
هذه هي الزيارة الخامسة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وعنوانها يتمحور حول تداعيات حرب غزة وصورة "اليوم التالي" لها، الأمر الذي ترفض تل أبيب حتى الآن تقديم أي مقاربة محدّدة له.
هذه هي الزيارة الخامسة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى المنطقة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وعنوانها يتمحور حول تداعيات حرب غزة وصورة "اليوم التالي" لها، الأمر الذي ترفض تل أبيب حتى الآن تقديم أي مقاربة محدّدة له.
مع شيء من المجازفة يمكن القول إنّ المجال الجيوسياسي الإيراني المفتوح على أوراسيا، يُمثّل العُمق الاستراتيجي لعمليّة "طوفان الأقصى"، وقد تجلّت أولى خطواتها بإعادة بناء إستراتيجيّة التحرير الفلسطينيّة في هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر وكشف الضعف القاتل للنظام الأمني الإسرائيلي. ولنا الدليل في العلاقات الوثيقة لإيران مع حركات المقاومة الفلسطينيّة، وما تقدّمه طهران لهذه المقاومة من إسناد بالسلاح والمال والعتاد، فضلاً عن حلول لتوسيع هامش الحركة وتجاوز الحصار والموانع الإسرائيليّة والأميركيّة.
"معركتنا لم تصل إلى مرحلة الانتصار بالضربة القاضية، ما زلنا نحتاج إلى وقت، حتى نكون واقعيين، ولكنّنا ننتصر بالنقاط، ننتصر ونغلب بالنقاط"؛ هذا ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر، وهو الأول له بعد إندلاع حرب "طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
أشهر ثلاثة مرت على انطلاق الحرب الإسرائيلية على غزة. وبقدر ما يمر الوقت بقدر ما يثبت غرق إسرائيل فى «مستنقع غزة» إذا ما تذكرنا الأهداف التى رفعتها إسرائيل فى تلك الحرب من إلغاء "حماس" فى القطاع أو إخراجها كليا من «الملعب» والسيطرة الأمنية على القطاع.
يُسابق وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن الزمن لمنع حرب غزة من التحول انفجاراً إقليمياً يجر الولايات المتحدة إلى مواجهة مباشرة مع إيران، الأمر الذي تمكنت واشنطن وطهران من تجنبه في الأشهر الثلاثة الأخيرة.. لا بل في السنوات الأربع الأخيرة التي أعقبت اغتيال الجنرال قاسم سليماني.
عندما قارب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الصراع مع العدو الصهيوني بالقول إنه لن ينتهي في هذه الجولة بل يُحسم بالنقاط وليس بالضربة القاضية، كانت قيادة العدو تحسب كلماته بميزان من ذهب، فقررت أن تذهب معه إلى "حرب النقاط" لتتمكن من تسجيل عدة نقاط لمصلحتها، ففي أقل من ثلاثة أسابيع اغتالت القيادي في الحرس الثوري الإيراني رضي الموسوي في دمشق والقيادي في "حماس" صالح العاروري ورفاقه في الضاحية الجنوبية لبيروت فيما تولت الولايات المتحدة اغتيال أحد قادة "حركة النجباء" العراقية في قلب بغداد.
مثّل اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" صالح العاروري خشبة خلاص لعدو غارق في وحل غزة، فتعمّد اختيار شخصية توازي في أهميتها "الحماسية" محمد ضيف ويحيى السنوار ومروان عيسى، وتعمّد أيضاً، اختيار المكان والتوقيت المناسبين، بحسبه، لكي يصطاد أكثر من عصفور برشقة صاروخية واحدة.
في كتابه "انهض واقتل اولا، التاريخ السري لعمليات الاغتيال الإسرائيلية"، يروي الكاتب رونين بيرغمان في فصل بعنوان "الحرب الشاملة"، ابرز الاحداث التي حصلت في العام 2000 وتركت بصمتها العميقة في تاريخ الصراع العربي "الإسرائيلي".
ميزة الكاتب الإسرائيلي رونين بيرغمان أنه صحافي إستقصائي ومقرب من مصادر القرار العسكري والأمني والإستخباراتي في إسرائيل وهو مؤلف كتاب "إنهض واقتل أولاً" الذي يروي سيرة عمليات الإغتيال الإسرائيلية منذ نشأة الكيان العبري حتى عملية إغتيال القيادي في "حماس" محمود المبحوح في دبي في العام 2010. ماذا يقول بيرغمان عن إغتيال القيادي في "حماس" صالح العاروي في ضاحية بيروت الجنوبية؟
كان القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري على رأس قائمة الإستهداف الإسرائيلي في الخارج، حتى قبل "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكن بعد هذه العملية أصبح اغتياله هدفاً مشخَّصاً من جانب العدو بهدف الإنتقام من قيادات المقاومة التي كان لها نصيب في العملية، من وجهة نظره، وللحاجة الضاغطة الى تسجيل إنجازات ملموسة لا تُهضم في الشارع الاسرائيلي إلا عبر أداة تصفية قيادات المقاومة.