
تتراكم الأسئلة اللبنانية، لكنها تكاد تلتقي عند سؤال الصيغة التي ستحكم لبنان في المرحلة المقبلة.
تتراكم الأسئلة اللبنانية، لكنها تكاد تلتقي عند سؤال الصيغة التي ستحكم لبنان في المرحلة المقبلة.
السياسة واجب كل مواطن في كل بلد، ما عدا البلدان التي يحكمها طغاة ديكتاتوريون فهي ممنوعة. أما المواطن المثقف فواجبه مضاعف الأهمية، نظراً لإتساع معرفته وقدرته على التحليل.
القادة الشبان الجدد في السعودية والإمارات قاموا من دون أن يدروا، عبر اندفاعهم الحماسي والجامح نحو الاعتراف بحق اليهود التاريخي في فلسطين، بإلحاق مكة المكرّمة بالقدس المحتلة في رزمة واحدة تصطرع في داخلها كل عوامل التفجير: الإيديولوجي (أي إسلام نريد؟)، والثقافي (أي مسيحية ستسود: البروتستانتية الصهيونية أم الكاثوليكية والارثوذكسية)، والتاريخي، ومعنى الوجود، والحضارة، والحق والعدالة، والقيم العليا والأخلاقية. لماذا تم هذا الالحاق غير الإرادي؟
تساءلنا أمس: هل يُغلق السلام التطبيعي الإماراتي، ومن ثم الخليجي، مع إسرائيل دائرة الزلزال الحضاري؟
ما إن دخلت بوارج عسكرية فرنسية وغربية إلى المياه الإقليمية للبنان ورست قبالة شواطئه، بعد تفجير مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس 2020، حتى أثارت معها سجالاً. اعتبر البعض وجودها بمثابة "احتلال". وراح البعض الآخر يشبه الخطوة بتجربة القوات المتعددة الجنسيات بين أواخر 1982 ومطلع 1984.
افترضنا بالأمس أن السلام الإماراتي، وقريباً الخليجي، مع إسرائيل، لا تنطبق عليه سمة الانقلاب الجيو- سياسي وحسب ، كما السلام المصري والأردني والفلسطيني، بل هو أولاً وأساساً بمثابة زلزال حضاري. وسنقول اليوم لماذا؟
"تسونامي بيروت"، في الرابع من آب/أغسطس 2020، لم تقتصر تداعياته على المشهد اللبناني، بل بلغ صداه العواصم الكبرى، ولا سيما بكين. كيف؟
كان يا ما كان في قديم الزمان، أبحرت سفينة كبيرة في عباب البحر، وعلى متنها بضائع وركّاب كثيرون. فإذا برياحٍ عاتية تهبّ على هذه السفينة فتقلبها رأساً على عقب، وتُغرِقها مع حمولتها. لكنّ ناجياً وحيداً خرج من بين المنكوبين. لقد قذفته الأمواج إلى جزيرةٍ مهجورة. وما أن أفاق هذا الرجل من غيبوبته والتقط أنفاسه، حتى جثا على ركبتيْه متضرِّعاً للربّ كي ينقذه من محنته. لكن، لم تُستَجَب دعواته.
لم يكن توماس فريدمان، الكاتب في "نيويورك تايمز" والخبير بشؤون المشرق المتوسطي، مبالغاً حين قال إن "إتفاق إبراهيم" أو صفقة السلام الإماراتية - الإسرائيلية هو "زلزال جيو- سياسي، ستشعر به كل المنطقة... لأن هذه هي المرة الأولى التي يُقايض فيها السلام مقابل السلام، وليس الأرض مقابل السلام".
قبل كارثة مرفأ بيروت وبعدها، استشعر المواطن اللبناني، بمطلب بديهي جامع، هو أهمية السلطة القضائية في دولة القانون، لكن القضاء اللبناني نفسه لم يستشعر أن له دوراً في إنقاذ وطن يحتضر.