"أنت يا ربّ لا بدّ تغفر للكفرِ إن كان حرًا أبيًا، وهيهات تغفر للمؤمنين العبيد، وذلك فهمي، وأنت ضماني على ما أقول.." (مظفّر النوّاب)
"أنت يا ربّ لا بدّ تغفر للكفرِ إن كان حرًا أبيًا، وهيهات تغفر للمؤمنين العبيد، وذلك فهمي، وأنت ضماني على ما أقول.." (مظفّر النوّاب)
منذ أكثر من شهرين، "علّق" سعد الحريري عمله وعمل تيار المستقبل الحزبي الى وقت غير محدد. حتى الآن، لم نعرف الأسباب الحقيقية والعميقة التي أملت إتخاذ هذا القرار ولا نستطيع تحديد التداعيات التي ستترتب عليه، لكن حسابات الربح والخسارة من زاوية الوطن والمواطن، قد تكون مختلفة. لماذا؟
من الممكن أن يتفهم البعض قرار الرئيس سعد الحريري بتعليق عمله السياسي وعزوفه عن خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة ولكن ما لم يمكن تفهمه هو رفضه المطلق ترشح أي مُنتمٍ إلى "تيار المستقبل" للانتخابات.
إذا كان هناك من انتكاسة لتعليق رئيس تيار المستقبل سعد الحريري عمله السياسي فهي انتكاسة أميركية بإمتياز. لماذا؟
قال سعد الحريري كلمته ومشى. إستودع "لبنانه الحبيب" على طريقة والده. ترك طائفته وتياره في العراء. لبنان الحالي، بتوازناته ووقائعه، ليس بخير. لا بد من تسويات إقليمية كبرى تنتج تسويات لبنانية صغرى. هذه وتلك مؤجلتان حتى الآن. لذلك، ليس أفضل مما كان. إلى اللقاء!
"اليُتم" كما الحُزن. يبدأ كبيراً وينتهي مُندثراً. عند الطائفة السُنية يحدث العكس. شعورها الجمعي بـ"اليُتم" يرتفع مع كل محطة سياسية يمر فيها لبنان وقد تعدّدت المحطات بعدد التصدعات التي أصابت البلد، أهلاً ونظاماً.
يتردد مؤخراً كلام كثير في بيروت عن تسوية أبرمها زعيم تيار المستقبل سعد الحريري مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان برعاية ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، جوهرها إبتعاد الأول عن العمل السياسي لمصلحة ترتيب أوضاعه الشخصية.
يدرك اللبنانيون بالحدس واليقين والمعايشة أن نظامهم السياسي هو حاصل الطوائف وفي أساسه العائلات السياسية وورثتها. توريث شمل كل الطوائف، ماضياً وحاضراً، لكن ما شكّل علامة فارقة في الواقع اللبناني سيرة الحريرية، أباً وإبناً. الأول؛ أدخلته السعودية من باب اتفاق الطائف وسِلمه البارد. الثاني؛ نادت به وريثاً على طائفة وولياً للدم.. قبل ان تتركه في العراء!
قال سعد الحريري كلمته، في ذكرى إستشهاد والده، ومشى، لكن إلى أين؟ حتماً إلى الدرب الذي يصل في نهايته إلى نعيم السلطة. درب يختصر رحلة الحريرية، من رفيق الحريري إلى سعد الحريري.
في سيرة الفضل شلق، تكتشف رجلاً لا يقين لديه. تجريبي باحث عن حقيقة ما ولكنه لا يهتدي إليها. صراحته تجرح كرمح السيف وثورته لا تخمد برغم العمر السبعيني. علاقته برفيق الحريري لا تزال تستوقف كثيرين، برغم إنتماء شلق إلى مدرسة فكرية يسارية وقومية عربية.. تجعله يحاكم ويحاكي الكثير من المواضيع، بلغة غير إنتهازية.