يعود الشرق الأوسط بقوّة إلى قلب السياسة العالمية والصراع الدائر حول أوكرانيا بين روسيا والغرب، مدفوعاً بالأهمية الحيوية للقضايا التي تناولتها قمّة جدّة العربية ـ الأميركية، ثم قمّة طهران الروسية ـ الإيرانية ـ التركية.
يعود الشرق الأوسط بقوّة إلى قلب السياسة العالمية والصراع الدائر حول أوكرانيا بين روسيا والغرب، مدفوعاً بالأهمية الحيوية للقضايا التي تناولتها قمّة جدّة العربية ـ الأميركية، ثم قمّة طهران الروسية ـ الإيرانية ـ التركية.
ملامح التعب التي بدأ يبديها قادة الغرب حيال الحرب بالوكالة ضد روسيا في أوكرانيا، هل تؤسس لمرحلة من الواقعية السياسية بما يهيء الظروف المناسبة للشروع في حوار جدي مع موسكو لإنهاء الحرب، أم تكون منطلقاً لتصعيد خيار المواجهة معها عبر الدفع بالمزيد من الأسلحة النوعية إلى كييف تمهيداً لحرب طويلة على الطريقة الأفغانية؟
فيما تراوح المفاوضات النووية بين ايران والولايات المتحدة مكانها، حلّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضيفاً علی طهران بعد ثمان وأربعين ساعة من إنتهاء جولة الرئيس الامريكي جو بايدن إلى المنطقة، وكأن المشهد الشرق اوسطي علی موعد يتجاوز قضاياه المُهمشة وأزماته المتوترة.
قد يبدو التونسيّون في هذه اللحظة المفصلية من حياة دولتهم، مجبرين على الاختيار بين تفتت الدولة وتشتت آليات اتخاذ القرار فيها بمقتضيات دستور ٢٠١٤، مضافاً إليهما المسار المثير للجدل الذي اتخذته حركة النهضة نحو "التمكين" في السلطة، وبين نقيضٍ يقوم على مركزة مريبة ومخيفة للسلطة بيد رجل واحد، تخضع له الدولة التي بلغت وهناً لم تشهده في تاريخها، حتى في آخر سنوات حكم الحبيب بورقيبة.
في كل تعبير لحزب الله عن إبراز قوة الردع في مواجهة إسرائيل – العدو للبنان تذكيراً لمن سها ذلك عن باله، تتصاعد أصوات مرجعيات دينية وقوى سياسية في البيئة المسيحية اللبنانية في طليعتها البطريرك الماروني، القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، معترِضة ومندِّدة ومشكِّكة. الأحرى متبرّمة من فائض قوة حزبٍ إسلامي إيديولوجي وعقائدي يختلف عنها شديد الإختلاف.
في جوّ من الاستقطاب الدولي الشديد، وقبل أن يصل الرئيس الأميركي جو بايدن، إلى مطار بن غوريون في "تل أبيب"، تمّ إعلان اللقاء الرئاسي الثلاثي في طهران، بين رؤساء إيران وروسيا وتركيا، مع تأكيد اجتماع الرئيس فلاديمير بوتين ومرشد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي.
تؤشر زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأولى إلى الشرق الأوسط، بعد سنة ونصف السنة على دخوله إلى البيت الأبيض، إلى الرغبة الأميركية في حسم أمرين بالغي الأهمية وعلى قدر كبير من الترابط بالحرب الروسية-الأوكرانية: حسم الملف النووي الإيراني ووضع نفط الخليج وغازه في خدمة الإستراتيجية الأميركية الرامية إلى إلحاق الهزيمة بروسيا، وإبقاء الولايات المتحدة القوة الوحيدة المهيمنة على مقدرات العالم وشؤونه.
قد لا يبدو مستغربًا لكثيرين أن يتعثر جو بايدن على سلّم الطائرة، أو أن يقع من على دراجته الهوائية. إنه السياق الطبيعي لرجلٍ في سنّه يحاول اصطناع قوةٍ لا تشبهه. لكنّ مشكلته في هذا التعثّر هي أنه رئيس الولايات المتحدة، الدولة التي صارت تتعثّر، وتسير بين ألغام السياسة بلا سطوة كالسابق.
تتصدر أزمة الطاقة في أوروبا تداعيات الحرب الاوكرانية. أوروبا بحاجة الى غاز بديل للغاز الروسي يقيها شر البرد من جهة ويُسرّع في إنهيار الإقتصاد الروسي من جهة ثانية.. لكن هذه الرغبات الأميركية ـ الأوروبية شيء والإمكانيات شيء آخر.
لطالما مثّلت زيارات رؤساء أمريكا للشرق الأوسط لحظة تاريخية فارقة يختلف ما قبلها عن ما جاء بعدها.