
لم يمضِ يومان على استشهاد القائد الفلسطيني يحيى السنوار في جنوبي غزة بتلك الطريقة السوريالية التي نشرها العدو الإسرائيلي، حتى وزّع صوراً مماثلة في سورياليتها للمقاوم اللبناني الشهيد إبراهيم حيدر في جنوب لبنان.
لم يمضِ يومان على استشهاد القائد الفلسطيني يحيى السنوار في جنوبي غزة بتلك الطريقة السوريالية التي نشرها العدو الإسرائيلي، حتى وزّع صوراً مماثلة في سورياليتها للمقاوم اللبناني الشهيد إبراهيم حيدر في جنوب لبنان.
منذ اغتيال سيد شهداء محور المقاومة السيد حسن نصرالله، قبل 20 يوماً، ثمة تساؤلية مزدوجة، جزئيتها الأولى، كيفية نجاح العدو الإسرائيلي في الوصول إلى "السيد"، وجزئيتها الثانية، عجزه عن اغتيال قائد حركة حماس يحيى السنوار؟ فهل استشهد السنوار وهو يقاتل بالصدفة؟ أم اغتيل بقرار بحثاً عن انتصار يُمهّد لوقف النار؟
لأنها مسقط الرأس، كما كل مسقط رأس، تبقى ويبقى مثوى الجسد الأخير، وما بين المسقط والمثوى، مسافة ما بين الولادة والشهادة، خصوصاً عندما تختارها الجغرافيا التكوينية محوراً مقاوماً، وتُحيلها خندقاً متقدماً للوطن، وخط تماسٍ حدودي مع العدوان في كل آن، فكيف إذا كانت قسيمتها في الجغرافيا فلسطين عبر سياج شائك من حديد؟ وعدو كالإسرائيلي الطامع فيها وفي أخواتها ذات اليمين وذات الشمال وما بعدهن منذ اغتصابه فلسطين عام 1948؟
ذات يوم قيل للقائد الجهادي للمقاومة الشهيد عماد مغنية أن تجهيز الجندي الأميركي أو الإسرائيلي يُكلّف 10 آلاف دولار، فردَّ بالقول: "ونحن يُكلّفنا تجهيز المجاهد الواحد روحيته التي تقاتل.. وبها يقاتل وينتصر" .
لا يليق المقام، مقام السيّد أولاً، ومقام الشهادة ثانياً، للحديث عن اغتيال أو حتى استشهاد، ولا عن حسابات ميدانية أو سياسية أياً تكن التداعيات، فالحدث الجلل يشطر القلب ويشقه نحو مسار الوجدان وما يجول في مخزونه من ذكريات مخبوءة منذ عقود، إلى صيرورة "السيّد" الموجود في كل زمان ومكان، العابر فوق الحدود، المارّ في قلب كل مقاوم وعقل كل إنسان.
أعاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الأمور إلى سياقها الطبيعي، وكرّس تثبيتها حيث يجب أن تكون، تماماً مثلما أعاد رمي كرة النار الإسرائيلية في الملعب الإسرائيلي في انتظار الرد الآتي "من حيث يحتسب العدو ومن حيث لا يحتسب". ماذا عن الأهداف واللاءات.. والرد الآتي؟
خلال جلسة تنظير سياسي قبل أيام من عملية جسر الكرامة الاردنية، مالَ النقاش بشأن الضفة الغربية صوب الضفة الشرقية مستشرفاً أمراً ما، يراهَنُ به وعليه، كحدثٍ اردني يُترجَم دعماً لغزة، قبل ان يتعشاه الوحش الاسرائيلي الفلتان في المنطقة، الفاغرُ فاه عليها وخصوصاً المملكة المحاذية منذ نشوئه قبل 75 عاماً ونيف.
التطورات التي شهدناها فجر اليوم (الأحد) على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، ليست ضربة استباقية إسرائيلية بقدر ما هي عملية استعراضية، وليس ما تزامن معها أو سبقها هو رد المقاومة المنتظر منذ آخر الشهر الفائت على إغتيال القائد العسكري الكبير في حزب الله فؤاد شكر، بل هو أمر بين أمرين:
مجافٍ للحقيقة من يدّعي أنه لم يُفاجَأ بـ"عماد -4" الذي تربّع فجأة على المنصّات، ومُنافٍ لها من يزعم أنه كان به عليمًا، سوى ثلّة من المعنيّين بأمره، والراسخين بعلمه. لذا يرسو القول على حقيقة واحدة مفادها أنه مشهدٌ صادمٌ بامتياز، فاجأ بيئة المقاومة وحلفائها مثلما صدم عدوّها وحلفاءه، وتلك فرادتُها الجاعلة منها "مقاومة المفاجآت".
مناسبة هذا المقال افتتاح مؤتمر "نداء الأقصى الدوليّ الثّالث" في كربلاء المقدسة، بكل ألوان الطيف العلمائي ما بين سني وشيعي وغيره ممن جمعهم الأقصى وغزة على أرض الطف الحسيني.