
لم يعش بلد ما عاشه لبنان من انخراط في لعبة الأمم ولم يخضع بلد لتجاذب إقليمي، كما خضع ويخضع لبنان، في إنتظار صياغة التفاهمات او التوافقات او الاتفاقات الكبرى.
لم يعش بلد ما عاشه لبنان من انخراط في لعبة الأمم ولم يخضع بلد لتجاذب إقليمي، كما خضع ويخضع لبنان، في إنتظار صياغة التفاهمات او التوافقات او الاتفاقات الكبرى.
في الشكل، بدا رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كأنه يفتح الأبواب بإستعانته بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بوصفه "صديقا"، وصولاً للقول له "أقبل بما تقبل به أنت لنفسك. هذا آخر كلام لي بالحكومة"، لكن أبعد من الشكل، ماذا يمكن أن يحتمل هذا الكلام في طياته؟
أن يُعلن سعد الحريري "التكامل" مع نبيه بري ويقول "سعد الحريري يعني نبيه بري ونبيه بري يعني سعد الحريري" فهذا يشتق وجهة جديدة في الصراع السياسي اللبناني: إصطفاف إسلامي يرأب الصدع السُني ـ الشيعي الذي استطال زمناً، مقابل إصطفاف مسيحي يُنعشه ويغذيه جبران باسيل بدعوى "حقوق المسيحيين"!
لو إفترضنا أن مراسيم تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة سعد الحريري، ستذاع هذه الليلة، هل يشي مناخ التأليف، بكل تفاصيله وأفخاخه بوجود نوايا إيجابية تضع البلد على سكة التعافي الإقتصادي والمالي والتحضير للإنتخابات النيابية المقبلة؟
لبنان يعيش حالة فوضى سياسية وإقتصادية ومالية وقضائية عارمة. لبنان على أبواب فوضى إجتماعية ستتحول إلى قلاقل متنقلة وحراك عنفي لا يشبه أبداً ما حصل في 2015 و2019. لكأن هناك من يريد حرق المراحل والدفع بسرعة نحو الإنفجار الكبير.
أوحت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري إلى القصر الجمهوري، اليوم (الإثنين) بتحريك المياه الراكدة في بركة تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة. هذا الإنطباع تبدده وقائع المشاورات التي سبقت الزيارة.
أبرزت المبادرة الفرنسية وقوف اللبنانيين أمام أزمة نظام عميقة ومستعصية. أما في التفاصيل اللبنانية، فقد أصيبت المبادرة بتصدع مُذ أسقط ثنائي "حركة أمل ـ حزب الله" مهلة التشكيل التي كانت مُعطاة وصولاً إلى إستدعاء سعد الحريري "العنصر الطائفي"، على ما قال رئيس فرنسا ايمانويل ماكرون في مؤتمره الصحافي اللبناني أمس (الأحد).
يتنازع أهل الحكم في لبنان حول تشكيل الحكومة العتيدة إستناداً إلى المبادرة الفرنسية التي قرأها كل طرف بشكل مختلف عن الآخر، وأعينهم مصوبة إلى لعبة شد الحبال الدائرة في المنطقة ببعديها الإقليمي والدولي وصولا إلى الانتخابات الأميركية.
إستهدفت العقوبات الأميركية للمرة الأولى شخصيتين محسوبتين على نبيه بري وسليمان فرنجية: علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. ما هي أبعاد هذه الخطوة الأميركية ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟
يروي المساعد السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل في كتابه "صفحات مجهولة من حرب تموز" أن الرئيس نبيه بري قال للسيد حسن نصرالله في أول لقاء جمعهما في أيلول من تلك السنة "في السياسة، نعم نحن إنتصرنا يا سيد (على إسرائيل) والعالم لن يستطيع أن ينكر هذا.. ولكن في لبنان هناك من يصر على التنظير لمنطق الهزيمة ولا يريدك أن تكون في مظهر المنتصر".