الصحافة العبرية: إسرائيل قلقة من المفاوضات النووية!

Avatar18016/04/2025
تعاملت الصحافة الإسرائيلية مع زيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى واشنطن عشية انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات الأميركية الإيرانية في مسقط بوصفها "زيارة فاشلة"، كما غلبت النبرة المُشككة بمآلات المفاوضات إذا ذهب رئيس الولايات المتحدة أبعد مما يعتقد نتنياهو.

إخترنا نصين يُعبران عن نبض الإعلام العبري، أولهما للكاتب عاموس هرئيل في “هآرتس” والثاني للكاتب يوئيل غوزنسكي في “يديعوت” ترجمتهما مؤسسة الدراسات الفلسطينية من العبرية إلى العربية على الشكل الآتي:

عاموس هرئيل: خوف إسرائيلي من اتفاق سيء!

“يبدو أن ما يقارب نصف مشكلات العالم يقع حالياً على عاتق رجل واحد؛ ستيف ويتكوف، مبعوث رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، الذي يتولى محاولة التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، وفي الوقت ذاته إبرام هدنة وصفقة تبادل أسرى بين إسرائيل و”حماس” في قطاع غزة، بالإضافة إلى وقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وهو رجل الأعمال في مجال العقارات، والمحامي الذي أصبح فجأة دبلوماسياً من الطراز الأول، يخوض صراعاً على جميع هذه الجبهات المعقدة، بينما يواصل المسؤول عنه تدمير القيمة الاقتصادية للاقتصاد الأميركي، ويتباهى بانتصاراته في بطولات الغولف، ويُظهر سلوكاً متقلباً عند كل مناسبة لصنع قرار ممكن.

ويواجه ويتكوف مشكلة إضافية؛ إن تبادل الإدارات في واشنطن في شهر كانون الثاني/يناير الماضي، وما تبعه من موجة إقالات واسعة النطاق، ترك الإدارة الجديدة من دون عدد كافٍ من الخبراء في القضايا التي تتطلب فهماً مهنياً عميقاً وذاكرة مؤسساتية طويلة الأمد. لكن ترامب كان متحمساً إلى درجة كبيرة، فطرد الجنرالات والدبلوماسيين عند عودته إلى البيت الأبيض، وبقي مع حفنة من الموظفين الكبار وعدد كبير من المناصب غير المشغولة. وهذه إحدى الأمور التي تثير قلق المنظومة الأمنية الإسرائيلية، في ظل المساعي للتوصل إلى اتفاقات في إيران وغزة.

وبعد أسبوع من الزيارة العاجلة التي قام بها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو من بودابست إلى واشنطن، بات من الواضح تماماً أنها انتهت بفشل ذريع، فقد استدعى ترامب نتنياهو على خلفية التغيير في سياسة الرسوم الجمركية الأميركية وحاجته إلى مظاهر مديح من قادة الدول التابعة للولايات المتحدة. وبالمناسبة، أعلن الرئيس علناً، وبحضور نتنياهو، قراره بدء مفاوضات مباشرة (أو في الحقيقة شبه مباشرة، لأن الوفود لم تجلس فعلياً معاً) مع الإيرانيين في سلطنة عُمان. وما تبقّى لنتنياهو فعله عند عودته إلى البلد كان التصريح بأن علاقاتهما لا تزال جيدة كالمعتاد، وتوضيح أن ترامب يوشك أن يفرض على النظام في طهران اتفاقاً سيفكك بالكامل البرنامج النووي الإيراني، تماماً كما فرضت إدارة الرئيس جورج بوش الابن اتفاقاً مماثلاً على ليبيا سنة 2003، عندما خرجت الولايات المتحدة إلى حرب الخليج الثانية ضد العراق. أبواقه في الإعلام تردد الرسالة بوفاء.

ومن المرجّح أن الواقع أقل إشراقاً مما تصوِّره وجهة نظر رئيس الحكومة؛ فترامب يريد التوصل إلى اتفاق، وقد أوعز إلى ويتكوف بمحاولة تحقيق ذلك. ويبدو أن استمرار المسار يعتمد أساساً على قدرة الولايات المتحدة وإيران على التوصل إلى تفاهمات، وليس على التحفظات الصادرة عن القدس. والجيش الإسرائيلي ملزَم بالاستعداد لإمكان انهيار المحادثات، وفي نهاية المطاف، يمكن أن يُمنح الضوء الأخضر لتنفيذ هجوم إسرائيلي (بدعم وربما بمساعدة أميركية) ضد المواقع النووية في إيران. لكن في الوقت الراهن، يبدو أن الرئيس الأميركي يرغب أولاً في اختبار إمكان التوصل إلى اتفاق بطرق سلمية.

إن المخاوف، التي من المرجح أن نتنياهو يشاركها، وإن كان بالتأكيد لا يرغب في التعبير عنها بصوت عالٍ، هي أن ترامب سيوقّع اتفاقاً متوسطاً أو حتى سيئاً، لا يزيل التهديد الإيراني من جدول الأعمال، ومع ذلك ستضطر إسرائيل إلى القبول به بصمت خوفاً من رد أميركي قاسٍ. وقد انتهى لقاء التفاوض في سلطنة عُمان (السبت الماضي) بنشر البيانات التقليدية من كلا الجانبَين بشأن محادثات جيدة ومثمرة (…). وما يمكن لإسرائيل أن تفعله في الوقت الراهن هو البقاء في وضعية انتظار. وفي حالة نتنياهو، فمن المعقول افتراض أنه يأمل انهيار المحادثات (…)”.

يوئيل غوزنسكي: تخوف من اتفاق نووي سعودي!

وكتب يوئيل غوزنسكي في “يديعوت أحرونوت” النص الآتي:

“بينما تنشغل إسرائيل بشؤونها الداخلية، طرأ تطوُّر مهم في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، إذ أشارت الدولتان، هذا الأسبوع، إلى تعزيز علاقاتهما في مجال حيوي ذي أهمية أيضاً لأمن إسرائيل، وهو المجال النووي. المملكة العربية السعودية لا تخفي رغبتها في تطوير برنامج نووي، ونظرت بعين الحسد إلى جارتَيها، إيران والإمارات العربية المتحدة، التي قامت كلٌّ منهما، على طريقتها الخاصة، بتطوير برنامج نووي. الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، كان مستعداً لمساعدة السعوديين على تطوير برنامج نووي مدني، كجزء من مبادرة أوسع تشمل اتفاق تطبيع سعودياً – إسرائيلياً، يهدف أيضاً إلى تسهيل مهمة الإدارة في “تسويق” اتفاق نووي إشكالي مع دولة إشكالية داخل أروقة الكونغرس.

إقرأ على موقع 180  "هآرتس": أيام أخيرة لحرب غزة.. ونتنياهو يزيد تمارين التضليل!

ثم اندلعت حرب لا تبدو لها نهاية في الأفق. كردّة فعل، شددت السعودية شروطها، على الأقل علناً، في مقابل التطبيع، بينما ترفض الحكومة الإسرائيلية إبداء أيّ مرونة إزاء المسألة الفلسطينية. الطريق المسدود الذي فرضته الحرب يصعّب التقدّم نحو صفقة تشمل تحسين العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ونتيجةً لذلك، تجد واشنطن والرياض أنهما مضطرتَان إلى الدفع قدماً، بشكل ثنائي، في اتجاه اتفاقات وتفاهمات كان من المفترض أن تكون جزءاً من صفقة التطبيع.

هذا الأسبوع، زار وزير الطاقة الأميركي المملكة العربية السعودية، وأعلن في مقابلات مع وسائل الإعلام السعودية أن الدولتين ستوقّعان قريباً مذكرة تفاهُم شاملة تغطي كافة مجالات الطاقة، تليها اتفاقية للتعاون النووي بين البلدين.

يجب أن تكون تصريحات وزير الطاقة الأميركي بمثابة جرس إنذار للمستوى السياسي في إسرائيل. للولايات المتحدة مصالح واسعة، تتجاوز كثيراً الحرب على “حماس”، بل حتى علاقتها بإسرائيل. قبل عام، حذّر “معهد دراسات الأمن القومي” من احتمال تعزُّز العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، مع تقليص دور التطبيع بين إسرائيل والسعودية. وورد في التقرير أن إسرائيل قد تخرج خالية الوفاض من الجهتين: لا تنال التطبيع، وفي الوقت ذاته، تدفع الثمن وتتحمّل المخاطر الكامنة في برنامج نووي سعودي.

للسعوديين مصلحة في الدفع بمسار يتجاوز التطبيع، فبهذه الطريقة، يستفيدون من حزمة كاملة من المكاسب من الولايات المتحدة: أسلحة متطورة، وتكنولوجيا، وذكاء اصطناعي، واتفاق أمني، وحسبما ذُكر، اتفاق للتعاون النووي، وكلّ ذلك، من دون أن يدفعوا ثمناً حيال الرأي العام العربي نتيجة توثيق العلاقات بإسرائيل. من جهتهم، هذا هو الأفضل من جميع النواحي، بينما من جهتنا، هو الأسوأ من جميع النواحي.

الجانب الإيجابي، يبدو أن الأميركيين نجحوا في التوصّل إلى تسوية مع السعوديين بشأن قضية تخصيب اليورانيوم على أراضيهم، وهي مسألة أصرّت عليها السعودية، وسيتم توقيع “اتفاق 123″، وفقاً لتصريحات وزير الطاقة الأميركي، وهو اتفاق من شأنه أن يصعّب على السعوديين تطوير برنامج نووي عسكري في المستقبل.

لم يفت الأوان بشأن التوصل إلى الصفقة الكبرى. ومع ذلك، كلما مرّ الوقت، يفقد الأميركيون أوراق ضغط كان من المفترض تقديمها للسعوديين في مقابل التطبيع مع إسرائيل. من المرتقب أن يزور ترامب المملكة الشهر المقبل، ويعلن توقيع اتفاقيات أمنية إضافية مع السعوديين، لكنه لن يتمكن من إعلان التقدم في مسألة التطبيع، لأن ذلك مشروط بانتهاء الحرب في غزة. لإسرائيل مصلحة عليا في دفع مسار التطبيع مع المملكة العربية السعودية، غير أن عامل الزمن لا يعمل لمصلحتنا في هذا الملف، وقد يحدث، من دون أن ننتبه، أن تفلت فرصة تحقيقه من بين أيدينا”.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  أزمة الطاقة العالمية.. لا بد من دور أكبر للحكومات (2)