أوكرانيا تٌسرّع فرصة التفاهم النووي.. خلال أيام!

يتبادل الأميركيون والإيرانيون في هذه الأيام جملة واحدة: "الكرة في ملعب الطرف الآخر". تشي هذه الجملة أن مفاوضات فيينا النووية لم تنته ولكنها، كما يقول مصدر موثوق في طهران، "بلغت مراحلها الأخيرة".

إنطلقت في فيينا جولة جديدة من المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية غير المباشرة، لكنها تتميز هذه المرة عن سابقاتها بأنها تلتئم على وقع مشهد دولي وإقليمي غير مسبوق، فالحرب التي تجري على أرض أوكرانيا، من شأنها خلط العديد من الأوراق وبالتالي إنتاج موازين قوى دولية وإقليمية جديدة، سيكون لها إنعكاساتها على العديد من الملفات وأكثرها طزاجة الملف النووي الإيراني.

ويقول مصدر موثوق في طهران رفض الكشف عن إسمه وذلك رداً على سؤال بشأن تأثير الحرب الروسية ـ الأوكرانية على مفاوضات فيينا إن ايران “لا تريد خلط الأوراق بل البناء على ما تم التوصل إليه حتى الآن، ولذلك، أمامنا فرصة لا يجب أن نُفوّتها، فهذا الإنشغال الدولي بالأزمة الأوكرانية قد يدفع الأميركيين والأوروبيين إلى إبداء مرونة في نقطة أو نقطتين عالقتين حتى الآن، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى نهاية إيجابية للمفاوضات”، وأكد المصدر نفسه أنه إذا سارت الأمور في هذا الإتجاه “هناك تفاؤل بإمكان التوصل إلى إتفاق نهائي جيد قبل يوم الاثنين المقبل”.

يقود ذلك إلى الإستنتاج أن جميع الأطراف المشاركة في مفاوضات فيينا لا تبدي رغبة في تغيير القواعد التي على أساسها تم تذليل الكثير من الصعوبات التي تعترض إعادة العمل بالإتفاق النووي الذي قرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخروج منه في العام 2018.

باتت الطريق سالكة وآمنة أمام الوفد الإيراني المفاوض في ضوء الإجتماع الإستثنائي الذي عقده مجلس الأمن القومي الأعلى في ايران بحضور كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني الذي غادر طهران فور إنتهاء الإجتماع متوجهاً إلى فيينا مع تعليمات واضحة بالمضي قدماً في المفاوضات من أجل التوصل إلى إتفاق نهائي

من جهة، تبدو واشنطن مهتمة بإقفال ملف يتسبب لها بأوجاع كبيرة في الرأس داخلياً وخارجياً، وبالتالي يُمكنها من التفرغ للملف الروسي حالياً وللتحدي الصيني مستقبلاً، ومن جهة أخرى، لا تبدو روسيا صاحبة مصلحة في تعديل المسار التفاوضي في ضوء التطورات الأوكرانية المتسارعة. لماذا هذا الحرص من الجميع على إبرام إتفاق؟

يجيب المصدر الموثوق في طهران بالآتي:

أولاً؛ تعارض روسيا وجود أوكرانيا نووية وأذربيجان نووية وكذلك امتلاك ايران قنبلة ذرية، فالاتفاق النووي أفضل طريق لمنع ايران من امتلاك قنبلة نووية.

ثانياً؛ هناك توجه روسي ـ غربي لفصل الملفات والأزمات الدولية عن بعضها البعض وأن لا يُصار إلى خلط الأوراق، ولذلك من المتوقع أن لا يتم الربط بين مفاوضات فيينا والملف الأوكراني أو أي ملف دولي آخر. تعاطي ايران وأميركا بمسؤولية بروحية التوصل إلى حلول نهائية جعل روسيا والدول الأوروبية أكثر تفاؤلاً بإمكانية التوصل إلى إتفاق نهائي في مفاوضات فيينا وبالطبع فإن الدول العظمى لن تفوّت على نفسها فرصة ذهبية لإقفال أحد أهم الملفات الدولية وأكثرها تعقيداً.

ثالثاً؛ قضايا الضمانات ورفع العقوبات وإلتزام ايران بتعهداتها النووية تم التوصل إلى حلول لمعظمها ولم يبقَ إلا القليل عالقاً.

رابعاً؛ ثمة إعتقاد غربي وتحديدا أوروبي بأن المرشد الأعلى الايراني السيد علي خامنئي قد منح الحكومة الايرانية برئاسة إبراهيم رئيسي والوفد الايراني المفاوض برئاسة علي باقري كني صلاحيات استثنائية من أجل إنجاح مفاوضات فيينا.

خامساً؛ يقول المصدر الموثوق نفسه إن الديبلوماسيين الغربيين ما زالوا يعتقدون بإمكانية التوصل إلى نتائج إيجابية في مفاوضات فيينا وإمكانية التوصل إلى حلول نهائية في غضون أسبوعين فقط.

سادساً؛ الرؤية الأميركية من وجهة النظر الأوروبية أكثر قابلية للتنفيذ من الرؤية الايرانية وبرغم ذلك يمكن أخذ الرؤية الايرانية في الإعتبار وصولاً إلى صياغة رؤية مشتركة تساعد في التوصل إلى إتفاق نهائي في ظل المرونة التي تبديها الولايات المتحدة الأميركية.

سابعاً؛ برغم تداعيات الأزمة الأوكرانية، سوف يتم نقل اليورانيوم الايراني المخصب بنسبة تفوق نسبة التخصيب المتفق عليها في الإتفاق النووي إلى روسيا، وذلك لغاية تاريخ إبرام الإتفاق النووي النهائي مجدداً.

ثامناً؛ تم التوصل إلى حلول نهائية في ما يتعلق بكيفية التعاطي مع موقع أراك لإنتاج الماء الثقيل وكيفية تعاون الصين في تطوير الموقع، وهذا الملف كان من بين البنود العالقة.

تاسعاً؛ تم التوصل إلى آلية من أجل إخراج أجهزة الطرد المركزي المتطورة من مفاعل فوردو، ويصح القول إن التوصل إلى آلية لحل هذه النقطة مؤشر على رغبة الجميع وجديتهم في التوصل إلى إتفاق نهائي.

عاشراً؛ جرى التفاهم على إزالة العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب، بإستثناء العقوبات التي تشمل الجناح الخارجي للحرس الثوري، وهذه نقطة عالقة قيد التفاوض حالياً.

وكان المتحدث بإسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده قد حدّد ثلاث قضايا عالقة هي رفع العقوبات وتقديم الضمانات بعدم الإنسحاب مجدداً من الإتفاق والإجابة على الأسئلة المتعلقة بآثار اليورانيوم في العديد من المواقع القديمة في إيران.

نبويان: كان من المقرر أن تقوم أميركا برفع العقوبات وبعدها نتحقق نحن من رفع العقوبات بشكل عملي ثم تقدم وزارة الخارجية تقريراً للبرلمان تشرح فيه سير الإتفاق ولكن أياً من هذه الأمور لم تتحقق

ماذا على الصعيد الداخلي الإيراني؟

إقرأ على موقع 180  الحراك الدبلوماسي لبنانيًا.. تهيب من الإرتطام الكبير

يمكن القول إن الطريق باتت سالكة وآمنة أمام الوفد الإيراني المفاوض في ضوء الإجتماع الإستثنائي الذي عقده مجلس الأمن القومي الأعلى في ايران بحضور كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني الذي غادر طهران فور إنتهاء الإجتماع متوجهاً إلى فيينا مع تعليمات واضحة بالمضي قدماً في المفاوضات من أجل التوصل إلى إتفاق نهائي.

ولا تعير الحكومة الإيرانية أهمية كبيرة للمناخ الذي تثيره أغلبية البرلمان الإيراني المحافظة والتي بلغت حد إستدعاء وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان. وقال المتحدث باسم الهيئة الرئاسية في البرلمان الايراني نظام الدين موسوي إنه برغم أن البرلمان الايراني صوب قانون استراتيجية رفع العقوبات، فمن الناحية الحقوقية لا يوجد ما يلزم الحكومة بتصويب مسودة مشروع الإتفاق مع 4+1 في البرلمان الايراني.

ويوحي كلام نظام الدين موسوي أن مجلس الأمن القومي الأعلى هو الجهة المخولة باتخاذ القرار النهائي.

وقال محمود نبويان، وهو أحد النواب المحافظين والمعارضين بشدة للإتفاق النووي إن الإتفاق الذي قد يحصل في الأيام المقبلة “لا يلبي تطلعات النواب في البرلمان الايراني، فلا ضمانات في ما يتعلق بعقوبات “آيسا” و”كاتسا” كما أن أميركا لم تقدم أي ضمانات بأنها لن تخرج مجدداً من الإتفاق النووي بشكل أحادي الجانب وعوضاً عن تقديم الضمانات أخذوا المزيد من الضمانات من ايران.

وأضاف نبويان أنه كان من المقرر أن تقوم أميركا برفع العقوبات وبعدها نتحقق نحن من رفع العقوبات بشكل عملي ثم تقدم وزارة الخارجية تقريراً للبرلمان تشرح فيه سير الإتفاق ولكن أياً من هذه الأمور لم تتحقق.

وقال مرتضى محمودوند وهو أحد النواب الأعضاء في لجنة الأمن القومي في البرلمان الايراني “إذا لم يتم الالتزام بقانون استراتيجية رفع العقوبات الذي أقره البرلمان فإن الحكومة الايرانية سوف تتعرض للمساءلة من دون شك”، وأكد أن الأخبار التي تصل إلى البرلمان من الوفد الايراني المفاوض “ليست جيدة”.

Print Friendly, PDF & Email
طهران ـ علي منتظري

كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران

Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  بعد الدونباس.. زيلينسكي يتواضع أو يستدرج "بطرس الأكبر"!