حسان دياب عندما “يُفضفض”: إنها الدولة العميقة!
Lebanese Prime Minister-designate Hassan Diab delivers a speech after his nomination at the presidential palace in Baabda, east of the capital Beirut, on December 19, 2019. - Crisis-hit Lebanon's president named today former minister Hassan Diab, backed by Shiite movement Hezbollah, as the country's new prime minister. The little-known 60-year-old engineering professor at the American University of Beirut(AUB) replaces outgoing premier Saad Hariri amid nationwide anti-government protests and the worst economic crisis since Lebanon's 1975-1990 civil war. (Photo by STRINGER / AFP) (Photo by STRINGER/AFP via Getty Images)

نقَشت مع حسان دياب. رئيس حكومة تصريف الأعمال باقٍ، باقٍ، باقٍ، في السراي الكبير.

أكثر من مائة يوم على إستقالة حكومته، وها هو حسان دياب يتابع عمله من مكتبه في السراي الكبير في وسط بيروت. إهتز أثاث السراي وتكسرت مقتنيات كثيرة فيه في إنفجار 4 آب/أغسطس، ولم تنكسر أو تهتز إرادة هذا الرجل. لا شيء يوحي أنه مستقيل أو أن حكومته تتولى تصريف الأعمال.

أطاحت موجة انفجار “نيترات الأمونيوم” في مرفأ بيروت، بالسلطة السياسية، مادياً ومعنوياً. فرطت العقد الحكومي. نوافذ الواجهة الأمامية للسراي تشي بالأمر، فهي ما زالت مغطاة بالنايلون. فضّل حسان دياب ذلك على الصيانة الفورية، في إنتظار من يتبنى الترميم من الدول، وأبرزها الكويت التي ربما تأخذ الأمر على عاتقها، بشراكة مع بعض المتبرعين المحليين!

في 21 كانون الثاني/يناير 2020، ولدت حكومة حسان دياب المؤلفة من 19 اختصاصياً/ةً من غير الحزبيين، وهي الحكومة الأقرب إلى “التكنوقراط” في مرحلة ما بعد الطائف، ولو أن معظم الوزراء فيها، سمّتهم أحزاب سياسية.

تميزت ولادة الحكومة بأمور عديدة، أبرزها إشراك النساء للمرة الأولى بست وزارات وازنة بينها موقع نائب رئيس الحكومة وللمرة الأولى في تاريخ لبنان؛ تعهُّد الفريق الوزاري برفع السرية المصرفية عن حساباته؛ بعدم الترشح للانتخابات النيابية. غير أن الظروف السياسية والاقتصادية و”الطبيعية” جرت بما لا تشتهي سفن الحكومة ورئيسها. كوابح كبرى حالت دون تنفيذ البرنامج الإصلاحي، من الحصار الاقتصادي ولعبة الدولار المبهمة، إلى جائحة “كورونا” الخطيرة، والأهم الإرادات السياسية الداخلية والخارجية الساعية لإفشال الحكومة.

أيقن الرجل أن الفساد في لبنان ليس قوياً فحسب، بل إنه “أكبر من الدولة” نفسها، بدليل ما أصاب التدقيق الجنائي في الأيام الأخيرة، أي إنسحاب شركة “الفاريز آند مرسال”

جابه الرجل الذي يتفاخر حين يصف نفسه بـ”الكاميكازي” هذه الضغوط، انطلاقاً من “إيماني بربي”، متكئاً على “أعصابي الحديدية”، ولولا هاتين “ما كنت بضاين ولو شهر واحد”، والكلام لحسان دياب.

التدقيق.. ثم التدقيق

فصل رئيس الحكومة بين مفهوم العمل السياسي، وبين “الكذب الذي تُكنّى به السياسة اللبنانية”. انطلق من عدم الرغبة بالمكاسب الشخصية. “لا أريد شيئاً لنفسي” يرددها دائماً، معتبراً بأنها نقطة قوته الأهم. لم ينقطع سعيه إلى محاربة الفساد، بما يتيح له الدستور والقوانين من صلاحيات، إلا أنه ربما تطرّف في ذلك “زيادة عن اللزوم”، كما سمعها من بعض المقربين. وضع التدقيق الجنائي “أو التشريحي” ـ الذي استفز الكثيرين من أهل السلطة ـ على السكة منذ آذار/مارس الماضي، مستمراً بالسعي لتحقيقه حتى “الدقيقة الأخيرة”، محاولاً قطع الطريق على كل الراغبين بتفريغه من مضامينه ومحتواه. سلوك غير مسبوق لرئيس حكومة هدد “الدولة العميقة” في الصميم، الأمر الذي أزعج بعض “الحلفاء” أكثر من “المعارضين”، فاستعرت الحرب وازدادت حدة التهجم عليه. بعد هذا المخاض، أيقن الرجل أن الفساد في لبنان ليس قوياً فحسب، بل إنه “أكبر من الدولة” نفسها، بدليل ما أصاب التدقيق الجنائي في الأيام الأخيرة، أي إنسحاب شركة “الفاريز آند مرسال”.

“لا” للمرة الأولى في السراي

لا يُخفي دياب، النائب السابق لرئيس الجامعة الأميركية في بيروت، موقفه غير المعادي للغرب والأميركيين. يعبّر عن ذلك بمنتهى “الشفافية”. بينه وبين السفيرة الأميركية دوروثي ك. شيا علاقة “تقدير واحترام”. كان قد دعاها، غداة وصولها إلى بيروت، إلى مأدبة غداء في السراي واستجابت لدعوته. يوازي الرجل بين هذه الناحية وبين حرصه الشديد، في المقابل، على السيادة اللبنانية. لعله الأول من موقعه على رأس السلطة التنفيذية الذي قال “لا” بالفم الملآن لسفير دولة كبرى كالولايات المتحدة. ترجم قوله عملياً. ومثلما لا يحق للبنان التدخل بتعيين أية شخصية في المصرف الفدرالي الأميركي، قرر دياب أن يقطع الطريق على التدخل الأميركي في مسألة تعيين الدكتور محمد بعاصيري نائباً لحاكم مصرف لبنان المركزي. هي سابقة في التعامل اللبناني مع الدولة الأقوى في العالم!

“هل أنت جدّي في ما تفعل”؟ سألته السفيرة الأميركية، قاصدة خيار التوجه نحو الصين، فأجابها مبتسماً: “حتماً”!

هذه الآلية في العلاقة مع الدول، انسحبت أيضاً على الأمم المتحدة. في 8 نيسان/أبريل الماضي حل ستيفانو ديل كول قائد قوات “اليونيفيل” ضيفاً على طاولة رئيس الحكومة في السراي، وراح يتحدث عن خروقات حزب الله للحدود البرية مع “دولة إسرائيل” لناحية الأنفاق وغيرها.. لم يدعه دياب يكمل سرده، وهو الذي كان قد طلب دراسة عن خروقات “العدو الإسرائيلي” في تلك الفترة، فراح يعددها لضيفه (12600 خرق جوي، خروقات برية وبحرية عدد كذا وكذا..)، مشيراً إلى أن هذه الخروقات هي الـ99% المليئة من الكوب، بينما خروقات الجانب اللبناني هي الـ1% الفارغة.

أبلغ رئيس الحكومة قائد “اليونيفيل” أنه لن يكتفي بالاحتجاج إلى الأمم المتحدة بل سيرفع الصوت عالياً، ووجه إلى ديل كول لوماً شديداً لأنه بمواقفه ينحاز لإسرائيل ويغادر دور الوسيط! خرج ديل كول من السراي وتواصل رأساً مع السفيرة الأميركية، مُعبّراً لها عن استيائه الشديد من موقف دياب، بما معناه “من وين طلعلنا هيدا”! لم ينته الأمر عند هذا الحد. جاء خطاب دياب العلني خلال زيارته في 27 أيار/مايو إلى مقر قيادة “اليونيفيل” في الناقورة الحدودية، ليصب في الخانة نفسها!

.. حتى الصين!

بلغت ندية  دياب في التعامل مع الملفات ذروتها عند تعاطيه الشأن الاقتصادي. هو ليس خبيرا إقتصاديا لكنه أحاط نفسه بعدد من الخبراء والوزراء الملمين بالشأن الإقتصادي والمالي. عندما إشتد الضغط الأميركي على الحكومة، راح يبحث عن بدائل بعد تمنع الأميركيين والأوروبيين والخليجيين عن مساعدة ودعم لبنان، وتحديداً لجهة إصلاح قطاع الكهرباء. وسّع دائرة خياراته من ألمانيا فإيطاليا إلى اليونان، ولم يستثن حتى الصين!

كل الأحاديث عن “التوجه الحكومي شرقاً” ظلت حبراً على ورق، إلى حين حضور الوفد الصيني إلى السراي الكبير. تبع الاجتماع لقاءات أخرى بين اللجنة الوزارية المختصة والصينيين في بيروت ولاحقاً عبر تقنية الـZoom. وبالرغم من أن الأمور مع الصين ومشاريعها ليست بالسهولة المرجوة، لم يجد حرجاً باستكمال هذا المسعى، برغم قناعته أن رافضيه من داخل الفريق الحكومي أكثر من أولئك المعارضين أصلاً للحكومة. “هل أنت جدّي في ما تفعل”؟ سألته السفيرة الأميركية، قاصدة خيار التوجه نحو الصين، فأجابها مبتسماً: “حتماً”!

طبقاً لرؤية دياب إذا ارتفع سعر الصرف الرسمي ليس إلى سعر المنصة بل إلى 1800 ل.ل. “بتخرب الدني والناس بتاكل بعضها”

“الناس بتاكل بعضها”

تجربة إدارة البلاد خلال أصعب مرحلة في تاريخ لبنان وأعقدها، مكّنت دياب من الإلمام بأمور عديدة. في لبنان حالياً 70% من المعاملات تتم حسب سعر الصرف الرسمي للدولار، أي 1515 ليرة لبنانية (قروض السكن والسيارات وغيرها ودفع فواتير الهاتف الخلوي وأمور عديدة).. و20% من المعاملات تتم حسب سعر صرف المنصة أي على ال 3900 ل.ل. أما الـ10% المتبقية فهي تتم حسب سعر السوق السوداء. وعليه فإنه طبقاً لرؤية دياب إذا ارتفع سعر الصرف الرسمي ليس إلى سعر المنصة بل إلى 1800 ل.ل. “بتخرب الدني والناس بتاكل بعضها”.

يشير ذلك إلى أن أمرين يحولان دون الانهيار الاقتصادي والمالي الشامل، ألا وهما “دعم مصرف لبنان (دعم المحروقات والدواء والسلع الغذائية والطحين) وإستمرار تثبيت سعر الصرف الرسمي على 1515 ليرة”.

مقبلون على ما هو أسوأ

بطبيعة الحال، يعارض دياب رفع الدعم مهما كان الثمن. البداية كانت من قرار حكومته بالامتناع عن دفع سندات اليوروبوند خلال العام 2020 وقيمتها مليارين ونصف المليار دولار وحوالي المليارين فوائد مستحقة لسندات لاحقة، مقابل المضي بخطة إصلاحية وصمود الدعم لفترة أطول، كان الحديث حينها عن ثلاث سنوات. يعتقد أنه لو لم تقم الحكومة بهذه الخطوة لكانت الأمور قد إتخذت منحى خطيراً منذ آذار/مارس الماضي (تاريخ إعلان التعثر عن دفع سندات اليوروبوند). كان الحديث بأن المبلغ لدى مصرف لبنان سيتقلص ضربة واحدة من 22.5 إلى 17.5 مليار دولار، وبالتالي كان سعر “ربطة الخبز” سيصبح منذ ذلك الحين بحوالي 8000 ليرة. المفاجئ مؤخراً هو تصريح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول رفع الدعم بعد استقالة الحكومة. “لماذا هذا التصريح بعد إستقالة الحكومة؟ هو لم يتجرأ على فعل ذلك قبل الاستقالة”، يقول دياب، مضيفاً بأن الأمور في حال رفع الدعم وتحرير سعر الصرف “تنذر بأننا مقبلون على أوضاع اقتصادية ومالية وإجتماعية كارثية ومأساوية”.

دياب: “من يطّلع على الخطة الإصلاحية للحكومة يجد أنها مشابهة تماماً لورقة المبادرة الفرنسية”، غير أن محاربة خطة حكومتنا هو أمر سياسي محض

خطة الحكومة كانت تقتضي قبل الاستقالة، بفرض ضرائب مالية على الودائع المصرفية التي تفوق قيمتها المليون دولار، وعلى كل من إستفاد من أرباح الهندسات المالية السابقة، وبالتالي كان يمكن أن يحقق ذلك للخزينة قرابة الـ8 مليارات دولار، وتعود الأمور إلى مجاريها بدمجها مع أموال “سيدر” وما يمكن أن يرصده صندوق النقد للبنان، علماً أن “الصندوق” كان قد صادق على أرقام الحكومة وليس على أرقام “لجنة تقصي الحقائق” النيابية أو مصرف لبنان في ما يخص تقدير الخسائر.

إقرأ على موقع 180  "يديعوت أحرونوت": اغتيال خدياري "ضربة إستباقية"!

الغاز.. قطبة مخفية

“من يطّلع على الخطة الإصلاحية للحكومة يجد أنها مشابهة تماماً لورقة المبادرة الفرنسية”، غير أن محاربة خطة حكومتنا هو أمر سياسي محض. شاهد آخر على هذه الحرب هو أعمال التنقيب عن الغاز في البلوك رقم 4 من قبل شركة “توتال” الفرنسية. حاولت “توتال” استكشاف المخزون في البلوك المذكور، ثم أعلنت خلوه من الغاز، ملمحة إلى أن المخزون هو في البلوك رقم 9. علماً أنه خلال عملية الحفر الإستكشافي للتنقيب، جاء من يقول همساً للمسؤولين معطيات مختلفة عن البلوك 4. واللافت للإنتباه أن “توتال” لم تقدم تقريرها النهائي إلى الحكومة اللبنانية المستقيلة، علماً أن الموعد المزمع لتقديم التقرير الأولي كان في أواخر تموز/يوليو الماضي. وبعد المراجعة جرى تأجيل الموعد إلى الثامن من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. تابع رئيس الحكومة الأمر مع وزير الطاقة ريمون غجر، لكن تبين أن التقرير الفرنسي لم يصل بعد. إذاً “ثمة قطبة مخفية. موضوع الغاز مبهم”، لكأن هناك “من لا يريد أن يُسجل هكذا إنجاز تاريخي في سجل حكومة حسان دياب”. يقولها الرجل وتتقاطع مقولته مع حديث رئيس الجمهورية ميشال عون في آب/أغسطس الماضي خلال مقابلته مع الزميل ريكاردو كرم.

“السماد الكيماوي”

قبيل عدة أسابيع من الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس، حل مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا ضيفاً على السراي الكبير، وذلك في سياق زيارة بروتوكولية، سأله دياب عما إذا كانت لديه ملفات فساد لطي تعمل الحكومة على متابعتها. أجابه صليبا بالنفي. بعدها، كلف دياب أحد مستشاريه (الزميل خضر طالب) بمتابعة الأمر مع أمن الدولة، قبل أن يفيده صليبا لاحقاً في لقاء جمعهما بموضوع المواد الخطرة في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت. على الفور، قرر رئيس الحكومة القيام بجولة في المرفأ برفقة مدير عام أمن الدولة. قام قائد سرية الحرس الحكومي الرائد محمد عبد الله بزيارة استطلاعية في إطار الترتيبات ليلة موعد الجولة المزمعة. حينها تواصل الرائد عبد الله مع رئيس الحكومة وأنبأه بوجود معلومات متضاربة حول نوعية المواد وكميتها، جرى الحديث عن TNT بالتزامن مع حديث عن “نيترات الأمونيوم”. سأل دياب عن “نيترات الأمونيوم” ووجهة استعمالها، فجاءه الجواب، بأنها تستخدم لأجل “السماد الكيماوي” للزراعة وأيضاً للتفجير في الكسارات! وعليه، أرجأ زيارته طالباً إنجاز التحقيق بشكل كامل. لعب موضوع الإقفال ووباء كورونا دوره مع عوامل أخرى.. حتى وصل تقرير أمن الدولة حول محتويات العنبر رقم 12 وثغراته إلى رئاسة الحكومة في 22 تموز/يوليو.

صور الأقمار الإصطناعية أينها؟

الفاصل الزمني بين وصول التقرير وانفجار 4 آب/أغسطس، لم يسعف الحكومة ورئيسها بالتحرك. “المدة غير كافية بمقياس العقل والمنطق”، يقول رئيس الحكومة، مشيراً إلى أنه لا يمكن تحميل حكومته وحدها مسؤولية ما جرى، فنحن قد علمنا رسمياً بوجود المواد قبل انفجارها بأيام معدودة، وبالتالي حين قيل له استنكاراً، لماذا لم تنزل إلى المرفأ كما كان مقرراً؟ أجاب بأن أسلافه نزلوا إلى المرفأ قبل ذلك ولم يعالجوا! قاصداً جولة سلفه سعد الحريري إلى المرفأ في أيلول/سبتمبر 2019. يضيف دياب أن المواد الخطرة موجودة في المرفأ منذ قرابة سبع سنوات والأجهزة على دراية بها ولديها تقارير عديدة حولها، ولم تحرك ساكناً، علماً أن القانون مثلاً يخوّل مديرية الجمارك التصرف بها من دون مراجعة أحد، فلماذا لم يزيلوا الخطر! ويعقّب أنه كان قد قدم إفادة إلى القضاء تضمنت كل ما يملكه من معطيات في هذا الملف، وقال إنه غير معني بتسريب إفادته، “لكن إذا بدهم يسربوا.. هني يسربوا”!

إذا كان الانفجار مدبراً و”كل شيء وارد في لبنان”، لا يستبعد دياب أن تكون إحدى وجهاته المحلية إسقاط حكومته قطعاً للطريق على تحقيق أهدافها وعلى رأسها “محاربة الفساد”

ما لفت إنتباه رئيس الحكومة أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يتجاوب مع طلبه “مرتين” منه تأمين صور الأقمار الصناعية خلال التفجير، “وحتى الآن لا تجاوب من الفرنسيين”! إحدى هاتين المرتين كانت بحضور رئيس الجمهورية. حينها لاحظ دياب أن ماكرون نظر إلى عون في إشارة إلى أنهما كانا قد تحدثا بالموضوع مسبقاً.  تتعزز شكوكه بما جرى في مرفأ بيروت مع ما طلبُه مسؤول أمني لبناني كبير من مسؤول أمني أوروبي كبير: أعطونا صور الأقمار الصناعية قبل وخلال وبعد الانفجار”. جاء الجواب الأوروبي: سنعطيكم صور ما قبل الإنفجار وبعده. أما خلال الانفجار.. ذلك “غير ممكن”!

وحده حزب الله

إذا كان الانفجار مدبراً و”كل شيء وارد في لبنان”، لا يستبعد دياب أن تكون إحدى وجهاته المحلية إسقاط حكومته قطعاً للطريق على تحقيق أهدافها وعلى رأسها “محاربة الفساد”، مشيراً إلى أن الحلفاء قبل المعارضين دفعوا باتجاه استقالته، وذلك “في سياق هجمة سياسية منظمة جداً”.. “وحده حزب الله وقف إلى جانبي حتى اللحظة الأخيرة”.

وفي ما يخص الدعوة للانتخابات النيابية المبكرة، يقول دياب إنها لم تكن موجهة ضد المجلس النيابي، بل جاءت منسجمة مع دعوة الشارع ودعوات بعض الدول الغربية، معتبراً أن مطالب الشارع “الصادق” هي مطالبه ورؤيته، مع درايته بأن جل الشارع موجّه من قبل بعض القوى والأحزاب. يرددها ويشير بيده إلى الساحات المتاخمة للسراي “أينهم الآن”! أما بالنسبة لصعوبة حدوث تغيير حتى لو أجريت الانتخابات المبكرة، فـ”ذلك أمر آخر، الدول تقوم باستفتاء شعبي عند حصول مشكلة. الشارع ينادي بالتغيير. اتركوا مجالاً للناس حتى تعبر عن نفسها! أنا مقتنع بالانتخابات النيابية المبكرة على أساس قانون انتخابي عادل”، يقول رئيس حكومة تصريف الأعمال.

نادي رؤساء الحكومة “لم أسمع به”!

قبيل الانفجار، كان دياب وبرغم الحرب الضروس عليه منذ اليوم الأول لدخوله إلى السراي، يعتبر ذهابه إلى الاستقالة محالاً! ردد ذلك في مناسبات عديدة. تأمين البديل صعب لظروف موضوعية، وبالتالي إمكانية الاستمرار في تصريف الأعمال من سنة إلى سنتين كانت، وربما ما زالت، قائمة. لكن نظراً للظروف الطارئة في 4 آب/أغسطس، صارت الاستقالة واجباً أخلاقياً. “في مواضيع أقل من هيك بتستقيل حكومات ببعض الدول الأوروبية”، يقول دياب، ويضيف بأنه لو قرر الصمود، وأنا بطبعي عنيد، فإن فريقي الوزاري لم يكن ليصمد في مواجهة الضغوط الكبيرة التي مورست عليه “للحقيقة، طلع ما عندهم ركاب”!.

لا يخفي الرجل تمنياته بالنجاح للحكومة المقبلة برئاسة سعد الحريري المحظية بالدعم الخارجي وأغلبية مجلس النواب! وفي استشراف لأحواله ما بعد مغادرة السراي، فإن دياب الذي ضحى بوظيفته في الجامعة الأميركية وبمستقبله الأكاديمي، يطمح لرعاية تجمع شعبي من مختلف المناطق اللبنانية، لتحقيق رؤية ما.

حين يُسأل عن إمكانية إنضمامه لاحقاً إلى ما يسمى بـ”نادي رؤساء الحكومات السابقين”، يجيب: “لم أسمع بهذا الشيء من قبل”!

تسأله عن مدى إقترابه من شخصية الرئيس الدكتور سليم الحص، فيجيب:”لو بطلع عشرة بالمئة من دولة الرئيس الحص فقط، هذا أفضل تشريف وتشبيه وفخر لي”.

في صالونات البلد، ثمة نظرية رائجة: حسان دياب باق ربما إلى ما بعد نهاية العهد الحالي. لننتظر ونرَ.

Print Friendly, PDF & Email
علي دقماق

كاتب لبناني

Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
online free course
إقرأ على موقع 180  "يديعوت أحرونوت": اغتيال خدياري "ضربة إستباقية"!