
لا تلخص مدينة القدس القضية الفلسطينية، لكنها ترمز إلى أكثر مواضعها حساسية وإلهاما لمئات الملايين فى أنحاء العالم.
لا تلخص مدينة القدس القضية الفلسطينية، لكنها ترمز إلى أكثر مواضعها حساسية وإلهاما لمئات الملايين فى أنحاء العالم.
التطورات التي شهدناها فجر اليوم (الأحد) على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، ليست ضربة استباقية إسرائيلية بقدر ما هي عملية استعراضية، وليس ما تزامن معها أو سبقها هو رد المقاومة المنتظر منذ آخر الشهر الفائت على إغتيال القائد العسكري الكبير في حزب الله فؤاد شكر، بل هو أمر بين أمرين:
عندما تحدثت كامالا هاريس، بوصفها المرشحة الرسمية للحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في 5 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، عن دعمها لـ"حق تقرير المصير" للشعب الفلسطيني أمام المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي في شيكاغو، أعادت إلى الأذهان وعداً مماثلاً أطلقه الرئيس الديموقراطي سابقاً جيمي كارتر في النصف الثاني من السبعينيات الماضية.
قد يكون أسهل الخيارات في تفسير ما حدث ويحدث وسيحدث، وخصوصاً عند الجمهور المخاصم لإيران، هو الحديث عن عدم قدرتها على الدخول في مواجهة شاملة مع كيان يقف خلفه الغرب برمته، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، لكن نظرة متأنية قد تفتح أبواب تحليل أخرى!
ليس من باب الصدفة أن يُباغت الوفد الإسرائيلي المشارك في اجتماعات الدوحة، قبل حوالي الأسبوع، رئيس الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، رداً على إصراره بوجوب إبرام تسوية عاجلة، بتذكيره بشكل فج بما صرّحه الرئيس الأميركي جو بايدن على باب طائرته في مطار بن غوريون بعد 11 يوماً من اندلاع حرب "طوفان الأقصى". قال بايدن أن الوقت "حان للسماح لإسرائيل بالذهاب الى النهاية"، أي أن لا سقف زمنياً للعملية الإسرائيلية في غزة.
بعد أكثر من نصف القرن، بدأ جو بايدن ــ يوم الإثنين الماضى فى المؤتمر العام للحزب الديمقراطى بمدينة شيكاغو ــ خطوات الخروج من الحياة السياسة الأمريكية والتى تنتهى رسميا فى منتصف يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، عندما يشهد على عملية إلقاء القسم من الرئيس الجديد للولايات المتحدة دونالد ترامب أو الرئيسة الجديدة كامالا هاريس.
الأسئلة والتساؤلات ذاتها ما زالت مطروحة، عند جميع المعنيين من أطراف وقوى دولية وإقليمية فيما يتعلق بمسار التطورات والسيناريوهات المحتملة بعد أشهر عشرة ونيف من حرب غزة التى تبدو أنها مفتوحة فى الزمان، ولو أنها حتى الآن محاصرة نسبيا فى المكان.
علّموني أن الحرب العالمية الأولى كانت وراء رسم حدود دول كثيرة في منطقتنا. علّموني أيضاً أن حرباً عالمية ثانية كانت وراء تثبيت هذه الحدود التي رسمتها الحرب العالمية الأولى. استدعى التثبيت أن تقوم منظمة إقليمية تستند إلى شرعيتين، شرعية التميز في الهوية عن الهوية العثمانية وشرعية إرادة القوى الاستعمارية المنسحبة من الإقليم كنتيجة حتمية لحرب عالمية ثانية. بمعنى آخر، كانت الحرب العالمية سبباً وراء رسم خريطة سياسية مختلفة للشرق الأوسط، وكانت حربٌ عالميةٌ أخرى سبباً وراء إقامة جامعة الدول العربية كمنظمة إقليمية ولكن عربية بوظيفة تثبيت الحدود السياسية المقررة للدول أعضاء هذه المنظمة.
أول مواجهة لكامالا هاريس مع أنصار الشعب الفلسطينى، منذ أن أصبحت مرشحة الحزب الديمقراطى، كانت فى تجمع انتخابى فى ولاية ميشيجان فى السابع من أغسطس/آب الجارى. إذ بينما كانت تتحدث إلى آلاف الأشخاص المؤيدين لها، أزعج بعضهم أجواء الحفل هاتفين: «كامالا، كامالا، لا يمكنك الاختباء! لن نصوت لصالح الإبادة الجماعية!». صحيح اعترفت هاريس بحقهم فى التحدث، لكن مع استمرارهم فى الهتاف، فقدت صبرها قائلة: «هل تعلمون ماذا؟ إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترامب، فقولوا ذلك.. وإلا، فأنا أتحدث».
تستمر الجهود الهادفة إلى وقف العدوان الإسرائيلي المُدمّر على قطاع غزة، وإذ من المقرر أن تحسم جولة القاهرة التفاوضية، هذا الأسبوع، التعقيدات المختلف عليها بين المقاومة الفلسطينية والإحتلال الإسرائيلي، لتنتقل بعدها جولة التفاوض إلى الدوحة، للتوقيع على النتائج المفترضة، فلا شيء حتى الساعة يُمكن الرهان عليه للقول إن مجالات الأمل فُتحت وبات وقف النار قريباً.