في العام 2015 شهدت حركة الإخوان المسلمين في الأردن استقالات لقيادات تاريخية، وبعد موجة الاستقالات تأسس حزب الشراكة والانقاذ عام 2017، الذي تولى فيه الفلاحات منصب المراقب العام.
لكن في العام 2022 صدر قانون الأحزاب الأردنية، الذي طالب الأحزاب القائمة بتصويب أوضاعها، ووفق ما صرح القائمون على حزب الشراكة حينها لوسائل الإعلام فإن حزبهم سرعان ما صوّب أوضاعه، لكنّه واجه معوقات أدت لاحقًا إلى حلّ حزب الشراكة والإنقاذ.
في هذا الحوار نستفسر من سالم الفلاحات عن تاريخ انفصال حركة حماس عن حركة الإخوان المسلمين في الأردن، بالإضافة إلى موضوع تأسيس “اللجنة الأردنية لإسناد المقاومة الفلسطينية واللبنانية”.
***
180 بوست: في العام 2017 قام يحيى السنوار بفك ارتباط حركة حماس عن الإخوان المسلمين.
سالم الفلاحات: هذا غير صحيح.
-لكن المعلومة منشورة في وسائل الإعلام وعدد من الأبحاث؟
– أنا أتحدث من الداخل. فك الارتباط بين الاخوان وحماس تم في العام 2006، وأنا كنت مراقباً عاماً لجماعة الإخوان المسلمين في ذلك الحين.
-ما تتحدث عنه، هو ما تم في الأردن، لكن بقي هنالك تيار عميق للإخوان في حماس، أليس كذلك؟
– حركة حماس معظمها إخوان، ويمكنك أن تُضيفي إلى معلوماتك، أن حركة حماس أُنشئت في الأردن، وهي جزء من الإخوان المسلمين، ولديها مراقب عام ولديها عضوية في قيادة الاخوان المسلمين العالمية. عندما كانت حماس في الأردن كانت المرجعية للإخوان المسلمين؛ صحيح كان لديهم مكتب سياسي، لكن كانت المرجعية الشكلية بتنظيم اسمه إخوان بلاد الشام، وهو يضم الأردن وفلسطين، وهذا منذ العام 1978.
وعندما كان ثمة قرار حول فك الارتباط التنظيمي بين إخوان الأردن وحماس في 2006، أنا كنت حينها المراقب العام لجماعة الإخوان ولم أوافق عليه، وكان اجتهادي أن هذا فيه إضعاف لحماس، وسيؤثر على الشارع الأردني وربما ينقسم الناس إلى فلسطيني وأردني، وسيُسجل على الإخوان المسلمين في الأردن أنهم تخلوا عن القضية الفلسطينية.
جاء السنوار بعقلية تجميعية تقوم على فكرة إقامة مشروع وطني وما قام به في العام 2017 من فك ارتباط حماس بالإخوان يمكن اعتباره نقلة للحركة باتجاه تيار المقاومة
لكن لم يعرف الناس بكل التفاصيل، وأن هذا الأمر تم بطلب من حماس، لكن نحن – إخوان الأردن – رفضنا هذا القرار، لكن قرار استقلال حماس عنّا تم بعد ضغط من قيادة الإخوان المسلمين العالمية وبطلب من حماس لأنهم أصبحوا تنظيماً عسكرياً. لكن ما قام به يحيى السنوار في العام 2017 يمكن اعتباره بمثابة نقلة لحركة حماس باتجاه تيار المقاومة.
ولنكن أكثر دقة فإن السنوار جاء بعقلية تجميعية، تقوم على فكرة مشروع وطني. وباعتقادي فإن السنوار لا يرى أن هناك مشكلة في ذهاب قيادات حماس إلى ايران وتواصلهم معها، بينما التفكير الإخواني لا يقبل هذه الحالة بسهولة، إذ أن المنطق الإخواني ما يزال ينظر لإيران على أنها شيعية.. وأنا أعتقد أن هذا كلام فارغ.
لذا لو قلنا إن السنوار عمّق مشروع المقاومة في حماس وبالتالي ابتعادها عن الخط السياسي في حماس، سأقول لك هذا صحيح.
تيار السنوار، وللأمانة أقول ذلك عن بُعْد في الفترات الأخيرة وهم أصدقائي كلهم، واضح أن السنوار كان يتوقع لحركة حماس شيئًا جديدًا يُتوقع أن يحصل خلال السنوات القادمة (المقصود هنا 7 أكتوبر)، هكذا كان يقال في الفترات الماضية، لذا قام في العام 2017 بما يسمى فك الارتباط عن الإخوان، لكن توصيفه الأدق أنه كان اقترابًا أكثر من تيار المقاومة.
-وماذا عن فكرة انضمامك إلى “الجنة الأردنية لإسناد المقاومة الفلسطينية واللبنانية” التي تم الإعلان قبل فترة قريبة عنها في الأردن؟
– أي عمل وطني مفيد يتخذ مسارًا جديدًا بعيدًا عن التقسيم والتجزئة أنا أقف معه، ولذلك لم أتردد عندما اتصل بي الدكتور أحمد العرموطي وتحدث عن محاولة لتشكيل لجنة لمساندة المقاومة في لبنان. أنا قلت: اختلف الأردنيون على الموضوع السوري، لكن لا يصح أن يختلفوا على الموضوع اللبناني، بما فيهم الإسلاميين.
في المقابل، لا نستطيع أن نطلب من الناس أن يكونوا ملائكيين، أقصد مَن قُتل أبوه أو أمه أو أخته في سوريا بسبب الدولة السورية وحزب الله اللبناني والدعم الإيراني، وكان عند الناس معاناة واضحة، نتحدث عن النتيجة بغض النظر عن البدايات، ولا يصح أن نتعاتب في هذا الوقت، ما دامت المعركة مفتوحة لا يمكن أن يكون هنالك عتاب. في المقابل، لا نقبل من الجمهور العربي أن لا يعتبر المقاومة في لبنان الآن كالمقاومة في غزة، وأن من يفرق بين المقاومتين هو جاهل أو مغفل أو غير طبيعي. وللأسف هنالك دعاة فُرقة.
لذا قلت في إحدى المرات: لماذا تتفق قيادة حماس مع قيادة حزب الله ويتبادلون الخبرات العسكرية، ونحن القوى الشعبية في الأردن ننقسم إلى مجموعة تظن انها الأقرب إلى حماس ومجموعة تظن أنها الأقرب إلى حزب الله، ولم نستطع أن نقدم شيئًا لا لحماس ولا لحزب الله؛ من المفروض أن نخجل قليلًا لأن الدماء تسيل.
لماذا تتفق قيادتا حماس وحزب الله وتتبادلان الخبرات العسكرية، وتنقسم القوى الشعبية في الأردن حيالهما؟ إن من يُفرق بين المقاومة في لبنان وغزة، إنما هو جاهل أو مغفل أو غير طبيعي
صحيح أن هنالك عتب بسبب اكتفاء حزب الله بالمناوشات طوال العشرة شهور الأولى من الحرب على غزة، إذ لو كان هذا الأداء لحزب الله موجودًا ضد إسرائيل في وقت اشتداد المعركة ربما اختلفت النتائج العسكرية، لكن لكل اجتهاده وهذا ليس وقت الحديث الآن، في ظل استهداف حزب الله، والآن وخلال الشهرين الأخيرين واضح أن حزب الله يقوم بجهد عالٍ.
– لكن، في الأزمة السورية الأمر مختلف، النظام السوري وحزب الله وايران لم يكونوا وحدهم من يقتل، أيضًا أميركا قتلت والغرب قتل والمجموعات التكفيرية قتلت؟
– أنا أتفق. أريد أن أكون شبه واقعي، أيضًا لا أطلب من القوميين أن يكونوا ملائكيين في ظل أن تيارات المعارضة في سوريا سكتت واستجابت إلى تحشيد كل قوى العالم من أجل القضاء على الدولة السورية وليس على نظام بشار الأسد.
وهنا أقول أن الحركات الشعبية في سوريا أخطأت واستُغلت وتم استثمارها على خلفية ثارات قديمة بينها والنظام السوري. وباعتقادي أن الإخوان السوريين على الرغم من الآلام التي مروا بها في سوريا كان عليهم أن يكونوا أكثر ذكاءً من الانخراط في هذه الحالة خلال الأزمة السورية، والنتيجة الآن في سوريا لا تُفرح إخوانيًا ولا عاقلًا.
لا يرى السنوار أي مشكلة في تواصل قيادات حماس مع ايران، بينما التفكير الإخواني لا يقبل هذه الفكرة وما زال ينظر لإيران على أنها شيعية
-بناء على ما سبق هل تعتقد أن اللجنة الأردنية لإسناد المقاومة الفلسطينية واللبنانية يمكن أن تكون بوتقة صهر للتيارات الأردنية التي طالما اختلفت حول موضوع المقاومة في لبنان؟
– هنالك شيء اسمه “الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن”، ونحن جزء لا يتجزأ منه عندما كُنّا حزبًا سياسيًا “حزب الشراكة والإنقاذ”. المقصود أن هنالك جهة منظمة شعبية تصدت لترتيب العمل الشعبي، بصورة ما، أحيانًا ترضى عنها وأحيانًا تختلف معها، وهي “الملتقى الوطني” وقد نشأت بخصوص موضوع التطبيع ثم تطورت، ومع ذلك عندما حضرتُ اجتماع “اللجنة الأردنية لإسناد المقاومة الفلسطينية واللبنانية” بناء على دعوة من القوميين واليساريين، قلت: نحن ننشط في هذه اللجنة ما لم تكن سبيلًا أو وسيلة لمزيد من الانقسام والتجزئة، فإذا كانت ستؤدي إلى مزيد من الانقسام يكفينا انقسامًا ولن أكون فيها. ونصحتهم بلقاء مع “الملتقى الوطني” وأن يطرحوا الفكرة عليهم، ولم أكن الوحيد الذي طرح هذا المقترح، الذي مفاده أن الساحة اللبنانية الآن تتعرض لهجوم إسرائيلي كبير، ولصمت عربي، ولا تختلف عن الحالة في غزة أو في فلسطين، فإذا كان هذا “الملتقى” يتسع للدفاع عن لبنان بذات الدرجة التي يُدافع فيها عن غزة وفلسطين، فلنكن جسمًا واحدًا، ولنجعل الجهد واحدًا، ويصبح لهذه اللجنة نصيب أو مكان مثل مكونات باقي “الملتقى الوطني”، واتفقوا مع رأيي وتم تكليف ثلاثة منهم للقاء “الملتقى الوطني” وتم اللقاء معهم، وقالوا لا مانع لدينا وإن بياناتنا تذكر لبنان الآن كما تذكر فلسطين ولا مشكلة لدينا.
يجب أن تقوم “اللجنة الأردنية لإسناد المقاومة” على أساس مبدأ إغاثة الشعب اللبناني بمنطق الشيخ نعيم قاسم الجامع والوطني والمفيد
-هل يمكن أن تكون مشكلة “الملتقى الوطني” مع “اللجنة الأردنية” أن الإخوان المسلمين يتمثلون فيه؟
– الإخوان المسلمون يتمتعون بصفات لا تختلف كثيرًا عما تتمتع به الأحزاب العقائدية الأخرى؛ القومية أو اليسارية؛ كلهم متفقون على التعصب للأحزاب، وهذا الذي أبعدني عن الإخوان المسلمين. والشيوعيون في هذا الصدد أكثر تعصبًا من القوميين.
وما زلت أتساءل: كيف أن المقاومة التي تضحي بدمائها في لبنان وفلسطين يتفقون ونحن نختلف حولهم!
وأقول إن كان تشكيل “اللجنة الأردنية لإسناد المقاومة الفلسطينية واللبنانية” كي تصبح منبرًا للشيوعيين والقوميين، فهم مخطئون، ولن ينصروا لبنان ولن ينفعوا الأردن وسنبقى على افتراق؛ يجب أن تكون اللجنة قائمة على مبدأ إغاثة الشعب اللبناني بمنطق الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي يقول كلامًا جامعًا ومفيدًا ووطنيًا.
-ما هي صيغة التوافق الممكنة بين “الملتقى الوطني” و”اللجنة الشعبية الأردنية”؟
– إما أن نكون تحت مظلة “الملتقى الوطني” ما دام يتسع للتضامن مع لبنان، أو نُشكّل لنا شيئًا يتعلق بالإغاثة، برغم أن الاغاثة قد لا تكون متاحة، لأنه عندما ذهبت مجموعة من اللجنة للقاء السفير اللبناني في عمان، تحدث الشباب عن معاملة السفير اللبناني لهم بطريق تخلو من الترحاب وعرضوا عليه تقديم مساعدات، فرفض باستثناء جمع التبرعات ووضعها في مغلفات صغيرة ومن الممكن أخذها بالطائرة في ضوء إجراءات معينة.