مرت ثمانية أيام على إستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وحتى الآن، لم يبادر الرئيس اللبناني ميشال عون، بموجب الدستور، إلى توجيه دعوة إلى مشاورات نيابية ملزمة، بذريعة التفاهم على تشكيلة الحكومة مع من سيكلف بتأليفها قبل صدور مرسوم تكليفه!
مرت ثمانية أيام على إستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، وحتى الآن، لم يبادر الرئيس اللبناني ميشال عون، بموجب الدستور، إلى توجيه دعوة إلى مشاورات نيابية ملزمة، بذريعة التفاهم على تشكيلة الحكومة مع من سيكلف بتأليفها قبل صدور مرسوم تكليفه!
فرض مشهد الأسبوعين الماضيين واقعاً روتينياً على الجميع، فيه الكثير من الإنفعال والقليل من التفكير، فأصبحنا جميعاً محلّلين نحكم على كل المواضيع حتى وإن كنا لا نعرف منها شيئاً أو حتى القليل منها.
شرع التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل في إستخدام أسلحته الإحتياطية الإستراتيجية في مواجهة خصومه المسيحيين في الداخل اللبناني، ولا سيما حزب القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع وحزب الكتائب اللبنانية برئاسة سامي الجميل وتيار المردة برئاسة سليمان فرنجية، كما في مواجهة رئيس الوزراء البناني المستقيل سعد الحريري في معركة تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة.
بعد أسبوع على إنطلاق الثورة في لبنان، غرّد نسيم طالب، المتخصص في علم الإحتمال والرياضيات، راسمًا هيكلية الحراك على شكل شبكة (مثل شبكة صيد)، معتبرًا أن بإستطاعة الفوضى خلق هيكلية ومنظومة عمل مرنة من الصعب ضربها. أما بعد إستقالة أول حكومة للعهد تحت ضغط الشارع، فهل بإمكان هيكلة "الشبكة" تلبية المتطلبات الجديدة للثورة؟
خصّص الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله معظم خطابه اليوم (الجمعة) للحراك الشعبي الأخير وتداعيات سقوط حكومة سعد الحريري.
ما أن قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إستقالة حكومته، حتى إنتقل النقاش إلى مربع من سيكلف برئاسة الحكومة الجديدة وماذا ستكون طبيعة الحكومة الجديدة، سياسية أم تكنوقراطية أم مزيجا من الإثنتين.
غالى أهل الانتفاضة الشعبية اللبنانية في وصف ما قاموا به على مدى أسبوعين بـ"الثورة"، وغالى الخائفون مما يجري في وصفه بـ"الانقلاب" أو "المؤامرة"، وها هو لبنان يستعيد شيئا فشيئا مبارزة الشارع، قبيل الاتفاق على شكل ومضمون التسوية السياسية المقبلة.
اعتاد بعض الإعلام اللبناني ربط أي حدث لبناني بطاولة المفاوضات الدولية او رقعة المناوشات الإقليمية، لكن الحراك الشعبي لم يُسبغ عليه البُعد الخارجي إلا في سياق إتهام جهات خارجية بمحاولة استثماره وتحويل اتجاهه من إجتماعي إلى سياسي.
خلصت دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل بتاريخ 25 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، الى أن استقالة الحكومة اللبنانية برئاسة سعد الحريري لا تنبئ بتغيير عميق، لكنها ستؤدي مرة أخرى إلى الركود وعدم استقرار النظام السياسي.
إنتهت التسوية الرئاسية. لن يكون سعد الحريري رئيسا للحكومة طوال عهد الرئيس اللبناني ميشال عون. مَنْ قلب المعادلة هو الحريري صاحب المصلحة في إستمرارها، فرئيس الجمهورية لا يتزحزح من مقعده طوال ست سنوات، أما رئيس الحكومة، فقد يكون عمر حكومته يوما واحدا أو بضع سنوات.