"ستعمل بعض القوى على تأجيج الصراع الأفغانى ليطال دول الجوار، لكن موسكو وعت جيداً دروس تجربة عشر سنوات من الغزو السوفييتى لأفغانستان».
"ستعمل بعض القوى على تأجيج الصراع الأفغانى ليطال دول الجوار، لكن موسكو وعت جيداً دروس تجربة عشر سنوات من الغزو السوفييتى لأفغانستان».
مع مطلع القرن العشرين، وكما شرحنا فى مقالة سابقة، فإن القوى الدولية لم تعد مقصورة على أوروبا، حيث أصبحت اليابان فى الشرق والولايات المتحدة فى الغرب قوتين لا يستهان بهما. لكن قوة أخرى خامدة كانت على موعد مع الظهور لتشكل الكثير من ملامح السياسة الدولية فى القرن العشرين وحتى اللحظة، ألا وهى الصين. لم تخرج الصين من القمقم بشكل مفاجئ ولكنه كان خروجا تدريجيا لم يشعر به العالم بشكل حقيقى إلا بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن وحتى منتصف القرن العشرين كيف كانت الصين وكيف أصبحت؟
لا يزال الانتصار المدوي الذي حققته حركة "طالبان" على الولايات المتحدة مدار نقاش وجدل وانتقادات واسعة للإدارة الامريكية من حلفائها قبل خصومها. هذا النقاش إزداد إشتعالاً مع تفجير مطار كابول وسقوط جنود أميركيين قتلى على مسافة أقل من أسبوع من تاريخ الإنسحاب الأمريكي النهائي.
لم يكن الانسحاب الأمريكى من أفغانستان مفاجئا، فالقرار معلن والمفاوضات حوله مع حركة «طالبان» استهلكت وقتا طويلا فى الدوحة منذ ولاية الرئيس السابق «دونالد ترامب» تحت عنوان المصالحة الداخلية وتقاسم السلطة، غير أن كل ما هو مرتب تقوض بأسرع من أى توقع.
الانتصار السريع والمدوي لحركة "طالبان" على فلول الجيش الافغاني بعد الانسحاب الاميركي المثير لخيبة "أصدقاء" واشنطن، أعاد للجماعات والتنظيمات الجهادية الروح التي سلبتها منها الهزيمة النكراء التي اصابت تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) في العراق وسوريا.
«ابحث عن الاقتصاد»، هكذا تخبرنا خلاصة تفاعلات السياسة العالمية، بكل ما تمخضت عنه من تجارب وخبرات، كما تعلمنا أدبيات العلاقات الدولية، بعصارة ما بلورته من مبادئ ونظريات.
للإنسحاب الأمريكي من أفغانستان تأثيراته وتداعياته ليس على هذا البلد الأسيوي وجواره فحسب، بل على مجمل منظومة الدول الإسلامية، ومن بينها الشرق الأوسط.. ولبنان. كيف؟
على عكس الغرب، تتفاعل روسيا بهدوء مع المشهد المتغير في أفغانستان. تبدو موسكو مستعدة للتعاون مع حركة طالبان، لكن بشروط أبرزها ما يتصل بأمن دول آسيا الوسطى.
تتعامل روسيا والصين بإيجابية حذرة مع العودة الطالبانية إلى السلطة في أفغانستان. موسكو وبكين تبدوان وقد أعدتا العدة لمستقبل كابول تحت حكم الحركة الإسلامية، في انتظار انجلاء صورة طالبان الجديدة في الحكم، بعد عقدين من المواجهات مع الأميركيين أنتجا كل شيء إلا الدولة الأفغانية الموعودة!
حتى الآن، وربما لأمد طويل، نجحت الرأسمالية وفشل خصومها الذين ناضلوا ضدها على ساحتها الاقتصادية ـ السياسية ـ الاجتماعية أو على ساحة الايديولوجيا الدينية. جماعات الايديولوجيات الدينية يعملون عند الرأسمالية، حتى لو ادعوا غير ذلك.