثّل نقطة انعطاف إقليمية كبرى وفتح الباب أمام تحولات استراتيجية لا مثيل لها منذ أكثر من ستة عقود من الزمن.
لم يعد الحديث عن "استعادة السّيادة" في لبنان شعاراً سياسيّاً يُرْفَعُ في الخطاب العامّ، بل أصبح رهاناً يتعلّق بقدرة المجتمع على تعريف ذاته وحدوده ومصادر أمنه. ففي ظلّ التّحوّلات الإقليميّة المتسارعة، وما يرافقها من إعادة رسمٍ لمراكز النّفوذ، يجد لبنان نفسه أمام مرحلةٍ دقيقةٍ يُعَادُ فيها النّظر بوظيفة الدّولة ودورها وموقعها في توازنات المنطقة. وفي هذا السّياق، يبرز مشروع حصر السلاح بيد الدولة بوصفه مطلباً يحظى باجماع خارجي (باستثناء إيران)، في مقابل واقعٍ اجتماعيٍّ وسياسيٍّ داخلي تشكّل عبر عقودٍ من الاعتماد على شبكات حمايةٍ غير رسميّةٍ.
عكس فوز زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك بداية مسار من التحولات العميقة في المجتمع الأميركي، أطلق شرارتها عنصر الشباب ونخب يسارية في القاعدة الشعبية للحزب الديموقراطي، وهذا مؤشر على سيطرة التيار التقدمي وجيل الشباب على القرار السياسي داخل هذا الحزب.