الدراما المصرية Archives - 180Post

1607369971571764322.jpg

قبل ستين عاماً، ظهر على الشاشة الصغيرة شاب مصري عشريني نحيل بملامح فلاحية بريئة، كان يتكلم طوال الوقت بلغة الإشارة (أبكم) في مسلسل "الضحية"؛ الجزء الأول من خماسية عبد المنعم الصاوي، ويُردّد عبارة "الله حي". هذا الشاب بشّر بولادة ممثل كاريزماتي وخط فني لا يشبه إلا صلاح السعدني.

صورة-المقال-2.jpg

أبدأ بالإقرار أنني لست من عشاق الدراما التلفزيونية المصرية، فأنا ممن خذلتهم أقلام المؤلفين وكاميرات المخرجين وخفة الممثلين/ات، فقررت هجرها نحو دراما لا تنطق بالعربية. ولكن، لا يمر عام إلا وأضعف أمام قراري هذا بدليل أنني اخترت مشاهدة ما لفت نظري بشدة من عمل تلفزيوني لاختبره منذ أولى حلقاته، إن كان يستحق بالفعل أم أستمر في التجاهل؟

سلايدر-5.jpg

يمكن الانطلاق مما حدث أواخر عهد الرئيس المصري الأسبق، محمد حسني مبارك، لفهم أسباب ما حدث في كانون الثاني/يناير 2011. ثمة مشتركات كبرى صنعت ما حدث، ليكون الخلاف حول درجة أهمية هذه المشتركات - معارضة مشروع توريث الحكم مثلاً - كأسباب ودوافع. أما ما تلا ذلك حتى الآن، فإن الاستقطاب الذي لم تشهد مثله مصر في تاريخها الحديث والمعاصر من حيث التشظي والعمق قضى على أي مشترك يمكن أن يشكل سردية معقولة عما حدث وما يحدث وما سيحدث.

الصورة-الرئيسية-للمقال.jpg

لدى ماكينة الإنتاج الدرامي في بلادنا قدرة مهولة على إهدار المواهب بنتاج فني تجلط الحبر في سني أقلام كُتابه، فحُشر في تصنيفات محدودة وخطوط درامية تتكرر أكثر مما تتنوع وقد تنمّط أداء الممثلين على قمم أدوارها. أمامهم اهتزت الكاميرات في أيادي حامليها، يهرول وراءها مخرجٌ يحاول اعتصار شيء استثنائي من جوف ثمرة استنزف عصيرها.