
في مختبر الانهيار اللبناني، تتحول التكنولوجيا والمؤسسات الدينية إلى أدواتٍ وجودية تعيد تعريف مقوّمات الحياة اليومية. إذ لم تعد الهواتف الذكية مجرد وسائل اتصال، بل صارت أوراق اعتمادٍ للوجود الاجتماعي والاقتصادي.
في مختبر الانهيار اللبناني، تتحول التكنولوجيا والمؤسسات الدينية إلى أدواتٍ وجودية تعيد تعريف مقوّمات الحياة اليومية. إذ لم تعد الهواتف الذكية مجرد وسائل اتصال، بل صارت أوراق اعتمادٍ للوجود الاجتماعي والاقتصادي.
يكثر أهل السلطة الجديدة في لبنان من الحديث عن الإصلاح، والحقيقة أنه ما حلّ عهد جديد، رئاسي أو وزاري، في لبنان إلا وكانت الأولوية في خطابه للإصلاح. نادراً ما عرض القادمون الجدد برنامجاً للإصلاح، عدا الرئيس الشهيد رفيق الحريري في حكومته الأولى. لكن أهم ما عنده أنه كان يعتبر الإصلاح ليس إعادة ترتيب هيكلية السلطة وكوادرها وحسب، ولا محاربة الفساد وحسب، بل هو أساساً في الشغل والإنتاج.
قليلون هم الذين يُميّزون بين الدولة ونظام الحكم في مجتمعاتنا المعاصرة، حتى عند النخب الثقافية. لكن ذلك ضروري من أجل فهم ما نحن عليه وما نحن فيه، وفي أية مرحلة من التطوّر نحن، علماً أن المراحل تتداخل وتتشابك. فالقديم الذي يتم تدميره لا يختفي ليحل مكانه ما هو جديد تماماً، بل يتشابكان بتداخل القديم والحديث، وفي غالب الأحيان يكون كلاهما على درجة من التفتت والتمزق، بحيث يصاب المجتمع بالعجز وتنزل به الهزائم.
الخلط بين الدولة والنظام هو من بقايا ما قبل الحداثة. ليست الحداثة خياراً. هي ما يفرضه علينا النظام العالمي. فإما أن نأخذ ما يُفرض علينا مع نظام سياسي مؤداه الدولة، أو نأخذ الحداثة مع استبداد يجعل المجتمع مهمشاً، ويعيد الدولة مجرد نظام، والمواطنين مجرد رعايا. والسياسة تقتصر على العمودية، أي التنافس على الزعامة والوجاهة، دون السياسة الأفقية بما تعنيه من تعاون، أو وهم التعاون.
وسط التحديات الراهنة، أطلّ عيد الفطر على اللبنانيين مثقلًا بالهموم السياسية والاقتصادية والأمنية. في العادة، يحمل العيد معه شيئًا من الفرح والطمأنينة، لكنه اليوم يأتي ليُذكّر اللبنانيين بأن وطنهم ما يزال عالقًا في دوامة الأزمات. إنه عيد بلا ملامح، تمامًا كبلد فقد القدرة على تحديد مصيره وسط التجاذبات الدولية والإقليمية.
قبلَ قرْنٍ ونيِّفٍ كان لبنان. إنشاؤُهُ تمَّ بتسويةٍ فرنسيةٍ-بريطانية ضمن سايكس – بيكو. وُلِدَ الكيانُ أشْوهَ. وَنَمَا مشوَّهاً.. وعندما أعلنهُ الجنرال الفرنسي غورو من بيروت أثارَ الانقسامَ فوراً.
المجتمع المفتوح الذي يسود فيه النقاش والحوار هو مجتمع السياسة، وهو في آن معاً مجتمع الإرادة. دون هذه الإرادة يتفسّخ النظام السياسي ويصير مهلهلاً. تتفكك المرافق العامة، تتبلّد البيروقراطية، ويؤول الوضع الى دولة فاشلة كما هو الوضع في لبنان وكثير من البلدان العربية. ليس المجتمع فيها أقوى من الدولة.
الشرق الأوسط منطقة زلزالية بامتياز. فيها تلتقي الفوالق الصراعية. الأميركية الصينية. الأميركية الروسية. الأميركية الإيرانية. الإيرانية العربية. العربية الإسرائيلية. الإيرانية الإسرائيلية إلخ.. تعالوا نتأمل في أحوال منطقتنا والعالم.
يُحدّد المرء هويته بالآخر (هو)، أي بالعلاقة به. مجموع العلاقات بين الآخرين هو المجتمع. الإطار الناظم للمجتمع هو الدولة. لا شرط على الدولة، فهي شرط لما عداها، كأن تكون قوية أو عادلة أو غير ذلك. لا تستقيم الهوية إلا بالدولة، وتحديداً الدولة الحديثة. فما قبل الحداثة لم يكن لهذا البحث صلة.
السياسة العمودية مبتذلة يغلب عليها طابع طاعة التابع لمن هو أعلى منه، وتآمر وتسلّط المتبوع على من هو أدنى منه. ليس هناك تشاور أو نقاش أو حك دماغ في قضايا صغرت أو كبرت. الأهم هو إرضاء الزعيم كبش الطائفة.