ما كانت إيران على علم بـ"طوفان الأقصى". لقد فوجئت بالعملية كما فوجئ العالم بأسره. لعل سريتها هي سبب نجاحها. هذا موجز الكلام المتداول حول علاقة إيران وأطراف "محور الممانعة" بهذه العملية التي أشعلت نصف حرب عالمية في منطقتنا ولم تكد تنتهي فصولها بعد.
ما كانت إيران على علم بـ"طوفان الأقصى". لقد فوجئت بالعملية كما فوجئ العالم بأسره. لعل سريتها هي سبب نجاحها. هذا موجز الكلام المتداول حول علاقة إيران وأطراف "محور الممانعة" بهذه العملية التي أشعلت نصف حرب عالمية في منطقتنا ولم تكد تنتهي فصولها بعد.
بعد أن أتمّت الحرب الإسرائيلية على غزة عامها الثاني، وما تخللها من فتح "سبع جبهات" طالت كامل قوى "المحور"، من "رأس الأفعى"- إيران، إلى سوريا، مروراً باليمن وكافة حركات المقاومة في لبنان والعراق والضفة الغربية. يُطرح سؤال جوهري في هذا المقام، هل فعلاً غيّر نتنياهو الشرق الأوسط؟
أعود إليه دومًا، كلما كنت بحاجة إلى إجابات واضحة، غير مبهمة، لكل الأسئلة الضائعة منذ النكبة. طقسه اليومي على شرفة منزله، حيث يطل على الأفق البعيد، كأنه يرى سراب القدس، يذكّره بكل ما فقده، وبكل ما لم يُكْتَبُ بعد في تاريخنا.
أحسب أن حركة حماس كانت تُدرك أنها قامت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بعملية عسكرية غير مسبوقة، لكنها ربما لم تكن تملك تقديراً دقيقاً لحجم وأثر عملية "طوفان الأقصى" ولعلها فوجئت بمفاعيلها على الأقل، الأمر الذي حملني على وصفها بـ"دوسة في بيت نمل". ولعل أفضل وسيلة لقياسها حجماً وتأثيراً تكمن في مقارنتها بعمليات سابقة أدت إلى حروب شاملة.
هل ارتكبت حماس حماقة قياسية ألحقت وتلحق ضرراً تاريخياً بالقضية الفلسطينية عبر عملية "طوفان الأقصى"؟ هل ثمة من تحكم بالقرار داخل الحركة ودفعها إلى تنفيذ هجوم غير مسبوق في حجمه وقوته وأثره على إسرائيل لتبرير حرب إبادة حقيقية للشعب الفلسطيني ولدفع ما تبقى منه إلى خارج فلسطين التاريخية؟ هل كانت إسرائيل على علم بالهجوم فلم تحبطه لكي تستخدمه من بعد ذريعة في تدمير غزة وختم القضية الفلسطينية بالشمع الأحمر؟ بالمقابل، هل كانت لدى حماس استراتيجية مدروسة مدخلها عملية 7 أكتوبر ومخرجها تغيير المعادلات المتعلقة بغزة والقضية الفلسطينية؟ تلك هي أبرز الاحتمالات التي يتم تداولها في سياق تحليل خلفيات ودوافع عملية "طوفان الأقصى".
خطة دونالد ترامب ذات العشرين بندًا بشأن غزة ليست اتفاق سلام، بل إهانة صريحة. هي مشروع يكرّس الاستعمار في ثوب جديد، يفرض الاستسلام على الفلسطينيين، ويحوّل القادة العرب إلى متفرجين على مسرحية هزلية أبطالها واشنطن وتل أبيب.. ومن ترامب المهووس بصورته، إلى جاريد كوشنر الصهيوني الذي يتعامل مع فلسطين كصفقة عقارية، إلى توني بلير مجرم الحرب الذي باع كارثة الحرب على العراق ثم عاد لينصّب نفسه واعظًا أمينًا على غزة؛ يجتمع هؤلاء لا ليصنعوا سلامًا، بل ليبيعوا هيمنة مزيّفة.
في حزيران/يونيو 2019، شارك جاريد كوشنر، المستشار الأعلى في البيت الأبيض آنذاك، في ورشة عمل اقتصادية، في المنامة، بعنوان "السلام عبر الازدهار". كانت الورشة الجزء الاقتصادي من "صفقة القرن" التي تُسمى زوراً بالخطة الأميركية للسلام بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي العِرقبادي*. و"الخطة" التي قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قبل أيام، ما هي إلا محاولة تحوير وإعادة تدوير وتسويق لـ"صفقة القرن".
منذ اندلاع موجة "الربيع العربي" عام 2011، دخل اليمن طوراً جديداً من أطواره التاريخية غير المستقرة. فقد أدت الاحتجاجات الشعبية الواسعة إلى تنحي الرئيس علي عبدالله صالح بعد عقود من الحكم، وانتقال السلطة إلى عبد ربه منصور هادي بموجب ما تسمى "المبادرة الخليجية". غير أن هشاشة التسوية وتعثر المرحلة الانتقالية أوجدا بيئة خصبة لتصاعد نفوذ الفاعلين غير الدولتيي كجماعة "أنصار الله" (الحوثيين).
شهدت الحقبة الممتدة من 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 حتى يومنا هذا أحداثاً جساماً في المشرق العربي ومحيطه الإسلامي. شنّت أميركا- عبر الكيان الصهيوني- حرب إبادة على قطاع غزّة. توسّعت الحرب إلى كامل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة وإلى لبنان واليمن وإيران وبعض العراق، وأخذت بُعداً عالميّاً على الصعيدين السياسي والأخلاقي، وغيّرت الكثير من توجّهات الرأي العام العالمي.