
العلم يتعلّق بما يمكن أن يُعرف، أي الانسان والطبيعة. الدين يتعلّق بما لا يمكن أن يُعرف. كل المعرفة الدينية هي اشتقاق معلوم من معلوم (استنباط). هي لا تنتج معرفة جديدة، وهي ليست موضوعنا.
العلم يتعلّق بما يمكن أن يُعرف، أي الانسان والطبيعة. الدين يتعلّق بما لا يمكن أن يُعرف. كل المعرفة الدينية هي اشتقاق معلوم من معلوم (استنباط). هي لا تنتج معرفة جديدة، وهي ليست موضوعنا.
جلست حائرا أمام خبر وُرد في مقال بصحيفة أجنبية، وللأمانة يجب أن أعترف أن بعض الألم انتابني وأنا أبحث عن تعليق مناسب. المقال يناقش متفائلا تجارب التكامل الإقليمي رغم الوضع المحزن الذي تمر فيه التجربة الأوروبية، وقد فاته أن يأتي على وضع دافع لحزن أشد وهو وضع الجامعة العربية. اكتشفت بعد قليل أن وراء تفاؤله مشروعا لتكامل جديد بين دول وسط آسيا، كلها، وأقصد دول وسط آسيا وبدون استثناء عاشت طويلا في ظل تكامل إجباري فرضته عليها موسكو إبان عهد الهيمنة السوفييتية. قرأت وتأملت وعلقتُ هامسا للصديقة التي أقنعتني بضرورة قراءة المقال، علقت هامسا وأخشى أن أضيف إلى الهمس صفة السخرية، قلت لها بالعامية المصرية "كان غيرهم أشطر".
"إنّ المسجونين بإمكانهم أن ينسوا عذاباتهم إذا تلقّوا كلمة طيبة واحدة فقط"، هكذا قال أحد "نزلاء" السجن في سيبيريا سنة 1860 لـ ألكسندر بيتروفتش في رواية "ذكريات من منازل الأموات" للكاتب الروسي الشهير فيودور دوستويفسكي.
"يجوز للمؤمنين العطْس في وجه الكَفَرة، فهذا ما يُعرَف بجهاد الكورونا"؛ "سوريا تعلن عن سبع إصابات بفيروس الكورونا بينهم خمسون قتيلاً"؛ "إذا كنتَ في منزلك ولاحظت بعد خمسة أيام بعض علامات الإخضرار على جسدك، فلا داعي للهلع.. هذا عفن"؛ "يا إلهي هذه الدنيا دولاب، صرْنا نحن الثوار في البيت وصار الجيش هو مَن يقطع الطريق!"؛ "لجنة الأطباء في التيار الوطني الحرّ: كنّا بصدد اكتشاف لقاح للكورونا...لكن لم يسمحوا لنا"؛ "سؤال قانوني: إذا زارني في هذه الفترة أحدهم فعاجلتُه بإطلاق الرصاص عليه، هل يُعتبَر ذلك دفاعاً عن النفس؟"... عيّنةٌ من مئات التعليقات التي تغزو هواتف اللبنانيّين، ليل نهار. فالناس الذين ملؤوا ساحات الثورة بالأمس، يلتزمون بيوتهم اليوم، بعدما غادروا، كُرمى لوباء الكورونا، كلّ نشاطٍ اجتماعي وفردي. ومع بطالتهم "المقنَّعة"، لم يجد المحجور عليهم إلاّ السخرية والتهكّم، على حالهم وحال غيرهم، سلاحاً في معركة التصدّي والمواجهة لنكباتهم المتوالدة، طبيعيّاً وقيصريّاً. لماذا وكيف ومتى تسخر الناس من البلوى؟
تذكرتُ وأنا أقرأ من واشنطن العاصمة كيف تناولت الصحف البيروتية خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله (الرئيس الفعلي للجمهورية)، حول قضية الحكم الذي اصدرته المحكمة العسكرية بشأن عامر الفاخوري، ما حلّ برئيس فعلي للجمهورية اللبنانية في العام 1969.
مع تفاقم انتشار وباء الكورونا، في الساعات الأخيرة في عدد من المناطق اللبنانية (تسجيل 67 حالة في يوم واحد)، تعالت الاصوات لضرورة اعلان حالة الطوارىء وعدم الإكتفاء بحالة منع التجول الذاتي وقبلها حالة التعبئة العامة. فهل ان اعلان حالة الطوارىء ضروري ويحد من انتشار الفيروس؟
منذ أن أصبح أميناً عاماً لحزب الله، لم تحمل أية إطلالة للسيد حسن نصرالله بعداً عاطفياً كالذي شهدناه، بعد خطاب الأمس المتلفز.
فيروس الكورونا حركة أممية، تسميها الرأسمالية عولمة. هو كائن حي. أدنى من البكتيريا في سلم الأنواع الحية. يراعي الظروف الموضوعية. يتطوّر باستمرار حسب تغيرها. ليست لديه أفكار أو ايديولوجيات. لا يفكر. لا يبتدع معاني عن الكون أو الخلق وتطوّر الطبيعة. هو ابن الطبيعة المتعايش معها. يمارس وجوده بالهجوم على الكائنات الحية الأخرى، بحكم وجوده.
يمكن أن تحاكي قضية الإفراج عن العميل عامر الفاخوري، في إتجاهات متناقضة. البيت اللبناني "بمنازل كثيرة" يتيح لك أن تجعل البطل عميلاً.. والعميل بطلاً. هذا هو التاريخ البعيد والقريب. هذا هو الحاضر. في كتاب "جمعية المبرات" المدرسي مثلاً، يصبح فخر الدين "عميلاً للأستانة" وفي باقي الكتب هو "البطل اللبناني". ماذا نقول عن بشير الجميل وحبيب شرتوني؟ عن فرنسوا حلاّل وميشال عون، يوم قرر الشيوعيون "تصفية" أو "إعدام" الأخير!
يشبهُ العالم هذه الأيام فيلماً سينمائيّاً شعبويّاً من الدرجة الرابعة. كلّ ما حدثَ ويحدثُ وما سيحدثُ؛ مهلّهلُ البنية، ينقصهُ قدرٌ كبيرٌ من التماسك. بات هذه العالم واحداً في الداء والموت، لكنّه مختلفٌ في تبنّي رؤية غير جوهرانيّة لأصل الداء وسببه، هل هي الولايات المتحدة أو الصين: من يقود العالم إلى حربٍ بيولوجيّة تتّجه به صوب الهاوية؟ وهل فقد الذين "خَلقوا" فيروس كورونا المستجدّ، على جاري قول البعض في افتعال الوباء، قدرة سيطرتهم عليه حقاً؟