
حقوق الإنسان، الإتحاد الأوروبي القوي، استقلالية وسائل الإعلام، دور المعارضة؛ أسس أربعة للأنظمة الديموقراطية، حدّدها رؤساء كل من ألمانيا والنمسا وإيطاليا في مقالة مشتركة لهم في صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، في شهر أيار/مايو المنصرم.
حقوق الإنسان، الإتحاد الأوروبي القوي، استقلالية وسائل الإعلام، دور المعارضة؛ أسس أربعة للأنظمة الديموقراطية، حدّدها رؤساء كل من ألمانيا والنمسا وإيطاليا في مقالة مشتركة لهم في صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، في شهر أيار/مايو المنصرم.
ليست الحضارة في تطاول البنيان وتعاظم الإستهلاك، ولا هي في إتساع الشوارع وإستضافة المسابقات والمؤتمرات الدولية أو اللهاث وراء الماركات العالمية من مأكل وملبس. ليس ذلك إلا نوعا من سحر الأعين الذي برع به سحرة فرعون ففتنوا عقول الناس بسحر أعينهم حتى لا يكشفوا زيف ما يقدمونه لهم.
إصلاح العالم. كان هذا حلم الروّاد الطوباويين. راهنوا على مستقبل أقل بؤساً وحروباً. لم يحدث تاريخياً، أن قرناً وصل، ولم يكن أسوأ مما سبقه.
أدّت أحداث العالم المتعدّد الأقطاب الأخيرة، وفي طليعتها العدوان الإسرائيلي، والغربي عموماً، على فلسطين إلى إسقاط كثيرٍ من الأقنعة حول قيم أساسيّة وشعارات مهيمنة خلفها.
هل أهملنا المساعي نحو بناء الدّولة في العالم العربي؟ هل ارتدّينا إلى أفكار شبيهة بالأفكار الشّموليّة المؤّسسة للكثير من الاستلابات والمظالم؟ هل نحن نعيش ارتكاسةً حقيقيّة في الوعي العام بعد الأحداث التي وقعت في غزّة، أم أنّ الحدث الغزّاويّ أعاد تشكيل الأولويّات وفحص السّرديّات بالشّكل الذي زعزع البنى "الحداثويّة"، ويكاد يعيد للبنى التّقليديّة دورها وفعاليّتها، أم أنّ مبنىً ثالثاً أخذ يشقّ طريقه؟
بينما تنظر محكمة العدل الدوليّة في اتهام إسرائيل بارتكاب جريمة الإبادة الجماعيّة، احتفى المنتدى الاقتصادي العالمي (منتدى دافوس) بالرئيس الإسرائيلي وبقادة دول تساهم في هذه الجريمة. وقد تحدّث هؤلاء القادة ونظراؤهم في دولٍ أخرى ومديرو الشركات الكبرى عن أشياء كثيرة بينما غاب عنهم واقع أنّ الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تؤكّدان أنّ سدس سكّان العالم وثلث الذين ينضوون في حالة الفقر المدقع يعيشون اليوم في دولٍ "هشّة".
ربطت قيادات أوروبيَّة وأميركية بين حربَي غزَّة وأوكرانيا. رأت رئيسة المفوَّضيَّة الأوروبيَّة، أورسولا فون دير لاين، أن هاتين الأزمتين، على الرَّغم من اختلافهما، تدعوان أوروبا وأميركا إلى اتّخاذ موقفٍ مشترك، من أجل حماية "ديمقراطياتها". وعبَّر الرَّئيس الأميركي، جو بايدن، عن هذه الرؤية، طالباً من الكونغرس تمويلاً يصل إلى 100 مليار دولار- برغم أزمة الدَّين الأميركي- متعهّداً بعدم السَّماح "للإرهابيين" مثل "حماس" و"الطُّغاة" مثل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالانتصار!
الهُدَن لحظات في الحروب، لا تعني نهايتها اتفاقاً لوقف إطلاق النار، بل قد تؤدّي إلى تأجيجها. أغلب الحروب عرفت منذ القدم لحظات هُدَن، بما فيها الحروب العالميّة الكبرى والحروب الأهليّة.
إذا تأملنا مسار العالم العربيّ خلال السنوات الأخيرة نجده هادئاً ومستقراً في بعض جهاته ومجتمعاته وبلدانه، ومضطرباً وعاصفاً في أخرى؛ باعثاً على القوّة والأمل، وخاصَّة مع بداية التحولات العربيّة في تونس ومصر؛ أو على الخوف والإحباط، مع تحول الأوضاع إياها إلى أزمات ممتدّة كما في الجزائر والسودان والعراق وتونس؛ وحروب مركبة، كما في ليبيا واليمن وسوريا.
بعد ساعاتٍ قليلة من عمليّة "طوفان الأقصى"، كان لافتاً للإنتباه أن تَحشِد الدول "الغربيّة" جهودها الدبلوماسيّة والإعلاميّة وصولاً إلى العسكريّة وراء القيادة الإسرائيليّة. وكأنّها هي أيضاً ذاهبة مجتمعة إلى حربٍ بحجم الحرب في أوكرانيا. لكن غزّة ليست روسيا.. و"حماس" ليست إلا تنظيماً سياسيّاً في سجنٍ كبير.