رأي Archives - Page 20 of 326 - 180Post

ahran.jpg

قبل (48) ساعة من العودة إلى المفاوضات الأمريكية الإيرانية فى العاصمة العمانية مسقط شنت القوات الإسرائيلية أوسع وأعنف هجوم عسكرى على المنشآت النووية ومراكز القيادة والسيطرة. نال الهجوم من قيادات عسكرية بارزة، بينها رئيس الأركان وقائد الحرس الثورى، وعلماء كبار يشرفون على البرنامج النووى. لم يكن ذلك الهجوم بذاته مفاجئًا، فقد دأبت إسرائيل لسنوات طويلة على التحريض ضد المشروع النووى الإيرانى، حتى تكون وحدها من يحتكر القوة النووية فى الشرق الأوسط.

0000000.jpg

ليست الحرب مجرّد صواريخ وقذائف ورصاص ولهب ومسيّرات، ومجرّد دكٍّ وتفجيرٍ لمعسكرات العدوّ ومراكزه الجليّة والخفيّة كما نشاهد اليوم على الشّاشات. أبداً. قبل أيّ شيء آخر، الحرب هي مسألة خيارات روحيّة وعقائديّة وقِيميّة وأخلاقيّة.

marsat.jpg

جلسنا أيامًا أمام الشاشة نتابع مسارَ السفينة مادلين وعلى مَتنها اثني عشر شخصًا. رأينا رجالًا ونساءً، متفاوتي الأعمار، مُختلفي الجنسيات، تجمع بينهم صفاتُ الشجاعةِ والجَّرأةِ والاتساق مع الذات، وتحركهم قبل هذا وذاك ضمائرٌ يقظة؛ أبَت التواطؤَ على جرائم الاحتلال في غزة وسائر الأرض الفلسطينية؛ ولو بالصَّمت. لم تتمكَّن السفينةُ من الوُصول بأمان إلى مَرساها. هاجمتها قواتُ الاحتلال ومنعتها استكمال طريقها، ثم اعتقلت ركابها.

gaza-netanyahu.jpg

في الأساطير القديمة، كانت نهاية العالم تُرسم بأيدي الآلهة. في ملحمة أرماغيدون، تتصارع قوى خارقة، يتزلزل الكون، وتغرق الأرض في الطوفان الأخير. أما اليوم، فالمشهد أكثر بؤسًا وأكثر سخرية. لم تعد الآلهة من تتحكم بمصير البشرية، بل حفنة من الكائنات التي، في كثيرٍ من الأحيان، تبدو دون مرتبة الحيوان. عقول بائسة، غرائز متضخمة، وأصابع متلهّفة للضغط على أزرار النهاية.

1fe430ad0b82492de978a21db8be7789.jpg

لعبنا ونحن أطفال لعبة السؤال والجواب. يسألون السؤال، فنفشل في الإجابة أو نتردد فيعاودون السؤال بصيغة ثانية أقل تعقيدا فنفشل أو نتردد فيطرحونه مرة أخرى بصيغة مخففة فنفشل في الإجابة أو نتردد فيجربون مرة أخيرة فنفشل أو نتردد فيعلنون الفوز متضمنا في استفسار بلهجة ساخرة، "غلب حمارك والا لسه؟".

09090900090.jpg

في زمن الصورة، يُقاس الموت بالرصاصة أو الشظية وبالقابلية لأن تتجسّد كرمز. لا يموت الإنسان حقًا في عصر الإعلام، بل يُمحى إذا لم يُلتقط في اللحظة المناسبة، إذا لم تُنتج مأساته دلالة قابلة للتدوير. ثمة طفلة تُحرَق في غزة، لكنها لا تُصبح أيقونة. ثمة أمّ تُسلّم جثامين أطفالها التسعة في مستشفى تحت القصف، لكن الإعلام لا يراها. لماذا؟ لأن الكاميرا لا تكتفي بتوثيق الحدث إنما تُقرّر معناه.

f.jpg

غزةُ فلسطين أعادت الغرب إلى صف الحضانة لتعلّمه من جديد دروس حقوق الإنسان والحرية والعدالة، تعلّمه درساً نسيه منذ زمن، وسط ضجيج "العداء للسامية" الذي يصّم الآذان ويضغط على العقول ويشوش الفكر؛ أيقظت فيه الحس الإنساني بعدما تبلّد مع طغيان الذكاء الاصطناعي (الذي تحتكره في الغرب الشركات الصهيونية العملاقة) على الذكاء الإنساني الفطري.