عايشنا طيلة العام المنصرم، نسخة جديدة من حزب الله، سواء في كيفية تعاطيه مع الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، أو مع السياسات والاستحقاقات الداخلية.
عايشنا طيلة العام المنصرم، نسخة جديدة من حزب الله، سواء في كيفية تعاطيه مع الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، أو مع السياسات والاستحقاقات الداخلية.
لم يعد الخطاب السياسي والإعلامي الغربي–الصهيوني يتعامل مع اللغة بوصفها وسيلة وصف محايدة للواقع، بل بات يوظّفها كأداة استراتيجية استباقية، تُستخدم لإعادة تشكيل الوعي الجغرافي والهوياتي قبل أي تغيير ميداني فعلي. فالكلمات هنا لا تشرح التحولات، بل تصنع شروطها الذهنية، وتُعدّ الرأي العام لتقبّل خرائط وحدود لم تولد بعد على الأرض، لكنها رُسمت سلفًا في العقول.
لم يعد ممكنًا للبنان اليوم أن يفاوض خارجيًّا على حدوده، أو على قواعد الاشتباك، أو على حقوقه السيادية، فيما يبقى الداخل بلا حسمٍ واضحٍ لحدود السلطة بين الدولة واللاعبين الداخليين. فالنهج الذي حكم التجربة اللبنانية لعقود لم يعد قابلًا للاستمرار، ذلك أنّ الشروط التي سمحت به تسقط واحدةً تلو الأخرى
أعادت حادثة «بيت جِن» الأخيرة، والاشتباك المسلّح الذي وقع فيها بين مجموعات مسلّحة سورية والقوات الإسرائيلية المتوغّلة في محيط جبل الشيخ (كما في درعا والقنيطرة مؤخراً)، طرح سؤال بالغ الحساسية: هل ما يجري مجرّد حوادث أمنية موضعية، أم أنّه حلقة جديدة في مشروع إسرائيلي – أميركي قديم متجدّد يستهدف جبل الشيخ والجنوب السوري والجنوب اللبناني معًا؟
في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان، أعلن بنيامين نتنياهو مرارًا أن إسرائيل تريد إقامة منطقة عازلة في منطقة جنوب الليطاني بذريعة حماية المستوطنات الشمالية الإسرائيلية من أي تهديد صاروخي أو تسلّل بري لحزب الله في المستقبل. في الظاهر، يبدو الحديث أمنيًا بحتًا: شريطٌ آمن وعمقٌ دفاعي، أبعد ما يمكن من الحدود الدولية؛ لكن في المضمر ثمة ما هو أخطر من ذلك بكثير.
أثار قرار رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون القاضي بتعيين ممثل مدني للبنان هو السفير سيمون كرم في لجنة مراقبة اتفاق وقف الأعمال العدائية مع "إسرائيل" (لجنة الميكانيزم)، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية اللبنانية بين منتقد ومؤيّد ورافض.. وقد جاء هذا التعيين بعد موجة عارمة من التهديدات الأميركية و"الإسرائيلية" بشنّ عدوان واسع على لبنان ما لم تتم عملية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية قبل نهاية الشهر الجاري. ووسط هذا الصخب السياسي، لا بد من قراءة واقعية وهادئة لمفاعيل هذا القرار وما يمكن أن يؤول إليه.
لبنان يدخل مرحلة التفاوض السياسي مع إسرائيل. خطوة كانت متوقّعة بعد بلوغ الضغط الأميركي مرحلة مفصلية، ما أدى إلى "تطيير" زيارة قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل إلى الولايات المتحدة. ترافق ذلك مع تصريحات رسمية أميركية تتهم الدولة اللبنانية بالتباطؤ في إتمام مهمّة حصر السلاح وصولاً إلى اتهام المؤسسة العسكرية اللبنانية بالتواطؤ في تغطية ما تقول عنه إسرائيل "محاولة إعادة بناء ترسانة حزب الله العسكرية"!
تحوّل لبنان بكل طوائفه وأحزابه وسلطاته التشريعية والتنفيذية إلى حمّام سلام أبيض للترحيب بالبابا لاوون الرابع عشر الأميركيّ الأصل، وذابت الفوارق بين القوى المتناحرة وعمّ الوئام والسلام بينها، وكأن لا صراع ولا متصارعين.
تحلّ اليوم الذكرى السنوية الأولى لاتفاق السابع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2024، والذي حمل العنوان الآتي بموافقة الطرفين اللبناني والإسرائيلي: "إعلان وقف الأعمال العدائية والالتزامات ذات الصلة بشأن تعزيز الترتيبات الأمنية وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701".
"ما الذي يُمكن أن نستخلصه الآن بعد عملية اغتيال هيثم الطبطبائي في عمق بيروت"؟ يطرح السؤال الكاتب والباحث الفلسطيني أنطوان شلحت في إفتتاحيته الأخيرة في موقع "المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية" (مدار)، ويُسارع إلى الإجابة بأن الهجوم الإسرائيلي "يوضّح بجلاء أن حيّز العمل العسكري الإسرائيلي في لبنان ما زال مضموناً من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب".