
السؤال الأبرز الذي يجب أن نسأله اليوم هو الآتي: الحكومة في لبنان، هل هي عبارة عن مؤسسة رسمية دستورية أم أنها مجلس طوائفي لتقاسم السلطة على أساس المحاصصة؟
السؤال الأبرز الذي يجب أن نسأله اليوم هو الآتي: الحكومة في لبنان، هل هي عبارة عن مؤسسة رسمية دستورية أم أنها مجلس طوائفي لتقاسم السلطة على أساس المحاصصة؟
يطوي الرئيس المُكلف تشكيل الحكومة القاضي نواف سلام بعد غدٍ الإثنين الأسبوع الثاني من عمر تكليفه ويطوي معه موجة عارمة من التفاؤل بثها التكليف غداة انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية قبله بأيام قليلة. وتنطوي غداً (الأحد) مهلة الستين يوماً التي نصّ عليها اتفاق وقف النار بين لبنان و"إسرائيل" من دون أن تنسحب الأخيرة من قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان.
مع كل استحقاق لتشكيل حكومة جديدة في لبنان، تبرز النقاشات حول طبيعة الحكومة المرتقبة: هل ستكون سياسية، تكنوقراطية، أم تكنو-سياسية؟
لم تكن تسمية نوّاف سلام رئيساً مكلّفاً بتشكيل الحكومة الأولى في عهد الرئيس العماد جوزاف عون، الحدث الأوحد في لبنان منذ أكثر من أسبوع، بل شكّل"غضب" كل من رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس كتلة حزب الله النيابية محمد رعد، الحدث الأبرز الذي رافق العملية الحكومية الانتقالية.
"الأساس في الإصلاحات السياسية التي طال انتظارها هو العمل في آن واحد على تنفيذ أحكام الطائف التي لم تنفذ بعد، وعلى تصحيح ما نُفّذ منه خلافاً لنصّه أو روحه، وعلى سد ثغراته. وهذا لا يتحقّق من دون العمل على تطبيق اللامركزية الإدارية الموسّعة، ومن دون سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات أمنية فاعلة".
الميثاقيةُ في لبنان هلاميّةٌ. السريعةُ الانزلاقِ إلى المآزق.بدأتْ ستاراً طائفيَّاً مع حكومة رياض الصلح وبشارة الخوري عام 1943. ولم تتخلَّصْ من هذا الداء قط. باتت أمراً واقعاً يصعُبُ من دونها تصوُّرُ حياة سياسية في لبنان. ويستحيلُ التخفُّفُ منها، والانتقالُ من ميثقيّةِ الطوائفِ إلى ميثاقيّةِ المواطنين إلّا بمعجزة مدنية - وطنيّة، وهذا ما ليس متوافراً الآن.
مع التوصل إلى اتفاق لوقف اطلاق النار في غزة، وقرب انتهاء مهلة الستين يوماً لانسحاب جيش الإحتلال الإسرائيلي من الشريط الحدودي الذي احتله في قرى الحافة الأمامية في جنوب لبنان، تنبري أسئلة ومقاربات داخلية كثيرة.
ساعتان من فجر يوم الإثنين في الثالث عشر من كانون الثاني/يناير 2025 غيّرتا مجرى الاستشارات النيابية المُلزمة التي أجراها الرئيس اللبناني جوزاف عون لتكليف رئيس جديد لأولى حكومات عهده، وكانتا كفيلتين بنقل التكليف من نجيب ميقاتي إلى نوّاف سلام.. وإطلاق شرارة أزمة حكم وحكومة منذ الأسبوع الأول للعهد.
أصغيت بدقة إلى خطاب الرئيس اللبناني الجديد العماد جوزاف عون، بعد فراغ مديد تعايشنا معه، وأطربني الحلم السياسي المستحيل، لا بل سرقني الخطاب ودعاني لأن أسكر قليلاً وآمل كثيراً إلى أن انتابتني تساؤلات متتابعة:
لم تكن انتخابات فخامة الرئيس جوزاف عون لسدة الرئاسة تشبه غيرها في الشكل وفي المضمون. فلأوّل مرة ربما، يلتقي التوافق أو بالأصح، تجد الوصاية العربية والدولية إجماعاً وترحيباً شبه كاملين من معظم اللبنانيين ليقينهم بأن الطبقة السياسية الحالية تفتقد للمسؤولية الوطنية لإتمام الإستحقاق الرئاسي، والشواهد كثيرة بدءاً من الفشل في انتخاب الرئيس لأكثر من سنتين، وليس انتهاءاً بالانهيار السياسي والاقتصادي والاجتماعي المُمنهج.