سوناطراك تنسحب نهائياً ولبنان إلى عتمة شاملة
Smoke rises from the chimney's of Lebanon's electricity power plant in the town of Zouk Mosbeh north of Beirut on July 5, 2012. Lebanon has long suffered from electricity outages because of shortages at its power plants whose maximum capacity is less than 1,500 megawatts but the country’s actual need exceeds 2,300 megawatts. AFP PHOTO/JOSEPH EID (Photo credit should read JOSEPH EID/AFP/GettyImages)

علي نورعلي نور29/07/2020
بخلاف ما أعلنه وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر من أن زيادة الإنقطاع في التيار الكهربائي في كل لبنان في الساعات الأخيرة "ناتج عن عطل تقني كبير وإصلاحه يحتاج إلى وقت" لم يحدّد مدته، ثمة رواية مختلفة تبشر بعتمة شاملة وقريبة.

حملت الساعات الماضية تطوّراً خطيراً على صعيد أزمة الكهرباء التي يشهدها لبنان، إذ أفادت مصادر إحدى شركات النفط موقع 180 بوست أن شركة سوناطراك قررت فسخ العقد الموقّع مع لبنان بشكل نهائي والتوقّف عن تزويده بالفيول الذي يحتاجه لإنتاج الكهرباء، في مقابل دفع البند الجزائي بحسب العقد الموقّع بينها وبين الدولة اللبنانيّة.

هذا التطوّر سيعني عمليّاً دخول لبنان مرحلة العتمة الشاملة خلال أيام قليلة، وبالإخص إذا لم تتمكّن الحكومة خلال فترة قصيرة جدّاً من معالجة المسألة، سياسياً بالدرجة الأولى، عبر إيجاد البدائل والآليّات الكفيلة بتزويد معامل الكهرباء بالفيول الذي تحتاجه، وهذا مستبعد، أو إذا لم تتمكّن من إيجاد السبل الكفيلة بالضغط على الشركة لتغيير قرارها بأسرع وقت ممكن، علما أن مصادر شركة سوناطراك قالت لموقع 180 إنها لن تتراجع نهائياً عن قرارها بوقف التعامل مع لبنان.

يرتبط القرار الذي إتخذته الشركة اليوم بسلسلة من التطورات المتصلة بقضيّة الفيول المغشوش التي أثيرت مؤخّراً في لبنان، والتي طالت السمعة الدوليّة للشركة المذكورة بالنظر إلى كونها الطرف الذي أبرمت الدولة اللبنانية العقد معه، والذي يقع على عاتقه مسؤوليّة أي تلاعب أو غش في الفيول الذي يجري توريده بموجب العقد. مع العلم أن الشركة تنصّلت من مسؤوليّتها هذه في ذلك الوقت، برغم ثبوت وجود عمليّات تزوير منظّمة في نتائج فحوصات الفيول غير المطابق للمواصفات، إذ إعتبرت الشركة أن مسؤوليّتها إنتهت بمجرّد إنتقال الفيول إلى الباخرة في مرفأ التحميل، ما يشير إلى وجود ما يشبه المافيا الدولية المتقاطعة مع مافيا محلية.

عند إثارة الملف، جرى التفاهم بين الحكومة اللبنانية وسوناطراك على إستبعاد الشركة الجزائريّة من دائرة المتهمين في الملف، بمعزل عن مسؤوليتها الواضحة في كل ما جرى، في مقابل متابعة الشركة تزويد شركة الكهرباء بالفيول الذي تحتاجه للإنتاج حتى نهاية العام 2020. بإختصار، جرى الإتفاق هذا على قاعدة “عفا الله عما مضى”، حيث وجدت الحكومة نفسها مضطرة للسير بهذه التسوية خوفاً من حصول إنقطاع مفاجىء في الفيول المورّد إلى لبنان، مع ما يعنيه ذلك من إنقطاع تام للكهرباء، خصوصاً أن تحضير وإطلاق مناقصات جديدة لتوريد الفيول سيحتاج إلى عدّة أشهر. وبالفعل، تغاضى القرار الظنّي الذي أعده قاضي التحقيق الأول في بعبدا نقولا منصور عن وضع الشركة في قائمة المتهمين، مكتفياً بإتهام شركائها وممثلها في لبنان، برغم الصيت السيء للشركة في الجزائر وعالمياً.

إتخذ الحايك موقع الإدعاء على سوناطراك. وما إن وصل نص الدعوى التحكيميّة إلى الشركة من مركز التحكيم في لندن المحدد في عقدها مع الدولة اللبنانيّة حتّى إنفجر الموضوع، وإتخذت الشركة قرار الإنسحاب من العقد والتوقّف عن تزويد لبنان بالفيول، ولو أدى ذلك إلى دفع قيمة البند الجزائي

لكنّ يبدو أن مدير عام مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك إستشعر في مسار التحقيقات أمام القاضية اللبنانية غادة عون أن عدم مبادرته إلى الإدعاء على الشركة سيعني توريطه لاحقاً في الملف وربما زجه في السجن، خصوصاً أن بعض أسئلة القاضية عون نفسها تركّزت على سبب عدم مبادرة الحايك إلى الإدعاء على سوناطراك في حين أنّه يدّعي أن مؤسسة كهرباء لبنان كانت ضحيّة فيول الشركة المغشوش.

ولذلك، سرعان ما إتخذ الحايك موقع الإدعاء على سوناطراك. وما إن وصل نص الدعوى التحكيميّة إلى الشركة من مركز التحكيم في لندن المحدد في عقدها مع الدولة اللبنانيّة حتّى إنفجر الموضوع، وإتخذت الشركة قرار الإنسحاب من العقد والتوقّف عن تزويد لبنان بالفيول، ولو أدى ذلك إلى دفع قيمة البند الجزائي. ببساطة، باتت الشركة تعتقد أن عقدها مع الدولة اللبنانيّة بات يشكل عبئاً عليها وعلى سمعتها الدولية، وأصبحت كلفته تفوق الخسائر التي يمكن أن تتحمّلها جرّاء دفع البند الجزائي. ومن ناحية أخرى، إعتبرت الشركة أن الدولة اللبنانيّة أخلّت بالتفاهم الذي عقدته مع سوناطراك، والذي قضى بإستمرار الشركة بتوريد الفيول إلى لبنان، أقله حتى نهاية العام 2020، بشرط إبعادها عن دائرة الإتهام في ملف الفيول المغشوش.

وبحسب مصادر حكوميّة مطلعة سيكون أمام مجلس الوزراء تحديات كبيرة متصلة بهذا الملف خلال الأيام المقبلة، فإعداد دفاتر جديدة للمناقصات وتأمين بديل عن سوناطراك سيحتاج إلى وقت طويل، ما يعني أن حالة العتمة الشاملة ستعم لبنان في الأيام القليلة المقبلة. ولذلك، فمن المتوقّع أن يكون لدى مجلس الوزراء خيار عقد إتفاقات بالتراضي، لشراء شحنات الفيول من عرض البحر وتأمين الفيول بإنتظار إتمام المناقصة. مع العلم أن هذا الخيار سيحتاج بدوره إلى بعض الوقت بإنتظار تأمين موافقة مجلس الوزراء والوقوف عن رأي ديوان المحاسبة في هذا النوع من العمليّات.

إقرأ على موقع 180  التقارب التركي المصري.. هل تستفيد منه ليبيا؟

ومن المتوقّع أن يدخل لبنان في أزمة كهرباء قاسية وشاملة لفترة من الوقت في حال لم تغيّر شركة سوناطراك قرارها خلال الأيام المقبلة. مع العلم أن مؤسسة البترول الكويتيّة، التي يعتمد عليها لبنان لتوريد الجازولين، لا تملك القدرة على توريد الفيول الذي تحتاجه معامل الكهرباء بالنظر إلى عدم تخصص الشركة في تصنيع هذا النوع من المشتقات النفطيّة الخاص بمولدات المعامل سواء في الزوق أو الجية أو الزهراني.

أما البديل هنا، فهو محاولة الضغط على الشركة الجزائرية للتراجع عن هذا القرار، إذ يمكن أن تراهن الحكومة هنا على تدخلات ووساطات سياسيّة سواء من الجانب الفرنسي أو من جانب الحكومة الجزائريّة، في محاولة لمعالجة الموضوع. لكن وبمعزل عن نتيجة هذه الوساطات والمعالجات، من المؤكّد أن سوناطراك أمسكت لبنان من اليد التي تؤلمه، ومن الأكيد أيضاً أن لبنان سيواجه أزمة كهربائية قاسية في الأيام المقبلة بإنتظار إيجاد الحلول الملائمة للموضوع.

Print Friendly, PDF & Email
Download WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  لبنان وصندوق النقد: مَنْ يضحك على مَنْ؟