“هآرتس”: حزب الله يُلحق الضرر بتفوق إسرائيل العسكري

Avatar18005/08/2022
كتب المحلل السياسي المختص بشؤون لبنان والشرق الأوسط في "هآرتس" عاموس هرئيل مقالة تناول فيها "رياح التفاؤل المفاجئة" التي هبّت، مؤخراً، على المفاوضات الثلاثية بين إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة حول ترسيم الحدود البحرية.

“بعد بضعة أسابيع من الذعر وحتى القليل من التهديد بالحرب يبدو أن الطرفين قريبان الآن أكثر من أي وقت مضى من الاتفاق.
هذه تقديرات المستوى السياسي في بداية الأسبوع. وسُمعت أقوال مشابهة أيضا في محيط الوسيط الأميركي، عاموس هوكشتاين، بعد محادثاته مع ممثلي الحكومة في بيروت.
هل الأمين العام لـ”حزب الله”، (السيد) حسن نصرالله، الذي كسب الكثير في الاستطلاعات بفضل التهديدات الأخيرة بالمس بحقل “كاريش”، سيكتفي بهذه التفاهمات؟ وهل سينسب لنفسه إنجازات لبنان في المفاوضات ويعلن استمرار صيف هادئ؟. ابقوا معنا.

خطر التصادم
حتى لو تم حل مشكلة الحدود البحرية وأمكن البدء بحفريات الغاز في “كاريش” في الشهر المقبل من دون تشويش زائد، فإنه من الصعب تجاهل الانطباع بأنه حدث، مؤخرا، تغيير أساسي نحو الأسوأ في الظروف على طول الحدود البرية وفي الوضع في سماء لبنان. جزء من الأمور يظهر في الجولات في المنطقة. وعن التطورات الأخرى يمكننا أن نعرف من تصريحات رسمية لوسائل الإعلام ومن التقرير الدوري لقوة “اليونيفيل” الذي تم تقديمه في الشهر الماضي لمؤسسات الأمم المتحدة في نيويورك.
القاسم المشترك، في البر وفي البحر وفي الجو، يتمثل بمقاربة عدوانية ومتشددة أكثر من قبل “حزب الله”، مع الاستعداد أكثر مما في السابق للمخاطرة بتصادم.
يبدو أن إسرائيل حذرة في ردودها لكي لا تسمح بأن يتصاعد الأمر. ولكن حتى هذا التغيير يمكن أن تكون له تداعيات. تقليص حرية عمل سلاح الجو في سماء لبنان يمكن أن يقلل الجمع الفعال للمعلومات الاستخبارية عن نشاطات “حزب الله”، وأن يضعضع ثقة إسرائيل بموثوقية المعلومات، التي تعمل بالتحديد كعامل كابح ضد التصعيد.

آساف أوريون: الظروف العملياتية تغيرت في غير صالح إسرائيل، وهذه الظروف تصعب على جهود الاستخبارات وتزيد الإمكانية الكامنة لحدوث نزاع أوسع مع “حزب الله”

المس بحرية العمل

في شباط/فبراير، قال نصرالله إنه بفضل منظومات الدفاع الجوي، التي تزود بها حزبه تم تقليص النشاطات الإسرائيلية. وقال إننا في البقاع وفي الجنوب لم نشاهد طائرات إسرائيلية مُسيرة في هذه الأجواء منذ بضعة أشهر. وأضاف ادعاء أبعد من ذلك يقول بأن الجيش الإسرائيلي لم يعد قادراً على فعل أي شيء ضد نشاطات “حزب الله” لإنتاج صواريخ دقيقة على أراضي لبنان.
اعترف قائد سلاح الجو السابق، الجنرال عميكام نوركين، في نيسان/أبريل في مقابلة أجرتها معه قناة “كان” بأنه تضررت حقا حرية العمل في لبنان. في حين أن العميد احتياط آساف أوريون كتب مقالة الشهر الماضي في موقع “معهد واشنطن” جاء فيه بأن الظروف العملياتية تغيرت في غير صالح إسرائيل، وهذه الظروف تصعب على جهود الاستخبارات وتزيد الإمكانية الكامنة لحدوث نزاع أوسع مع “حزب الله”،
وأشار أوريون أيضا إلى أنه خلال العقد الماضي ركزت إسرائيل جزءا من هجماتها الجوية في سوريا في إطار المعركة بين حربين ضد بطاريات وصواريخ مضادة للطائرات، التي أرادت إيران تهريبها لـ”حزب الله”.

تقارير “اليونيفيل”.. كافية
في السنوات الأخيرة نجح “حزب الله” الشيعي في أن يطور بصورة كبيرة منظومات دفاعه الجوي التي ينشرها في لبنان.
في العام 2019 هدد نصرالله بالمس بالطائرات المسيرة الإسرائيلية في سماء لبنان بعد هجوم المسيرات في الحي الشيعي في بيروت (الضاحية). في السنوات التالية أجرى “حزب الله” عدة محاولات فشلت في إسقاط المسيرات. وحسب مصادر أمنية كانت هناك حالة أوصى فيها الجيش الإسرائيلي بهجوم مضاد في لبنان، لكن رئيس الحكومة في حينه، بنيامين نتنياهو، قرر في نهاية المطاف الامتناع عن ذلك.
في وظيفته الأخيرة في الجيش الإسرائيلي، رئيساً للواء الاستراتيجي في هيئة قيادة الأركان، تولى أوريون المسؤولية أيضا عن العلاقات مع الأمم المتحدة. فقد قام بفحص التقارير الدورية التي عرضها سكرتير عام الحزب على مجلس الأمن ثلاث مرات في السنة، التي يتم فيها توثيق خروقات السيادة المتبادلة التي تتجاوز القرار 1701 لمجلس الأمن، الذي نظم قواعد اللعب بعد حرب لبنان الثانية في 2006. في السنة والنصف الأخيرة هو يلاحظ هبوطا دراماتيكيا في توثيق النشاطات الإسرائيلية الجوية في سماء لبنان (الطلعات الجوية بحد ذاتها هي بالطبع خرق لسيادة لبنان). وحسب التقارير فان النشاطات انخفضت 70 – 90 في المئة في السنة الماضية مقارنة مع السنوات السابقة.
شرح أوريون، بصورة متناقضة، أن تقليص الطلعات الجوية الإسرائيلية يمكن أن يُسرّع الاشتعال.

أوريون: الطرفان يسيران على حبل دقيق بين الردع والتصعيد منذ فترة طويلة. ولكن لأن حزب الله يزيد نشاطاته ضد ما تعتبره إسرائيل الأداة العسكرية والاستخبارية الرئيسة لها، فإن مبلغ المقامرة أصبح أكبر

حبل دقيق من التوازنات

إقرأ على موقع 180  the Unforgivable.. العزف بأصابع "قاتلة"

بعد أن فاجأت قوة “حزب الله” إسرائيل في الحرب الأخيرة (2006) فإن الجيش الإسرائيلي ركز جهودا استخبارية ضخمة في متابعة النشاطات العسكرية لـ”حزب الله”. ولكن الصورة الاستخبارية يجب أن تكون محدثة، ومن أجل ذلك فإن جهود جمع المعلومات يجب أن تكون متواصلة ومستمرة. قدرة “حزب الله” على العمل على تآكل تفوق إسرائيل الجوي في لبنان ستجبر الجيش على البحث عن بدائل لأساليب جمع المعلومات القائمة. ومع ذلك، كتب أوريون، ستواجه إسرائيل معضلة: هل ستسلم بالمس التدريجي بجودة المعلومات الاستخبارية أم أنها ستواصل مهمات التصوير مع المخاطرة بتلقي ضربة من منظومات الدفاع الجوي لـ”حزب الله”؟
في سوريا، مسّت إسرائيل بصورة منهجية بالمنظومات الإيرانية المضادة للطائرات، من بينها التي وضعها الحرس الثوري هناك للمساعدة في الدفاع الجوي عن المنشآت العسكرية لنظام بشار الأسد.
في لبنان، تقلل إسرائيل من العمل. وقرار مهاجمة البطاريات هناك يمكن أن تكون له تداعيات واسعة. لخص أوريون الأمر وقال: “الطرفان يسيران على حبل دقيق بين الردع والتصعيد منذ فترة طويلة. ولكن لأن حزب الله يزيد نشاطاته ضد ما تعتبره إسرائيل الأداة العسكرية والاستخبارية الرئيسة لها، فإن مبلغ المقامرة أصبح أكبر”.

حقائق على الأرض
يثير ما وصفه أوريون تساؤلا آخر، قلل في تناوله في المقالة: ما الذي يعلمنا إياه الواقع الجديد بشأن استراتيجية “المعركة بين حربين” الإسرائيلية؟ في السنوات الأخيرة تحولت المعركة بين حربين تقريبا إلى رؤية شاملة، على الأقل بالنسبة للجيش الإسرائيلي. ووصلت الأمور إلى الذروة في الأشهر الأخيرة عندما تم عرض الحاجة لمواصلة الهجمات في سوريا وعدم التورط مع القوات الروسية المنتشرة هناك، كذريعة لإسرائيل من أجل عدم اتخاذ موقف أخلاقي مطلوب في إدانة جرائم الحرب التي ترتكبها روسيا منذ غزو أوكرانيا.
لكن مثلما حصلت إسرائيل فقط على نجاح جزئي في منع “مشروع الدقة” لـ”حزب الله”، ليس فقط أنه تم تهريب مئات الصواريخ الدقيقة إلى لبنان، بل يدعي نصرالله أنه تم التوصل إلى قدرة إنتاج ذاتية، يبدو أنها أيضا تجد صعوبة في إحباط تهريب بطاريات الدفاع الجوي.
يثير هذا سؤالا آخر: هل جميع الإنجازات التي تنسبها إسرائيل لفضل المعركة بين حربين تنبع من الهجمات، أم أن جزءا منها مرتبط باعتبارات إيرانية أو روسية؟
هل الانشغال اليومي بالمعركة بين الحروب (عشرات الهجمات في السنة ومئات الساعات التي تقضيها الشخصيات الرفيعة في نقاشات سابقة وفي غرفة العمليات الرئيسة أثناء الهجوم)، لم يأتِ على حساب الاستعداد للحرب؟
موضوع آخر يتعلق بخروقات “حزب الله” على الأرض. في نهاية حزيران/يونيو، نشر في “هآرتس” أن “حزب الله” أقام خلال شهرين تقريبا ليس أقل من 16 موقع مراقبة على الحدود مع إسرائيل، بغطاء من جمعية “أخضر بلا حدود”، وهي منظمة للدفاع عن البيئة. تضع هذه المنظمة حقائق على الأرض، وتتحدى إسرائيل، وتجمع معلومات تكتيكية دون أن تنجح قوات “اليونيفيل” في القيام بمهمتها ومنعها من العمل جنوب نهر الليطاني.

أوريون: مقاتلو حزب الله يتصرفون وكأنه لا يوجد أي أحد قادر على وقفهم

كبرياء خطيرة

تشير التقارير الدورية للأمم المتحدة إلى التوجه الواسع الذي ينعكس في هذا السلوك. يوثق أعضاء قوات “اليونيفيل” ارتفاعا واضحا في خروقات “حزب الله” إلى جانب عدائية متزايدة ضد دوريات الأمم المتحدة.

في طلعات طائرات مروحية، هي نادرة نسبيا، في سماء جنوب لبنان، وثقت الأمم المتحدة نشاطات محمومة لـ”حزب الله” في مناطق تدريب على السلاح الخفيف.
جرت التدريبات على إطلاق النار على امتداد القطاع كله، وعلى مدى فترة زمنية طويلة نسبيا. وفي إحدى المرات شارك فيها 25 ناشطا، وإضافة إلى ذلك سجل ارتفاع واضح في الهجمات العنيفة وفي التطاول على جنود “اليونيفيل”: قطع طريقهم، ضربهم، رشق حجارة وتوجيه تهديد لهم.
بالنسبة لأوريون، وبرغم الأمل بإيجاد حل سريع لأزمة الغاز في البحر المتوسط، إلا أنه تظهر هنا صورة مقلقة أكثر مما كان في السابق. “مقاتلو حزب الله يتصرفون وكأنه لا يوجد أي أحد قادر على وقفهم”، قال أوريون. “هم يبثون ثقة بالنفس مبالغاً فيها، ولا يعتقدون أنهم سيدفعون ثمن ذلك. هذه كبرياء خطيرة، لا يتذكر مثلها طوال السنوات الأخيرة”. (المصدر: صحيفة الأيام الفلسطينية)

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  سلاسة الإيمان الشعبي.. قساوة التدين الأيديولوجي