الطبقة السياسية Archives - 180Post

clothes_line___fadi__abou_hassan_faditoon_Cny2KPW.jpg

في طفولتي، غالباً ما كان اللعب مع رفاقي يأخذني بعيداً عن البيت. بخاصّة، عندما كنّا نلعب "أبطال وحراميّة". أو "وقعت الحرب في..". أو "ballon-chasseur". وعندما ننتهي ويحين موعد الانصراف، كان يتملّكني الخوف. إذْ، حينذاك، كانت تبدأ مشكلتي. أيّ طريقٍ يجب أن أسلك، يا ترى، كي أصل إلى بيتنا؟

photo_2022-07-04_19-24-16.jpg

كان رجلٌ يحرس مزرعة البطّيخ التي يملكها. وفي إحدى الليالي، داهم لصّان مزرعته. وعندما سمع الرجل صوتهما، تمدّد على الأرض وتظاهر بالنوم. إذّاك، قال أحد اللصّيْن لزميله بصوتٍ عالٍ: "إذا كان صاحب المزرعة مستيقظاً سأذبحه". ثمّ سأل صاحب المزرعة: "هل أنت نائم؟". فتمتم صاحبنا مرتجفاً: "نعم.. نعم"!

second_opinion__ramses_morales_izquierdo.jpg

منذ سنةٍ وأكثر، وأنا أحاول الكتابة عن الرأي العامّ في لبنان. بالأحرى، عن غياب الرأي العامّ. لم أنجح. لماذا؟ على ما يقول المثل الفرنسي un amour chasse l’autre. ما معناه "كلّ حبٍّ (جديد) يطرد الحبّ الذي سبقه". وعلى هذا المنوال، ننشط في بلادنا. "كلّ مصيبة (جديدة) تطرد المصيبة التي سبقتها". فغاب موضوع الرأي العامّ وراء أكمة المصائب!

gettyimages-1227921495-2048x2048-1-1280x767.jpg

لم يعد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يعبأ كثيراً بصراخ فقراء لبنان بقدر اهتمامه بمصيره الشخصي المهدد بقضايا داخلية وخارجية، وحملات يجتهد في صد هجماتها المضنية بشبكات حماية سياسية واعلامية وقانونية وقضائية، داخلية وخارجية.

a_cold_wind__ramses_morales_izquierdo.jpeg

أفضل ما يمكن أن يحدث للطبقة السياسية المسيطرة في لبنان، وهو أسوأ ما سيكون للناس، ما يسعُنا أن نُطلق عليه تسمية "الإنهيار الطويل المنخفض الشدة". وإذ يبدو ذلك من المفارقات، لكنه إنهيار يُتوقَعُ أن يمتد لعقد من الزمن أو اكثر، ويتدرج على مراحل غير قصيرة "تُفرمل" بعض إنزلاقاته القوية بين فينة وأخرى، من دون مقاربة جدية لمشاكله البنيوية. وهذا ليس بجديد على طبقة سياسية إمتهنت منذ زمن سياسة حافة الهاوية وشراء الوقت حتى تستفيد من حصول لحظة تقاطع مصالح إقليمية ما، تستغلها لإبقاء إستحواذها وإستيلائها على موارد الدولة والاقتصاد.

يييي.jpg

"تحيّاتي يا أخي بهيج، لقد علمتُ أنّك أصبحت وزيراً في حكومة لبنان الذي نحبّ، فعادت بي الذكرى إلى أيام طفولتنا الأولى؛ عندما كنّا مساءً بعد العشاء، نتسابق لننام في فرشة والدنا المرحوم، فكان يشمّ رائحة أيدينا إذا كانت نظيفة بعد الأكل ومغسولة، كي يقبل أن ننام معه. هو اليوم مدفون ويرقد تحت السنديانة في قبره، وبعد عمرٍ سنكون نحن هناك أيضاً، وقد يشمّ رائحة أيدينا إذا كانت نظيفة. فحافظ على نظافتها، ومبروكٌ لك الوزارة".

كاريكاتور-ناجي-العلي-130-1280x865.jpg

"هل يمكن للمرء أن يكون شيوعياً اليوم"؟. هذا التساؤل الإشكالي جعله الفيلسوف والسياسي الفرنسي الراحل روجيه غارودي عنواناً لكتابه عام 1968، عقب سلسة مؤلفات حاول خلالها غارودي - عضو المقاومة الفرنسية ومجلس الشيوخ الفرنسي - "إقامة المصالحة" بين الماركسية والدين. وغارودي، الذي كان مهجوساً بمبدأ "العدالة الاجتماعية"، لم يكن يرى مناصاً إلاّ باعتناق "العقيدة الشيوعية" لمحاربة الظلم وتكريس المساواة بين البشر وتحرير الإنسان من الإغتراب والقهر والشقاء. بعد أكثر من نصف قرن على طروحات غارودي، قد يكون هذا التساؤل ما زال مشروعاً في لبنان ويتفرّع منه جملة تساؤلات: هل يمكن للمرء أن يكون، اليوم، إشتراكياً؟ قومياً؟ كِتْلوياً؟ كتائبياً؟ أَمْلاوياً؟ طاشناقياً؟... هل يمكن له، باختصار، أن يكون حزبياً؟ أو ربّما الأصحّ... هل يمكن له أن يبقى حزبياً؟