بالأمس، كان لبنان على موعد مع حدث مهم وخطر جداً. ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، بدأ يشق طريقه الصحيح نحو القضاء، وذلك بعد طول مماطلة وتسويف من قبل بعض القُضاة المتواطئين وسلطة سياسية كابحة ومانعة لأي تقدّم أو تسهيل لهكذا خطوات.
بالأمس، كان لبنان على موعد مع حدث مهم وخطر جداً. ملف التحقيق مع حاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، بدأ يشق طريقه الصحيح نحو القضاء، وذلك بعد طول مماطلة وتسويف من قبل بعض القُضاة المتواطئين وسلطة سياسية كابحة ومانعة لأي تقدّم أو تسهيل لهكذا خطوات.
سيذكر اللبنانيون صيف هذه السنة لأجيال مقبلة. وستدون أحداثه المؤلمة للتاريخ بعدما وصلت وتصل، خلاله وتباعاً، الأزمات الاقتصادية والمالية والمصرفية والاجتماعية والمعيشية الى خواتيمها الدرامية.
لم تكن المشادة القضائية التي نشهد فصولها المستمرة، السقطة الأولى للسلطة القضائية اللبنانية، فأزمة الدولة تعكس غفوات متتالية ومستمرة لم تفلح مناشدات المواطنين بإيقاظها. وقد كانت حيثيات إدارة ملف تفجير مرفأ بيروت إحدى المحطات "الساطعة" على هذا السقوط، وكان اللافت حينها تسليط الضوء على طائفة القاضي لضمان عدالة الملف.
المشهد اللبناني ينضح بالكذب والتكاذب. يشترك "الشركاء" في تظهير الصورة الحقيقية، للنظام والكيان. بلغت السفاهة، أن بات رجال الدين، يسفرون عن انتماءاتهم السياسية، المعروفة أصلاً، ويتقدمون الصفوف الأولى، في خوض معارك دستورية، حقوقية، قضائية، سيادية، اقتصادية، مالية (وتحديداً مالية)، بألسنة الستة الكبار، المؤتمنين على خراب لبنان الآن، وتخريب لبنان المستقبل.
"الفساد مثل زواج المصلحة. إذا أفسدنا المصلحة، يبطل الزواج. ويصبح الأحبّة أعداءً، يدمِّر بعضهم بعضاً". هكذا يمازح القاضي الإيطالي أنطونيو دي بييترو صحافيّاً كان يستفسره، عمّا يعنيه قوله "إنّ الفساد يدمّر الدولة من الداخل، لذلك يجب تدميره من داخله". ودي بييترو هذا، ليس قاضياً عاديّاً. إنّه أسطورة إيطاليا القضائيّة الحيّة.
بخلاف ما أعلنه وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر من أن زيادة الإنقطاع في التيار الكهربائي في كل لبنان في الساعات الأخيرة "ناتج عن عطل تقني كبير وإصلاحه يحتاج إلى وقت" لم يحدّد مدته، ثمة رواية مختلفة تبشر بعتمة شاملة وقريبة.
الهجوم اللفظي والجسدي الذي نفّذه النائب اللبناني (عن عكار في شمال لبنان) هادي حبيش على القاضية غادة عون، يدخل في خانة "الجرم المشهود" في القانون اللبناني، ما يعني أن لا حصانة نيابية تحمي النائب من التوقيف، وهو ما يضع القضاء اللبناني أمام سؤال مفصلي في "زمن الانتفاضة": هل يستمر في الخضوع لسطوة السياسة، أم يقلب الطاولة على الجميع ويقرر أنه سلطة مستقلة وشجاعة تحمي الوطن وشعبه وتؤدب ساسته إذا أخطأوا.