إذا كان لا بد من تسبيب مراوحة أزمة لبنان مكانها منذ أكثر من سنتين، فسيأتي المصرفيون على رأس قائمة المتسببين بإجهاض الحلول بلا منازع. فإذا بالبلد عالق في شرنقة مصالح كبيرة لفئة قليلة، ولا عزاء للملايين الآخرين.
إذا كان لا بد من تسبيب مراوحة أزمة لبنان مكانها منذ أكثر من سنتين، فسيأتي المصرفيون على رأس قائمة المتسببين بإجهاض الحلول بلا منازع. فإذا بالبلد عالق في شرنقة مصالح كبيرة لفئة قليلة، ولا عزاء للملايين الآخرين.
أجرى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تدقيقاً خاصاً به، ليستنتج لوحده أن الدولة اللبنانية كبّدت و/أو أخذت من مصرف لبنان بين 2010 و2021 نحو 62.67 مليار دولار. وقال في مقابلة تلفزيونية الأسبوع الماضي إنها من "دولارات البنك المركزي". فهل سلامة يتلاعب بالأرقام ويُضلّل، أم يقول الحق المجلجل؟
ما يحدث في لبنان ليس طبيعياً. من غير المفهوم أنه على مدى أكثر من عامين وحكومتين متتاليتين منذ بداية واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في التاريخ والتي نجمت عن سوء الإدارة والفساد، لم يتم اتخاذ أي إجراء تصحيحي فحسب، بل تم اتخاذ تدابير عكسية أدّت إلى تضخيم الأزمة.
يبدأ اليوم وفد من صندوق النقد الدولي جولة ثانية من المناقشات مع حكومة نجيب ميقاتي بشأن برنامج إصلاحي مرتبط بقرض إنقاذي من الصندوق. وتطمح الحكومة إلى خطب ود الصندوق هذه المرة للحصول على "إطراء" ما، حتى لو لم يحصل خرق يشكل فرقاً في أي من الملفات الإصلاحية المطروحة.
تمارس الحكومة اللبنانية عملية غش موصوفة. تحاول حرف الأنظار الى خسائر دون أخرى بعدما أعلنت أنها 69 مليار دولار فقط، وسرّبت انها ستعالجها على مدى 15 سنة و"يا دار ما دخلك شر"!
أعلنت الحكومة اللبنانية، أمس، أنها بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وقال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي إن النقاش "سيُركز خلال أسبوعين على الموازنة والقطاع المصرفي وسعر صرف الليرة وميزان المدفوعات وقطاع الطاقة والحوكمة ومساعدة العائلات الفقيرة، وغيرها من الموضوعات التي ستشكل العناصر الأساسية لبرنامج التعافي الاقتصادي".
مجدّداً، ضمن مسلسل المصطَنع والاصطِناع، هناك دائماً من يستخدم مصطلح "السّعر الحقيقي" للدّولار مقابل اللّيرة اللّبنانية، موهِماً، عن قصدٍ أو عن غير قصد، وكأنّ هناك "سعراً حقيقيّاً" للدّولار مقابل "سعر السّوق" الحالي (المسمّاة بالسّوق السّوداء). هذا الأخير يكون بذلك مجرّد سعر وهمي يُخفي السّعر.. الحقيقي.
ستحتدم المعارك في لبنان أكثر كلما اقتربت ساعة الحقيقة. ساعة يؤجل أوانها السياسيون والمصرفيون ومعهم حاكم مصرف لبنان ريثما ينفد كل واحد منهم بريشه اذا استطاع الى ذلك سبيلاً. الفصل الأخير من المعارك كان حول مشروع قانون ضبط السحوبات والتحويلات وتنظيمها، أو ما يعرف بمشروع "الكابيتال كونترول".
أضاع لبنان أكثر من سنتين من دون التوصل إلى حلول مقنعة وعادلة لإحدى أكبر الأزمات الاقتصادية والمالية في التاريخ الحديث، ما دفع بممثلين للأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين إلى القول، في مناسبات مختلفة، إن ما يحصل "متعمد من طبقة سياسية وطائفية ومالية ومصرفية ترفض تحمل مسؤولياتها".
هل تتحمل حكومة نجيب ميقاتي ارتفاعاً اضافياً في سعر صرف الدولار؟ وماذا في جعبة "النجيب" لمواطنين فقراء يتوقون بلوعة الى ارتفاع ما في قدرتهم الشرائية المنهارة حتى 90 في المائة؟ وما بحوزته للتأثير في العوامل الداخلة في معادلات تحديد سعر العملة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي للمديين القصير والمتوسط؟