أخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حربه على لبنان إلى أقصى مدياتها، باستهداف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وسط حملة جوية هي الأعنف منذ عقود، من حيث دمويتها واتساعها، واستبعاد أي أفق لوقف اطلاق النار أو طرق سبل الحل السياسي.
أخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حربه على لبنان إلى أقصى مدياتها، باستهداف الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وسط حملة جوية هي الأعنف منذ عقود، من حيث دمويتها واتساعها، واستبعاد أي أفق لوقف اطلاق النار أو طرق سبل الحل السياسي.
نحن في خضم حرب حقيقية ولو كان حزب الله يُصرّ على إدراجها في خانة مساندة غزة ومؤخراً أضاف إليها عنوان "الدفاع عن لبنان وشعبه". ما يجري منذ حوالي العشرة أيام على أرض لبنان يشي بما تُضمره إسرائيل للبنان منذ الدقيقة الأولى لانتهاء حرب تموز/يوليو 2006، وهو ما كان يجعلها تعتقد لسنوات طويلة أن جبهة غزة ثانوية.. وأن الحرب الأساس هي تلك التي لا بد منها في ما تُسمى "الجبهة الشمالية".
هل سيوقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عدوانه على لبنان؟ أغلب الظن أن الإجابة هى لا.
إن الهجمات الوقحة التي شنَّتها إسرائيل على حزب الله، الأسبوع الماضي، عبر تفجيرها آلاف أجهزة النداء الآلي (البيجر) وأجهزة الاتصال اللاسلكي، وأزهقت أرواح 37 شخصاً على الأقل، وتسببت بإصابة الآلاف بجراح خطيرة، توضح بشكل واضح وصادم مدى التهديد الذي لطالما حذَّر منه خبراء الأمن السيبراني لسنوات، وهو: أن سلاسل التوريد الدولية للأجهزة والمعدات الإلكترونية تجعل العالم كله عُرضة للخطر "لأننا لا نملك أي وسيلة جيدة للدفاع عن أنفسنا"، بحسب الخبير في الأمن الإلكتروني بروس شنايدر (*)
يختلف المسؤولون الاسرائيليون حول مسألة تصعيد المواجهات مع حزب الله في لبنان. ففي حين يعتقد بعض الجنرالات الصقور أن التصعيد يمكن أن يُجبر حزب الله على التراجع، يقول جنرالات آخرون إنه يتعيّن على إسرائيل أولاً حسم الحرب في غزَّة قبل فتح أي معركة جديدة، بحسب رونين بيرغمان في "نيويورك تايمز" (*).
دخلت الغارات الحربية المجنونة، التي أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشنّها على لبنان، يومها الثالث وذلك قبل أسبوعين من مرور عام على بداية العدوان الإسرائيلي على كل من قطاع غزة وجنوب لبنان. كانت حصيلة الأيام الثلاثة خسائر بشرية زادت عن 600 شهيد وأكثر من ألفي جريح، وطاولت نيرانها مناطق في كسروان وجبيل والشوف وأقصى شمال لبنان وشرقه، بالإضافة إلى كل مناطق جنوبه وضاحية بيروت الجنوبية.
وأخيراً نشبت الحرب بين لبنان وإسرائيل من دون إعلان واتخذت المواجهة العسكرية شكلاً جديداً يختلف عن الحروب السابقة ولا سيما حرب تموز/يوليو ٢٠٠٦.
يُعاني الكيان الإسرائيلي من أزمة عميقة مزدوجة تتصل بالحمل الثقيل المتفاقم على كاهل قوته العسكرية المتهالكة من جهة، وبنذائر حرب أهلية تلوح في الأفق وتتربص بمجتمع هذا الكيان من جهة أخرى، بسبب الحرب المجنونة والمكلفة التي يشنها بنيامين نتنياهو على جبهات عدَّة وفي اتجهات مختلفة. أما أعمال التنكيل التي تمارسها قوّاته الجوية، بهدف "مساندة" جيشه المُتعب، فليست أكثر من استراتيجية عمياء لن تخدمه لوقت طويل.
بعد قرابة السنة من عملية السابع من أكتوبر (2023)، وبعد حجم الدمار والقتل والإبادة التي جاءت رداً عليها، لا بدّ للمرء أن يتساءل عن جدوى هذه العملية التي أعطت للعدو الإسرائيلي ذريعة لجعل غزة مكاناً غير قابل للعيش فيه، ولإبادة شعبها وتهجير من بقي منهم، وتقطيع أوصالها، ووضع الخطط لإقامة المستوطنات فيها، وهذه خطوة هامة نحو تحقيق نقاء القومية اليهودية داخل "إسرائيل"، والتخلص ممن بقي من السكان الفلسطينيين.
تتواتر مقدمات وشواهد أننا بقرب عمليات عسكرية إسرائيلية واسعة على الجبهة اللبنانية قد تنزلق بالتداعيات إلى حرب إقليمية مدمرة.