أثينا قلقة.. وأردوغان يقبض على أنابيب الغاز!

قبل ساعات فقط من القمة الأوروبية في براغ، انتقدت أثينا ومعها الاتحاد الأوروبي التوقيع بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وتركيا على اتفاق للتنقيب عن النفط والغاز.

قبل أن يجف حبر التوقيع على “مذكرة تفاهم” للتنقيب عن النفط حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وتركيا، علا صوت أثينا مُنتقداً «عودة التوتر إلى شرق البحر الأبيض المتوسط».

الاتفاق كما أعلنه الناطق الرسمي باسم حكومة طرابلس هدفه “تطوير مشاريع تتعلق بالتنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما ونقلهما”، وهذا الأمر كان له صداه السلبي لدى اليونان بسبب خشيتها من أعمال استكشاف تركية خارج الحدود الليبية وخصوصاً في المناطق البحرية المتنازع عليها بين عدد من دول حوض البحر الأبيض المتوسط.

وتأتي الاتفاقية الجديدة بين طرابلس وأنقرة تتمة لإتفاقية سابقة تم توقيعها في تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٩ بين أنقرة وحكومة الوفاق الوطني الليبية (المعترف بها من قبل الأمم المتحدة)، ونتج عنها ترسيم حدود بحرية جديدة من جنوب غرب تركيا إلى شمال شرق ليبيا، عبر منطقة تطالب بها اليونان وقبرص، وهو أمر بالغ الأهمية لخطط إنشاء خط أنابيب غاز في المستقبل. ورداً على ذلك، وقّعت أثينا والقاهرة، في آب/أغسطس ٢٠٢٠، اتفاقية ثنائية لترسيم الحدود البحرية في المنطقتين الإقتصاديتين الخالصتين.

لا تعترف أي دولة باتفاقيات تركيا و”حكومة الوحدة” حيث الحكم في ليبيا منقسم بشدة والحكومة في طرابلس تفتقر إلى “الشرعية” لإبرام مثل هذا الاتفاق، حسب السلطات اليونانية. زدْ على ذلك أن الحكومة القابعة في شرق ليبيا والمنافسة لـ”حكومة الوحدة” في طرابلس رفضت على الفور الاتفاقيات ووصفتها بأنها “غير قانونية”.

وترى الحكومة اليونانية أن تركيا تلعب دوراً مزعزعاً للاستقرار في الحوض المتوسطي. وأدان الاتحاد الأوروبي الاتفاقية “لأنها تستند إلى مذكرة تركية ليبية تتعارض مع قانون البحار وتنتهك حقوق الدول الأخرى”. وقال المتحدث باسم الشؤون الخارجية للمفوضية الأوروبية “يجب تجنب الأعمال التي يمكن أن تقوّض الاستقرار الإقليمي”.

ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية بالقول إن “معارضة اتفاقية التعاون هذه بين دولتين ذات سيادة تتعارض مع القانون الدولي والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة”. وأوضح أن “الاتحاد الأوروبي ليس هيئة قضائية دولية يمكنها التعليق أو الحكم على الاتفاقات بين الدول ذات السيادة».

هذا التوتر الجديد إلى يضاف إلى قائمة الخلافات بين اليونان العضو في الاتحاد الأوروبي وتركيا الساعية للانضمام للاتحاد، من دون أن تنجح في سعيها الطويل.

وجاء هذا التراشق قبل ساعات فقط من القمة الأوروبية في براغ، التي حضرها قادة ١٧ دولة من خارج الاتحاد الأوروبي، وتفادى كل من رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس والرئيس التركي رجب طيب أردوغان التقاط الفرصة لعقد لقاء للتحدث في هذه المسألة. ذلك أن الرئيس التركي أغلق باب الحوار بين أنقرة وأثينا وأوقف المحادثات الدبلوماسية التي استؤنفت بين البلدين في كانون الثاني/يناير ٢٠٢١.

ومن بين أسباب هذا الجفاء المتجدد هو التقارب اليوناني الأميركي، خصوصاً أن رئيس الوزراء اليوناني طلب في خطاب أمام الكونغرس الأميركي عدم  بيع طائرات أميركية مقاتلة من طراز F-35 إلى تركيا التي تسعى بشدة لشراء هذه الطائرات لتجديد أسطولها الذي تقادم وعفا عليه الزمن.
وكانت واشنطن قد علقت هذه الصفقة منذ عام ٢٠١٩، لمعاقبة أنقرة التي اشترت نظام دفاع جوي روسي من طراز S-400، المُصمم بالأساس لكشف وتدمير طائرات حلف الناتو.

وفي خضم التقارب اليوناني الأميركي، على هامش حرب أوكرانيا، وافق البرلمان اليوناني على اتفاقية دفاعية تُعزّز وجود القوات الأميركية في اليونان، علماً أن الجيش الأميركي يتمتع بحرية استعمال قاعدة سودا البحرية في جزيرة كريت منذ عام ١٩٦٩وهذا ما يسمح للولايات المتحدة بحضور وازن في شرق المتوسط.. وحسب الاتفاقية الجديدة بين واشنطن وأثينا سيتمكن الجيش الأميركي من استخدام قاعدة ألكساندروبولي، الواقعة في منطقة إيفروس الحدودية في شمال شرق اليونان، أي على بعد بضع كيلومترات فقط من الحدود التركية.

وثمة عقود من الخلافات بين أثينا وأنقرة. الملفات العالقة متعددة من قبرص الشمالية مروراً بتسليح جزر بحر إيجه وصولاً إلى الحدود البحرية، وتلقى المسؤولون الأتراك صفعة كبيرة مع سقوط الوظيفة الأساسية لمنتدى القاهرة المتوسطي الذي إستبعد تركيا على قاعدة مد أنبوب غازي من إسرائيل باتجاه اليونان ليتبين أن هناك إستحالة لمثل هذا الأنبوب الأمر الذي فرض على الأميركيين والإسرائيليين الذهاب إلى خيار الأنبوب الإسرائيلي التركي نحو أوروبا.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  تل أبيب وإغتيال فخري زاده: تغيير قواعد اللعبة
بسام خالد الطيّارة

كاتب لبناني وأستاذ جامعي مقيم في باريس

Download Best WordPress Themes Free Download
Premium WordPress Themes Download
Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  الصين تُنقذ روسيا.. سوية إلى حرب المئة عام المقبلة!