إخترنا لكم Archives - 180Post

700-5.jpg

لا تصدمك مثل تلك الأسئلة المبطّنة عندما تأتي من شخص لا يعرفك أو من شخص عابر، لكنها حتمًا توقف الحوار وتضع فواصل بين الأحرف، أو ربما أسوارًا تفصل الكلمة عن الأخرى وتفكّك اللغة. المشهد أو السؤال صدمك مرة عندما كان الحديث عن التحولات في سوريا ولبنان، وانطلاق بوادر المرحلة الجديدة من المشروع الصهيوني تحت مسمّيات عدة. سقط السؤال كما غيره، إلا أن الفرق كان أن من طرح السؤال إعلامي وصحفي مخضرم، كما يسمّونهم، لا بل كان كاتبًا ومحللًا للمشهد السياسي في الخليج والدول العربية على مدى عقود. كان سؤاله بعيدًا عن موضوع الندوة، حيث ترك المشروع الصهيوني والإبادة في غزة والعربدة الإسرائيلية في سوريا ولبنان واليمن وغيرها، وركّز على مواضيع أخرى، ودول غامزاً من جهة الهوية العرقية والدينية ربما!

710.jpg

ذات يوم، قلتُ لابنتي إنّ في ثمرة التين خصائصَ جمّةً للعظام، إلا أنّها سارعت وتناولت هاتفها الذكي ليدلّها رفيقها اليومي "شات جي بي تي" (برنامج ذكاءٍ اصطناعيٍّ)، على حقيقة المعلومة، لعلّ الروبوت الذكي وخوارزمياته أخبرُ مني، كونه من أبناء جيلها! أمّا صديقتي التي كان يحلو لها محادثتي، فلم تعد استشارتي تُشبع حاجتها، وصارت تلجأ إلى المصدر عينه لتحلّ مشاكلها الزوجية والأسرية.

800-23.jpg

لم تعد التصريحات المتكرّرة التي يطلقها المبعوث الرئاسي الأميركي إلى المنطقة توماس برّاك، سواء صُنّفت في خانة المواقف الشخصية أو اعتُبرت زلات لسان عابرة، مجرّد آراء فردية تُقال على هامش لقاء أو تُسجَّل كعبارة طائشة بلا خلفيات. ما يقوله الرجل لم يعد بريئًا ولا عابرًا، بل بات أقرب إلى نهج سياسي منظّم يعبّر عن رؤية شاملة تُدفع إلى الواجهة تدريجيًا، كلما سنحت الفرصة، وبالجرعات التي يراها أصحابها مناسبة للحظة الإقليمية والدولية.

799-3.jpg

يؤدّي تراجع الهوية اليهودية بين اليهود الأمريكيين إلى ضعف الروابط العاطفية والأيديولوجية لهم مع إسرائيل، مما يُهدّد مثلث القوة التقليدي الذي جمع، على مدى عقود، بين مجتمع يهودي شديد القوة داخل أمريكا، ودعم أمريكي شديد القوة لإسرائيل، ودولة إسرائيل تستفيد بشدة من نفوذ اليهود الأمريكيين.

750-9.jpg

شهد العالم في السنوات الأخيرة تصاعدًا في الاستقطاب بين تيارين متقابلين: الصهيونية والإسلام السياسي. ومع بروز هذين التيارين على الساحة الدولية والإقليمية، تبدو العلمانية - التي مثّلت يومًا ركيزة سياسية وفكرية في دول كثيرة - وكأنها في حالة تراجع ملحوظ.

00.jpg

كشفت حرب غزة 2023 عن العلاقة الوثيقة والاستثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعن الدعم الأميركي غير المشروط لإسرائيل ماليًا وعسكريًا، وما نتج عنه من تكاليف باهظة أضرّت بمصالح واشنطن. فقد سمحت هذه العلاقة لإسرائيل بتجاوز القوانين الدولية وارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين. وبناءً على ذلك، يؤكّد الكاتب أندرو بي. ميلر، في مقاله المنشور في مجلة «فورين أفيرز»، على الضرورة الأخلاقية والاستراتيجية لإعادة تعديل هذه العلاقة نحو نموذج أكثر طبيعية ومساءلة، بما يحمي مصالح الطرفين.

799-1.jpg

تزحزحت عن معظم مواقعها الطبقة الوسطى المصرية خلال هذا القرن الذي مضى. لم تنتقل ولم تتحول ولكن تحركت قليلاً، تزحزحت. ما عهدناه عن إنسان الطبقة الوسطى، وبخاصة هذا الإنسان الذي وافق فاشترك عن قرب أو انضم واندمج في مشروع نهضة، عهدناه لا يذهب إلى الجديد إلا وقد ترك خلفه شيئاً أو أشياء. يقال عنه، تهذباً واحتراماً، إنه أخذ معه كل ما خف حمله وثقلت قيمته. أنا شخصياً، وقد عشت في هذه الطبقة في أكثر من حي، أؤكد عن خبرة مبررة أن أحداً من بين من عرفت انتقل من الحي الذي عشنا فيه إلا وكان حزيناً على فقد ما ترك وما تخلف وراءه من أفراد وأشياء.

800-13.jpg

في خضم حديثٍ عابرٍ عقب مظاهرة داعمة لـ «لبنان جديد»، طرحت عليَّ سيدةٌ سؤالاً عميقًا: "ماذا يمكنني أن أعمل لخدمة لبنان من فرنسا"؟ ارتديتُ حينها ثوب الخبير وسألتها عن مجال عملها. وحين علمت بأنها مختصة في المعالجة النفسية، أومأت إعجابًا، ثم بادرتها باقتراح: «ماذا لو اتفقت مجموعة من المختصين أمثالك على إجراء دراسة معمقة لظاهرة «الأنا المتضخمة» في مجتمعنا اللبناني"؟ لعلّنا نجد في نتائجها بوصلة لعلاج هذا الداء الاجتماعي المتفشي؟

750-7.jpg

يجد لبنان نفسه اليوم أمام مفارقة معقّدة في مسار التفاوض مع إسرائيل؛ مفارقة تحمل أربعة أهداف متداخلة، بعضها مفروض عليه بحكم الواقع الجغرافي والسياسي، وبعضها الآخر نتيجة حسابات داخلية وخارجية لا يمكن تجاهلها. فهو من جهة يسعى إلى تجنّب سيناريو دموي شبيه بما حلّ بغزّة، ومن جهة ثانية يريد تفادي حرب واسعة قد تُستنزف فيها قدرات حزب الله بما يتجاوز طاقته الحالية.

800-15.jpg

يمكن توصيف الوضع الحالي في الحروب الإسرائيلية المستمرة من جبهة غزة إلى جبهة جنوب لبنان مرورًا بالضفة الغربية التي تخضع لحرب من نوع آخر منخفضة الوتيرة، وبشكل متقطع من طرف المستوطنين، بالتعثّر والضبابية فيما يتعلق بمحاولات وقفها وليس بالضرورة إنهائها.