تتالت الأنباء عن اندلاع اشتباكات متجدّدة بين قوى عسكرية لعشائر عربية عبرت نحو الضفة الشرقية لنهر الفرات، وبين قوات "قسد" المختلطة من قيادات كردية وعناصر من عشائر عربية أيضاً، في منحى جديد للصراع المندلع في إقليم غرب آسيا.
تتالت الأنباء عن اندلاع اشتباكات متجدّدة بين قوى عسكرية لعشائر عربية عبرت نحو الضفة الشرقية لنهر الفرات، وبين قوات "قسد" المختلطة من قيادات كردية وعناصر من عشائر عربية أيضاً، في منحى جديد للصراع المندلع في إقليم غرب آسيا.
يستمر تراشق الاتهامات حول انتهاك تفاهم "منع التصادم" بين القوات الأميركية ونظيرتها الروسية العاملتين في سوريا، لكن يبدو من الصعب تحديد الجهة المسؤولة عن هذا التصعيد ودوافعها وأهدافها.
في الوقت الذي كان المجتمع الدولي والإقليمي منشغلاً في الحدث السوداني، عُقد في موسكو اجتماع مهم شارك فيه وزراء دفاع كل من روسيا وتركيا وإيران وسوريا، بالإضافة إلی مسؤولين كبار في الأجهزة الأمنية لهذه الدول.
من الملفت للنظر، ما عبَّر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في إثر إطلاق النقاط الست عشرة، حول الاستراتيجية الجديدة للخارجية الروسية، بعد أن وقَّع عليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صباح 31 آذار/مارس، والتي لم تغب عنها سوريا، ضمن مجموعة الدول، التي ستعمل معها، والمبنية على تعزيز أواصر التعاون والدفاع.
ما يحدثُ في منطقة الجزيرة السورية وشمال العراق من متوالية أحداث سياسية وعسكرية، يجعل الحدثَ الإقليمي أكثر "لا يقينيةً" وغموضاً، إذ تجري أمور من الصعب توقعها أو تدبير استجابات مناسبة حيالها، مثل أن "يتحول الموقف" بين الولايات المتحدة وتركيا، تنافراً، لكن من دون قطيعة، وتقارباً، لكن من دون توافق تام.
لم تبد الإدارة الأميركية ردة فعل واضحة على التصعيد الذي قامت به "قسد" مؤخراً في مدينتي الحسكة والقامشلي ضد الحكومة السورية، والذي إنتهى بانسحاب كردي من مناطق الاحتكاك، وإعادة فتح قنوات التواصل مع دمشق بوساطة روسية.
ثلاثة أسابيع مرت على إعلان الفصائل السورية الموالية لتركيا بدء هجومها على منطقة عين عيسى في ريف الرقة التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" بهدف السيطرة عليها، من دون أن تحقق تقدماً يذكر، حيث اكتفت أنقرة وفصائلها بالسيطرة على قريتين فحسب، وادخلت نفسها في معركة استنزاف في موازاة معارك سياسية تشهدها منطقة شرق الفرات في ظل مناخات دولية وإقليمية متحركة.
على مساحة واسعة من البادية السورية ينتشر مقاتلو "داعش" داخل مغارات ومراكز سرية في الحواف الجبلية الصخرية بعيداً عن رقابة طائرات الاستطلاع ومراصد الجيش السوري، حيث تشير المعطيات الحالية إلى أن التنظيم الارهابي تمكن من لم شمل قواته التي كانت متناثرة ضمن جيوب متفرقة بعد الحملات العسكرية التي تمكنت من إنهاء نفوذه في المدن والمحافظات السورية التي كان يسيطر عليها.
تراجعَ إيقاعُ العمليات العسكرية في سورية، إلا أن الحرب رغم ذلك لا تزال تمثل "الإطار الإرشادي" أو "المرجعي" لكل ما يجري في الحدث السوري والإقليمي. هذا يعني أن ليس ثمة نهاية قريبة للحرب، وأن وجود روسيا في سورية سوف يمتد إلى أمدٍ غير معلوم، بكل الدلالات والفرص والتحديات الملازمة لذلك، لدى الروس والسوريين على حد سواء.
ما وقع عليه مجلس سوريا الديمقراطية (مسد) وحزب الإرادة الشعبية، الاثنين الماضي، في موسكو، تحت مسمى "مذكرة تفاهم"، يصلح أن يكون بحدّ ذاته دليلاً على حجم التعقيدات السياسية في منطقة شرق الفرات، ومدى صعوبة فهم المعادلات القائمة بين اللاعبين الدوليين ووكلائهم المحليين.