رأي Archives - Page 4 of 311 - 180Post

1111111.jpg

مرّة جديدة يسقط الإعلام الغربي في امتحان المهنية. لكن اختفى، والحقّ يُقال، عنصر المفاجأة في أداء هذا الإعلام. فكما في تغطيته لـ"طوفان الأقصى"، غاب الحياد والموضوعيّة عن تغطيته للحرب الدائرة رحاها بين إسرائيل وإيران. ونفهم ذلك جيّداً عندما ندرك أسباب هذا الانحياز الفاقع عندما نتعمّق في جيوبوليتك وسائل الإعلام الغربية ولكن، ماذا تعني جيوبوليتيك الإعلام؟

05.jpg

حين وجّهت إسرائيل ضربة موجعة ومباغتة وسريعة إلى إيران، دفعتها إلى استبدال "ديبلوماسية الصبر الاستراتيجي" التي اتّبعتها معها ومع الولايات المتحدة،  بـ"ديبلوماسية المواجهة الاستراتيجية"، وهذه الأخيرة لم تكن إيران قد استعدّت لها، فقد ظلّت إيران تتجنّب العواقب السياسية والعسكرية والاقتصادية والقانونية للمجابهة المباشرة، واستعاضت عنها بمشاغلات عسكرية يقوم بها أنصارها، سواء في فلسطين أو سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن.

8.jpg

في أحيان كثيرة، تكون الأمثلة خير افتتاحيّة وخير مقدّمة.. وربّما خير تفسير لجوهر بعض المفاهيم الأساسيّة. قبل أيّ شيء، لنضع أنفسنا سويّاً في موضع الباحث الرّصين، والموضوعيّ إلى أقصى حدّ، وذي العقل الهادئ، ولنترك الأحكام المسبقة والقِيميّة إلى حين.. ولنتأمّل في هذا المثال، الذي سوف يوصلنا، لاحقاً، إلى النّقاش المفاهيميّ البحت إن صحّ التّعبير. كما يُمكن للقارئ العزيز أن يتخيّل بسهولة: اختيار المثال، وطريقة عرضه وشرحه، قد تمّت دراستهما بالشّكل المناسب قدر الامكان بهدف بدء الوصول إلى المفاهيم والنّظريّات المُحتملة المقصودة.

3434343.jpg

ضَربَت إيران منشآتٍ ومواقع ذات أهمية يحتلها العدو الإسرائيلي. سَهَر كثير الناس مع الضربات، يطربون لأصوات الانفجارات، ويستعذبون الشَّرر وألسنة اللهب المندلعة هنا وهناك، ويتحمَّسون مُطالبين بالمزيد، متجاوزين ما كان من شِقاق. مَوقِع وثانٍ، ضربة وأخرى؛ ردُّ يشفي بعضَ الغليل ولو أعقبه انتقامٌ واسع مُتعدّد الأقطاب، وقد تأكد للمتفرجين أن بالإمكانِ ما اتحدوا درءَ العدوان، وانتزاعَ الحقوقِ، واستردادَ شيءٍ من الكرامة المُراقَة على صفحة الأرض.

421a5597a20d8ddd4210c736cc8361a2.jpg

في كثير من الحالات الإيجابية، نلجأ إلى تشبيه تجمّعات الطيور والحشرات والحيوانات بالمجتمعات البشرية، كما هي حال الطيور المهاجرة وتجمّعات الغزلان والقردة والنحل والنمل... إلخ، وأغلب المقارنات بينها وبين المجتمعات البشرية تكون مفيدة في مجالات العمل والتعاون والتنظيم.

42bf55f43ccc8aa2e5497130c15e30b3.jpg

لو لم يقع العُدوانُ الإسرائيلي – الأميركي على إيران، لكانَ الأمرُ مفاجِئاً فعلاً ، أمَّا وقد وقعَ فلا مفاجأةَ أبداً. ما كان يتسرَّب من أروقة المفاوضات الأميركية – الإيرانية في مسقط وفي روما، كان يشير إلى ذلك، وكان يُؤكِّدُ ثلاثةَ أمور:

1111-1.jpg

قبل ١٤ عاماً، حذّر رئيس "الموساد" الأسبق مائير داغان، في إفادةٍ قدّمها يوم مغادرته منصبه، من ألّا يؤدّي أي هجوم إسرائيلي على إيران إلى إنهاء مشروعها النّووي، بل يكون ذريعة لإيران لاستئنافه بكلّ قوّة. وذكر يومها أنّ تدميره بالكامل بواسطة عمليّة عسكريّة إسرائيلية منفردة ليس ممكناً.

Black-hole-brain.jpg

«أحكمنا الآن السيطرة التامة على أجواء إيران، كانت لدى طهران منظومات رصد ودفاع جوى، لكنها لا تضاهى التقنيات المصنعة والمصممة عندنا، نعرف بدقة موقع المرشد على خامئنى، هو هدف سهل لنا، لكننا لن نستهدفه الآن تفاديا لإصابة مدنيين أو جنودنا، صبرنا ينفد، وعلى سكان طهران إخلاؤها فورا، وعلى إيران الاستسلام من دون شروط».

hammoud.jpg

نستطيع أن نصف "عدوان الثالث عشر من حزيران/يونيو" أنه آلية اشتغال على البنية الرمزية للخصم. كان الهدف تعرية البنية الرمزية الإيرانية أمام ذاتها. فكل حرب، في جوهرها، ليست نزاعًا على الأرض فقط، بل على حق تمثيل الأرض، على سلطة اللغة التي تَسكُن الخرائط، وتعيد إنتاج الأنا في مواجهة الآخر.