رأي Archives - Page 3 of 311 - 180Post

trumps_middle_east_meddling___sajith_kumar.jpg

في عامه الأول من ولايته الثانية، بيّن دونالد ترامب أنه عائد إلى الشرق الأوسط بأجندة أكثر صلابة تجاه إيران، محاولاً إعادة تشكيل النظام الإقليمي، وفقاً لمعادلة "السلام بالقوة" الأميركية التي يُردّدها منذ دخوله إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير 2025.

mexico1.jpg

فوكوياما أعلن نهايةً مفترضة للتاريخ، دون أن يرى أن الركام الأيديولوجي يُفرز أشكالًا جديدة من الاشتباك الرمزي. افترض اكتمال النموذج الليبرالي في لحظة كانت فيها الذات السياسية تغرق في تشظي التمثيل، والتاريخ يتحوّل إلى ملحق زمني تُديره خوارزميات التوزيع الرأسمالي. الخيال السياسي لم ينقرض، لكنه انسحب من المؤسسات وتحوّل إلى تيار تحت-سردي، يُعيد تشكيل نفسه خارج قواعد "الممكن".

96915-iran_usa_tehran_1.jpg

في عمق الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط، تتموضع الجمهورية الإسلامية في إيران كدولة مركزية تُشكّل واحدة من أهم عناصر التوازن الإقليمي، سواء من خلال قوتها العسكرية، مشروعها النووي، أو شبكة حلفائها الممتدة في كل من العراق ولبنان واليمن وفلسطين.. وسوريا قبل أن يسقط نظامها.

GettyImages-2175803041-1320x880-1.jpg

إسرائيل كانت تراهن على حملة خاطفة تُربك الخصم الإيراني وتُعيد ترتيب الإقليم، لكنها سرعان ما اصطدمت بسقف قدرتها على الاستمرار. الضربات الأولى، برغم ضراوتها، ظهرت كأنها ذروةٌ مبكرة لحرب قصيرة النفس. حين تطلب تل أبيب من واشنطن التدخل فورًا، فإن ذلك لم يكن طلب دعم استراتيجي، بقدر ما ظهر كنداء استغاثة من فشل غير معلن.

98989898989898989898.jpg

لم يكن مستغرباً أن تنضم الولايات المتحدة إلى الحرب الإسرائيلية الإيرانية باقدامها على ضرب منشآت نووية إيرانية، ذلك أن واشنطن كانت حاضرة منذ بداية هذه الحرب، ليس فقط عبر الدعم اللوجستي والتعاون الاستخباراتي وإسقاط الصواريخ والطائرات المُسيّرة عبر قواعدها المنتشرة في أرجاء الشرق الأوسط، بل وأيضاً عبر توفير التسهيلات المعلوماتية والتنسيق العسكري والاستخباراتي المستمر مع الجيش الإسرائيلي.

20250623-trump-riviera-18-trous-EN_1.jpg

فى اليوم التاسع بعد بدء الحرب الإسرائيلية على إيران، دخلت الولايات المتحدة فى الحرب عبر «الضربات الجراحية» أو الحرب «المحدودة»، كما يجرى تعريفها من حيث دقة الأهداف عبر الهجوم الجوى على المنشآت النووية الرئيسية الثلاث (فوردو وهى الأهم، نطنز، وأصفهان). وقد أعلنت واشنطن أنها حققت هدفها من هذا الهجوم إذ إن هذه المنشآت «لم تعد قائمة»، وبالتالى لم تعد فاعلة. وجاء رد إيرانى بأنها أُخليت مسبقا من اليورانيوم المخصب الذى كان هدف الهجوم الأمريكى.

TRUMP-ATACA-IRÃ_Le-Monde_Thiago-Lucas_03_Prancheta-1.jpg

يسود مناخٌ من الإحباط شعوب المنطقة نتيجة الحرب التى أطلقتها إسرائيل أصلا، والولايات المتحدة لاحقاً، على إيران. إحباطٌ يطالُ حتّى لدى أولئك الذين كرهوا «نظام الملالى» وحلفاءه سواء لما كان لإيران من نفوذٍ خارج حدودها أو لانخراط إيران فى الصراعات الإقليميّة أو فقط نتيجة التجييش الطائفى بين المسلمين السنّة والشيعة.

IMG_1431.png

بدت الضربة الأمريكية لثلاث منشآت نووية هى «نتانز» و«أصفهان» و«فوردو» الحصينة فى أعماق الجبال، كأنها كلمة النهاية فى الحرب الإيرانية الإسرائيلية. بانتشاء بالغ وصف الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» تلك الضربة بـ«الرائعة». قال «إن إسرائيل الآن آمنة». فى الوقت نفسه دعا إلى ما أسماه «السلام عبر القوة»، مستعيرا التعبير نفسه من قاموس رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو». إنه الاستسلام دون قيد، أو شرط.

1111111.jpg

مرّة جديدة يسقط الإعلام الغربي في امتحان المهنية. لكن اختفى، والحقّ يُقال، عنصر المفاجأة في أداء هذا الإعلام. فكما في تغطيته لـ"طوفان الأقصى"، غاب الحياد والموضوعيّة عن تغطيته للحرب الدائرة رحاها بين إسرائيل وإيران. ونفهم ذلك جيّداً عندما ندرك أسباب هذا الانحياز الفاقع عندما نتعمّق في جيوبوليتك وسائل الإعلام الغربية ولكن، ماذا تعني جيوبوليتيك الإعلام؟

05.jpg

حين وجّهت إسرائيل ضربة موجعة ومباغتة وسريعة إلى إيران، دفعتها إلى استبدال "ديبلوماسية الصبر الاستراتيجي" التي اتّبعتها معها ومع الولايات المتحدة،  بـ"ديبلوماسية المواجهة الاستراتيجية"، وهذه الأخيرة لم تكن إيران قد استعدّت لها، فقد ظلّت إيران تتجنّب العواقب السياسية والعسكرية والاقتصادية والقانونية للمجابهة المباشرة، واستعاضت عنها بمشاغلات عسكرية يقوم بها أنصارها، سواء في فلسطين أو سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن.