تطوي الإنتفاضة اليوم الأحد 25 كانون الثاني/ يناير مئويتها الأولى. الساحات والإرادات والحناجر والشعارات تشي كأن الإنتفاضة في يومها الأول.
تطوي الإنتفاضة اليوم الأحد 25 كانون الثاني/ يناير مئويتها الأولى. الساحات والإرادات والحناجر والشعارات تشي كأن الإنتفاضة في يومها الأول.
100 يوم ولم تهدأ الحناجر. راهنوا على الوقت وعلى الدم والخوف وشد العصب الطائفي.. ولم ينجحوا . ماذا بعد؟
كل شيء بات مكشوفاً في مدّة زمنية لا تتجاوز الثلاثة شهور. كل شيء. ما كان خفيّاً تجلّى، وما كان مكبوتاً تعرّى، وما كان ظاهراً أضحى أكثر وضوحاً بعد أن انتظم في وَحدة موصوفة.
قرر "عبقري ما" في الجمهورية إخراج الطائر النادر من طربوشه السحري، فقدّم للشعب اللبناني حسان دياب، المكلف بصنع وزارة موديل 2020، "الحلّ الأنسب للبنان". زدْ على ذلك، هُوَ مُجَسَّد الإنتقام و"البديل الناجح" لسعد الحريري. سلاحه عناده. حائط نووي بإمتياز. "هُم"، بِيَدِهِم عصفورٌ استثنائي، جامعي، أكاديمي. ربطة عنق. وجهٌ يُضيّعُ الناظر إليه. لا يعارض الحريري ولا حزب الله. لا يعارض أميركا ولا سوريا ولا إيران ولا السعودية. هو كاره للحريرية والميقاتية ولكل بيت أو شخصية أو دولة أو أمة يمكن أن تصد طموحه، فكيف إذا كان طامحاً بلا حدود؟ "زيحوا من طريقه"، قالها أحد عارفيه في الجامعة الأميركية.
بعد ثلاثة وثلاثين يوماً على تكليفه بتشكيل وزارته الأولى، أصبح حسان دياب، اليوم الثلاثاء في 21 كانون الثاني/يناير 2020، أول رئيس للحكومة يأتي من خارج النادي التقليدي، العائلي والسياسي، لرؤساء الحكومات منذ الطائف حتى الآن. سبقه، لكن ليس بالطريقة نفسها، بل بتغطية حريرية، فؤاد السنيورة في العام 2005 وتمام سلام، في العام 2014، مع أن الأخير ينتمي إلى بيت سياسي بيروتي، ووالده رئيس الوزراء الراحل صائب سلام.
لمناسبة مرور عدة أسابيع على إنطلاقة الحراك وإستقالة حكومة سعد الحريري، كتب الخبير المالي والإقتصادي الدكتور غازي وزني مقالة لموقع ومجلة 180، بعنوان "إما إنقاذ لبنان أو إنهياره". نعيد نشره اليوم، لمناسبة تسمية وزني وزيراً للمالية في حكومة حسان دياب.
لا يستطيع أحد في لبنان أن ينزع عن الحراك الشعبي الذي بدأ شهره الرابع، طابعه الإجتماعي المحق. غير أن هذا الإقرار بالمشروعية، لا يجعل بعض المؤسسات، وتحديداً الأمنية، تغمض عيونها، لا سيما وأن تجارب بلدان أخرى، مثل لبنان، أبرزت إمكان دخول قوى ومجموعات على خط هكذا أنواع من الحراك، بعضها مشروع في السياسة، وبعضها الآخر، "يستبطن عناوين أمنية تمس الأمن القومي لهذا البلد أو ذاك"؟
إذا إفترضنا حسن النية، يمكن القول إن سلوك فريق الأكثرية النيابية الحالية (8 آذار/مارس) ينم عن خلل كبير في الإدارة السياسية. تأليف حكومة اللون الواحد يفسح في المجال أمام إستنتاج أن هؤلاء ليسوا عبارة عن "بيت بمنازل كثيرة"، بل منازل بحسابات متعددة، والأخطر أن لا ثقة بين كل هذه المكونات، برغم ما يوحي به ظاهر الأمور. هل هناك من تفسير آخر؟
هذه محاولة لطرح أفكار قد تعيد تزخيم الانتفاضة الشعبية في لبنان، على عتبة المائة يوم.
ليس بالضرورة أن تُخاض المواجهات المعاصرة بمنطق الحروب الصناعية الصرفة. تبدّلات كثيرة طرأت على هياكل الحروب وأدواتها مع دخول التكنولوجيا ووسائل الإكراه الناعمة. إختفت النهايات الفرضية والنتائج المطلقة إلى حد كبير. كل الدول وحتى التنظيمات "غير دولتية" تُطوّر آليات التأقلم مع "الحروب المهذبة" التي تستخدم وسائل لا عنفية لتنفيذ أهداف استراتيجية.