تبدو الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة (والمتناحرة في آن) أقل قلقاً على مستقبلها القريب مما كانت عليه قبل عدة أشهر. لماذا؟
تبدو الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة (والمتناحرة في آن) أقل قلقاً على مستقبلها القريب مما كانت عليه قبل عدة أشهر. لماذا؟
ليس الصراع حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان إلا حلقة من حلقات التجاذب للحصول حيناً، والتغطية أحياناً أخرى، على مكاسب سياسية وسلطوية ورئاسية ومادية.
صار مصطلح "التدقيق الجنائي" أو "التشريحي" (Forensic Audit) على كل شفة ولسان في لبنان. ما هي وظيفته وهل سيحقق النتيجة المرجوة؟
أعلنت الحكومة بلسان رئيسها منذ أيام فشل الانقلاب عليها. لم يكترث أحد من المواطنين لذلك. الحكومة ليست مهمة في حياة اللبنانيين. لا تتخذ قراراً إلا وتعود عنه. عندما يعدّد الوزراء انجازاتهم، يركزون على المؤتمرات الدولية التي حضروها، أو على عدد مشاريع القوانين التي قدّموها. يعتبرون أنفسهم نقيض الفساد وكأنهم يعتبرون الانجازات الجدية مرتبطة بالفساد.
من المفترض أن يستهل مصرف لبنان في الساعات المقبلة عمليّة تزويد التجّار بالدولارات المطلوبة لإستيراد المواد الأولية والغذائيّة الأساسيّة، من خلال المنصّة التي أنشأها لغرض التداول بالعملات الأجنبيّة، بالإتفاق مع المصارف التجاريّة. إنطلاق المنصّة، يمثّل خطوة كان يحضّر لها المصرف المركزي منذ فترة، من خلال سلسلة من التعاميم. لكنّ يبدو أنها تستبطن محاذير كثيرة، خاصةً إذا لم يتمكّن المصرف من ضبط سعر الصرف في السوق الموازية.
في الشكل، أرادت جمعيّة المصارف في لبنان القول أنّها تريد من خطّتها المقترحة المساهمة في النقاش القائم حول الحلول الممكن إعتمادها لإخراج لبنان من المأزق أفقتصادي والمالي الراهن. وفي الشكل أيضاً، أرادت المصارف أن تصوّر نفسها طرفاً يمثّل في مقترحاته مصالح ثلاثة ملايين مودع. لكنّ في المضمون، هذه أولى خطوات الجمعيّة للإنطلاق في سجال تقني مع الدولة اللبنانيّة، عنوانه حماية رساميلها بالتحديد من أي توزيع للأعباء في المعالجات المقبلة.
من أين يمكن البدء في نقاش الورقة الاقتصادية المسماة خطة إنقاذية للاقتصاد؟ من ورقة "لازار" التي اعتبرت مجموعة افكار ليس الا بعد ان سُوّقَت كأنها فتح مبين؟ أم من الورقة الاقتصادية التي ودع فيها الرئيس سعد الحريري اللبنانيين كأنها الترياق؟ أم من خطة ماكينزي الأعجوبة، بعدما أغدقت الدولة توصيفات "تاريخية" "غير مسبوقة" "وللمرة الأولى" عليها كلها، علمًا ان هناك ثماني خطط، على الأقل، وضعت خلال السنوات الثلاثين الماضية!
أقله مرّة في العمر، ليذق اللبناني نتائج جهله. ليعرف أن الجهل قائد كل الهزائم. ليفهم أن الجهل أحقر عدوّ. ليدرك ما جنته يداه. تقاعسه. ما أورثته "التنبلة". ليفهم أن المال يشتري عبداً، لكنه لا يصنع حرّاً، ولو اعتقد "العبد" أنه يحارب لأجل الحرية.
صدر مؤخراً التعميمان الأساسيان الرقم 148 و149 عن مصرف لبنان، وهما يحددان آليّات لسحب الودائع التي لا تتخطّى قيمتها الإجماليّة الخمسة ملايين ليرة لبنانيّة بالعملة المحليّة، أو الثلاثة آلاف دولار أميركي أو ما يوازيها بأية عملة أخرى، بالإضافة إلى تدخّل مصرف لبنان في سوق القطع الموازية. ردود الفعل على التعميمين إتسمت بالحذر ربطا بالآليّات التي سيتم إعتمادها للتنفيذ، وهذه الآليّات هي التي ستحدد النتائج الفعليّة على المودعين والإقتصاد المحلّي.
منذ دخول القطاع المالي في مرحلة الإنهيار الصريح في تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، تداول بعض الخبراء والمعلّقين مصطلح "المصارف الزومبي" لتوصيف وضع القطاع المصرفي اللبناني. مصطلح إنتشر منذ ثمانينيات القرن الماضي، للدلالة على ظاهرة المصارف المتعثّرة بسبب تركيبة موجوداتها غير المنتجة، لكنّها تستمر بالعمل بفضل الدعم الحكومي العلني أو الضمني. وبينما يُفترض أن تكون الإشارة إلى هذا المصطلح تحذير من كلفة هذا النمط المالي على المجتمع والإقتصاد المحلّي، يُطرح السؤال اليوم عن مكامن وحجم الخلل فعليّاً في الميزانيّات المصرفيّة اللبنانيّة، وعن سبل الخروج من هذه الوضعيّة.