
استغرقني لأجلس وأكتب عن غزة قُرابة الثمانية أشهر. مررتُ كغيري من البشر بتقلبات تراوحت بين الاكتئاب الشديد والعجز الأشد. تخلّله بكاءٌ من وجع لم أشعر به من قبل وقلة حيلة وخذلان من عالم "حر" و"غير حر"!
استغرقني لأجلس وأكتب عن غزة قُرابة الثمانية أشهر. مررتُ كغيري من البشر بتقلبات تراوحت بين الاكتئاب الشديد والعجز الأشد. تخلّله بكاءٌ من وجع لم أشعر به من قبل وقلة حيلة وخذلان من عالم "حر" و"غير حر"!
هذا زمن اجتثاث الإنسانية من جذورها. الغرب برمّته ارتكب حضارة مشوّهة بأخلاقيات التفوق وديموقراطيات الاعتداء وقيم الرأسمال المتوحش. هذا زمن كشف زيف التحضّر الغربي وشناعات الحروب والاجتياحات والإبادات. فعلاً، أثبت أنه متفوق في تأبيد الانحطاط في مستعمراته واجتياحاته، مُروِّجاً لثقافة التفوق والإبداع، ومُبدّداً لشعوب وثقافات وثروات، تنتمي إلى عالم، يدعى "الثالث"، وهو أكثر من ذلك تراجعاً.
شهدنا فى الأيام الأخيرة ثلاثة تطورات هامة تتعلق بالحرب الدائرة التى دخلت شهرها العاشر. الحرب التى بدأت بالغزو الإسرائيلى لغزة ثم توسعت بالجغرافيا والقوة القتالية والأطراف والأهداف، بخاصة على الجبهة اللبنانية، مع استراتيجية «وحدة الساحات» كرد على الحرب الإسرائيلية على غزة.
رفعت العرعير أكاديمي وشاعر فلسطيني قُتل في غزّة بقصف إسرائيلي استهدفه وعائلته يوم 6 كانون الأوّل/ديسمبر 2023. آخر قصيدة كتبها بالانكليزية كانت بعنوان "إذا كان لا بدّ أن أموت"، ذكّرني بها مؤخراً صديق فاستوحيت منها مقالتي لهذا الأسبوع تحية لهذا المناضل الحقيقي.
عندما قرّر حزب الله فتح "جبهة إسناد" لبنانية في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لرفد المعركة التي أطلقها "طوفان الأقصى" على أرض فلسطين، كان ذلك حصيلة مناقشات دامت ساعات في "شورى القرار"، أمكن من بعدها تحديد وجهة تتطابق إلى حد كبير مع الرؤية التي حدّدها المرشد الإيراني علي خامنئي بعد ذلك بفترة في لقاء جمعه برئيس المكتب السياسي في حركة حماس إسماعيل هنية في طهران وأساسها أننا لسنا في خضم ما تسمى "الحرب الكبرى".
زاد التأييد لدور حزب الله في السياسة الإقليمية، بين اللبنانيين، بمقدار 9 نقاط منذ عام 2022. وهذه الزيادة لا تأتي من الطائفة الشيعية فقط، بل من مختلف المذاهب والطوائف والمناطق، حيث بات العديد من اللبنانيين يؤيدون مواقف الحزب غداة الحرب الإسرائيلية على غزة وفتح "جبهة إسناد" للفلسطينيين. ومن المرجح أن يرتفع التأييد أكثر إذا وسّعت إسرائيل حربها مع لبنان، بحسب استطلاع للرأي أجرته منظمة "الباروميتر العربي"(*) ونشرته مجلة "فورين أفيرز".
تمتد معرفتي به إلى أكثر من عقد ونيف من الزمن، ونلتقي على فترات متباعدة، ولكن مع كل لقاء كنا نقترب أكثر من بعضنا في الرؤى والأفكار بالرغم من تباعدنا الأيديولوجي الى حد التناقض.
يفرضون علينا الانشغال باليوم التالي في غزة ودورنا فيه كعرب مختارين بدقة وعناية. وبالفعل انشغلنا كما أرادوا لنا أن ننشغل.
كان بودّي أن يكون تواصلنا المباشر الأول حول كتاب قرأناه وتبادلنا حوله الآراء أو في شغفٍ نتقاسمه معاً وهو الكتابة أو في هموم تُحاصرنا كبشر في هذه البقعة من الأرض، لكنه القدر شاء أن يكون أول الكلام هو العزاء بوفاة شقيقة منى (د. مهى سكرية) ثم السلام.
لفت الأنظار تسارع الأحداث في إدلب إلى درجة الصدام بين الجيش التركي والجماعات المسلحة التي احتوتها تركيا ودعمتها على مدى أكثر من اثني عشر عاماً من بدء الحرب المركبة في سوريا. واللافت للنظر هو الدينامية التي تتحرك بها الحكومة التركية لتنفيذ ما يمكن أن نسمّيه توافقاً دولياً وإقليمياً على إخراج سوريا من كارثتها عبر المصالحة بين البلدين، فأي معنى لهذه الدينامية المتسارعة وما آفاقها في المستقبل القريب؟