
خرج اللبنانيون إلى الشوارع متحررين من قيود المذهبية والطائفية بحثًا عن هوية ضائعة منذ قيام لبنان. هؤلاء يرفعون شعارات تبدأ من عند إسقاط النظام وتنتهي عند فرصة علم أو عمل أو ربطة خبز. ماذا عن نظرة الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة للبنان في هذه اللحظة؟
خرج اللبنانيون إلى الشوارع متحررين من قيود المذهبية والطائفية بحثًا عن هوية ضائعة منذ قيام لبنان. هؤلاء يرفعون شعارات تبدأ من عند إسقاط النظام وتنتهي عند فرصة علم أو عمل أو ربطة خبز. ماذا عن نظرة الغرب وتحديدًا الولايات المتحدة للبنان في هذه اللحظة؟
لم تأت إطلالة حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة الإعلامية في ظرف عادي، بل في ظرف غير مسبوق دلّل عليه سلامة من خلال إشاراته مرات عدة إلى أننا "نمر بظرف إستثنائي"، وذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس (الإثنين) على وقع أصوات المحتجين خارج أسوار المصرف، الذين كانوا يحملونه مسؤولية ما آلت إليه أوضاع لبنان المالية والنقدية والإقتصادية، نتيجة سياسات مستمرة منذ 27 عاما، لا سيما تلك التي إنتهجها في السنوات الأخيرة؛ أي الهندسات المالية.
هو يوم المنابر السياسية اللبنانية، وإن دل على شيء، إنما على خطورة اللحظة السياسية والإقتصادية والمالية في لبنان. ما هو مستحيل عند حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، كان ممكناً عند حاكم لبنان الفعلي الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمقاربته الخيارات الكبرى للبنان، سياسياً وإقتصادياً، وصولا إلى الدعوة الأولى من نوعها لإدارة لبنان وجهه نحو الشرق، أي نحو الصين، بدلا من الغرب وتحديدا الولايات المتحدة الأميركية.
من المتوقع أن يناقش مجلس النواب اللبناني يوم الثلاثاء المقبل، إقتراح قانون للعفو العام بات مثار جدل كبير، وسط دعوات متتالية من قبل مجموعات في الحراك الشعبي إلى سد كل المنافذ المؤدية إلى مجلس النواب في وسط بيروت من أجل منع إنعقاد الجلسة إحتجاجا على إقتراح القانون المذكور.
يواجه لبنان أزمة إقتصادية ـ مالية، لم يشهد مثيلاً لها حتى في عز حربه الأهلية التي دامت خمسة عشر عاما. فقد مضى أسبوعان على إستقالة حكومة رئيس الوزراء سعد الحريري وما تزال جهود تشكيل الحكومة الجديدة تراوح مكانها، الأمر الذي إستوجب اللجوء إلى "مسكنات" للوضع المالي والنقدي.
يقال ان الكاتب يستمد خياله من الواقع. والواقع يقول لنا اليوم ان خيال الروائي العربي نجيب محفوظ يكتب احداث المنطقة العربية.
لا يحتاج أهل لبنان لمن يقدم لهم وصفات علاجية، فهم أهل السياسة والثقافة والأحزاب، وأبناء الطوائف والمعادلات الدولية، وهم أكثر من يخوض نقاشا في الشأن العام في وسائل اعلامهم. ولبنان منذ عقود في قلب الاهتمام العربي مع كل حدث يجري فيه. حدث ذلك قبل سنوات الحرب الأهلية الأليمة بسنوات وما زال يحدث إلى يومنا هذا.
في التاسع والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 209، سلم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى الرئيس اللبناني ميشال عون، كتاب إستقالته رسمياً، وأبلغه "كنت إلى جانبك طوال ثلاث سنوات من موقعي رئيسا للحكومة، والآن سأبقى إلى جانبك، سواء أكنت رئيس حكومة أم مواطناً عادياً". العبارة الأخيرة أثارت نقزة عون، ولكنه لم يعلق عليها. بعد عشرة أيام، يعود الحريري إلى القصر الجمهوري، ويخرج بتصريح مقتضب جداً. ما لم يعلنه أمام الصحافيين، قاله لرئيس الجمهورية "أنا لا أريد أن أكون رئيسا للحكومة. إبحثوا عن غيري".
ثمة سباق محموم بين محاولة إحتواء التطورات اللبنانية، بأبعادها السياسية والإقتصادية والمالية، وبين إحتمال أن يقدم طرف داخلي على قلب الطاولة، سعيا إلى منع إنزلاق الوضع نحو مرحلة أكثر خطورة.
لن ينجح بلد كلبنان في الخروج من أزمته الإقتصادية والمالية بين ليلة وضحاها، ولكن البدء بالتفكير غير التقليدي بات ضرورة ملحّة