«لن تنتصروا.. سوف نسحق كل من يهدد أمن إسرائيل». كانت تلك رسالة قلقة من النتائج الأخيرة للحرب على غزة أطلقها وزير الأمن القومى «إيتمار بن غفير» فى وجه الأسير الفلسطينى «مروان البرغوثى» قبل وقف إطلاق النار بأقل من شهر.
«لن تنتصروا.. سوف نسحق كل من يهدد أمن إسرائيل». كانت تلك رسالة قلقة من النتائج الأخيرة للحرب على غزة أطلقها وزير الأمن القومى «إيتمار بن غفير» فى وجه الأسير الفلسطينى «مروان البرغوثى» قبل وقف إطلاق النار بأقل من شهر.
لا تبنى الاستراتيجيات الوطنية على خلفية انفعالية أو انتقامية أو تشفياً من فريق وطني ضد آخر. بل على الاستراتيجية أن تكون محايدة وموضوعية بالمعنى المصلحي العام. فالدولة العادلة هي الدولة التي تكون محايدة تجاه مواطنيها، بمعنى عدم الانحياز لفئة دون الأخرى، وعدم تجسيد مصلحة فئة دون أخرى، أو أفراد دون آخرين. ما يجعلها قادرة على المساواة بين مواطنيها في حقوقهم وواجباتهم.
في ظلّ تهاوي الأنظمة الإقليمية القديمة، وتشكّل تحالفاتٍ جديدةٍ، في قلب هذه العاصفة الجيوسياسيّة، يقف لبنان كسفينةٍ تتقاذفها أمواجٌ عاتيةٌ. إنّه المشهد الأكثر تعقيداً في منطقةٍ متغيّرةٍ، دولةٌ تمتلك كلّ مقوّمات النّجاح، لكنّها حبيسة صراعاتها الدّاخلية وتداخلاتها الإقليميّة. السّؤال الذي يفرض نفسه اليوم ليس إنْ كان لبنان سيتغيّر، بل كيف سيغيّر نفسه لينجو من العاصفة ويبني مستقبلاً يليق بشعبه.
شهدت مدينة شرم الشيخ احتفالاً كبيراً تحت شعار «قمة شرم الشيخ للسلام – اتفاق إنهاء الحرب في غزة»، محاطاً بغصني زيتون، حضره الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعشرون رئيساً أوروبياً وعربياً وإسلامياً. حظي هذا الاحتفال بتغطية إعلامية ضخمة تكاد تشبه تغطية المباراة النهائية لكأس العالم (المونديال)؛ إذ تسمر العالم أمام الشاشات يشاهد "الإمبراطور ترامب" يمارس سيادة مطلقة، فيما ينصاع الرؤساء لإشارته.
في العام 2008 لم يكن انهيار مصرف "ليمان براذرز" مجرد حدث مالي عابر في الولايات المتحدة، بل كان لحظة انكشاف كبرى لنظامٍ بكامله. فجأة، وجد العالم نفسه أمام مرآة تكشف هشاشة ما كان يظنه متينًا في الثقة الكبيرة التي وضعها بالنظام الرأسمالي الحديث.
بعيداً عن شغل ومشاغلة "فرقة حسب الله" الاعلاميّة في لبنان وعلى بعض الفضائيات العربيّة؛ وبعيداً عن فلسفة "نحن هزمنا، فلماذا لا نستسلم؟"؛ أو فلسفة "لا بدّ للقاعد أن يُفتيَ للمجاهد!"؛ أو فلسفة "لنسلّم سلاحنا بلا تحرير وبلا ضمانات جدّيّة، لعلّ الغرب الدّاعم لإسرائيل أصلاً يبعث لنا ببعض الدنانير"؛ أو فلسفة "نحن تحت الاستعمار، ومع ذلك فلنبنِ (دولة) ولو كانت بلا سيادة حقيقيّة"؛ أو فلسفة "لماذا لا نطبّق تجربة الرّئيس أبو مازن، على لبنان؟"... بعيداً عن كلّ هذا الضّجيج الذي يُحاول التّشويش على من بقي يطوف من بين الحجيج، فلنتوقّف عند عوامل تجعلنا نعتقد أنّ الحديث عن "هزيمة" في هذه اللّحظة ليس واقعيّاً بالفعل.
كيانيَّانِ استيطانيانِ في عالمِنا المعاصر. "الولاياتُ المتحدةُ" و"إسرائيل". نموذجانِ كولونياليّانِ يجْمعانِ بين الرأسماليّةِ والعنصرّيّةِ والاستبدادِ والتزويرِ. ويتقنَّعانِ بشعاراتِ الحريّةِ والديمقراطيّة. تقودُهُما الماسونيةُ، والصهيونيةُ التَلموديةُ، والصهيونيّةُ المسيحيةُ، أيْ مُثلَّثُ الدولةِ العالميةِ العميقةِ، أو الحكومةِ العالميةِ الخَفيّةِ. كلٌّ من هذينِ الكيانينِ اِغتصبَ أرضاً، وارتكبَ مجازرَ، ونظَّمَ إباداتٍ جَماعيّةً بحقِّ أبناءِ الأرضِ الحقيقييّن. هذا ما حصلَ في أرضِ أميركا وفي أرضِ فلسطين..
بعد أيام من توقيع اتفاق وقف الحرب في غزة ها هو دونالد ترامب يُستمر بتوجيه التهديدات إلى حركة حماس باستخدام القوة إن لم تلتزم بتطبيقه. فما الذي يُهدّد بنسف هذا الاتفاق؟
من أكثر الالتباسات التي تعمل على بثها أدوات الدعاية، فيما يرتبط بالمجتمعات وحركات التحرر، التي تلتزم النهج الحسيني؛ موضوع الشهادة وفلسفتها، حيث يعتبرها البعض -عن جهل أو عن إرجاف- أنها طلب للموت، أو أنها نأي بالنفس عن تحمل المسؤولية في الدنيا، أو أنها تعبر عن الفشل والنهاية، أو أنها تمثل وجهًا من وجوه الهزيمة والانكسار.
منذ تأسيسه في العام 1982، شكّل حزب الله حالة مركّبة بين المحلي والإقليمي؛ فهو مشروع مقاومة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه مكوّن عقائدي متصل بالمرجعية الإيرانية وولاية الفقيه. هذا الوتر المشدود بين الوطنية والعقائدية العابرة للحدود ظل قائمًا طوال العقود الماضية.. الآن جاء وقت الإمتحان، فماذا سيختار حزب الله؟