الحرب الإقتصادية العالمية.. تشتعل!

لطالما كانت المصالح الإقتصادية هي الإطار المُحرّك للعلاقات ما بين الدول. ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي السابق قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، انتفى الصراع الأيدولوجي في العالم، لمصلحة سيطرة المصالح الإقتصادية على العلاقات بين الدول.

الإقتصاد في عالم اليوم هو المٌحرّك الأساس للتحالفات بين الدول. لذا، أصبحت التكتلات الإقتصادية تتوالد بصورة أكبر وأشمل، وأصبح الصراع الإقتصادي يُترجم بوسائل عديدة بينها العقوبات الإقتصادية التي تفرضها دول متحكمة بالإقتصاد العالمي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تحكمها بالعملة وحركة التحويلات وصولاً إلى فرض هيمنتها على معظم دول العالم ولا سيما الدول النامية.

وتُشكّل السياسة الجمركية لأي دولة أداة من أدوات التأثير في السياسة المالية والإقتصاد القومي للبلاد. وتتناول السياسة الجمركية حركة التجارة الخارجية، تصديراً واستيراداً، حيث تسعى الحكومات للتأثير في حركة التجارة من خلال الرسوم الجمركية، فتُخفّض التعرفة الجمركية لمواد يحتاج إليها السوق أو لمواد واردة من أسواق معينة كنوع من تشجيع التعاون بين دول بعينها، وتُرفَع التعرفة الجمركية حين تهدف إلى تقليص حجم الواردات من منتج معين وصولاً إلى هدف إقتصادي في إطار خطة إقتصادية عامة.

هذه السياسات سيكون لها ارتدادات سلبية على الإقتصاد الاوروبي الذي يعاني منذ فترة طويلة من الركود، مما قد يُنذر بحرب إقتصادية عالمية يكون لها آثار كارثية على الإقتصاد العالمي، والتي سيدفع ثمنها الفقراء، دولاً وشعوباً، بسبب تلك السياسات العدائية التي أطلقها ترمب

كانت تصريحات الرئيس دونالد ترمب الجدلية خلال دعايته الانتخابية مؤشراً واضحاً على السياسة الأمريكية التي سيتبعها مع الحلفاء والأخصام، وبخاصة ما يتعلق بالعقوبات الإقتصادية على بعض الدول، وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في العام 2024 وتوليه السلطة منذ أقل من شهر، بدأ بتنفيذ وعوده الانتخابية، فأصدر الأوامر التنفيذية التي ترجمت وعوده الانتخابية، ومن بينها فرض الرسوم الجمركية بنسبة (25)% على الواردات المكسيكية والكندية، و(10)% على السلع القادمة من الصين اعتباراً من تاريخ الرابع من هذا الشهر، وأعلن أنها ستظل سارية حتى تنتهي حالة طوارئ وطنية بسبب “عقار الفنتانيل” المخدر والهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة.

ووفقا للأعراف الدستورية في العلاقات الدولية، فإن فرض الرسوم الجمركية هو أحد تجليات السيادة لدولة ما ولا أحد يستطيع أن يعترض على ذلك، لأنه قرار يهدف نظرياً إلى حماية الصناعات الوطنية في أي دولة، ولكن في المقابل عندما تكون تلك الرسوم باباً للتحدي والابتزاز، كما يفعل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فإن ذلك من شأنه أن يُقابل بإجراءات جمركية مماثلة، وهذا ما فعلته الصين على سبيل المثال لا الحصر.

بدورها، ردّت كلٌ من كندا والمكسيك بفرض رسوم جمركية مماثلة على البضائع الواردة من الولايات المتحدة الامريكية بعد دخول القرار حيز التنفيذ، وأكدت الدولتان على التنسيق المشترك بينهما لمواجهة الضغوط الأمريكية، إضافة إلى ذلك فإن الدولتين تدرسان اتخاذ تدابير إقتصادية أخرى غير جمركية في مواجهة السياسات الإقتصادية الأمريكية.

في الخلاصة، لن تقتصر انعكاسات هذه السياسات الجمركية فقط على تلك الدول بل ستؤثر على الإقتصاد العالمي بأكمله كون الدول التي لها علاقة بتلك السياسات الجمركية تُمثل أقوى الإقتصادات في العالم (الإقتصاد الأمريكي والإقتصاد الصيني)، أضف إلى ذلك، هذه السياسات سيكون لها ارتدادات سلبية على الإقتصاد الاوروبي الذي يعاني منذ فترة طويلة من الركود، مما قد يُنذر بحرب إقتصادية عالمية يكون لها آثار كارثية على الإقتصاد العالمي، والتي سيدفع ثمنها الفقراء، دولاً وشعوباً، بسبب تلك السياسات العدائية التي أطلقها ترمب.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  عزل ترامب: فيلم أميركي طويل!
حسين الديك

كاتب وباحث أكاديمي فلسطيني

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  روبرت فورد: الإستراتيجية الأميركية في سوريا فشلت.. وهذا بديلها