رأي Archives - Page 9 of 343 - 180Post

600-7.jpg

النخبة الفكرية اليوم تعيش في لحظة اختبار أخلاقي وتاريخي. هي حضور اجتماعي واعٍ يملك حسّ المسؤولية تجاه زمن تغمره الفوضى، وتتصاعد فيه موجات اللجوء والخوف والعنصرية والإسلاموفوبيا. في هذا المشهد، يتقدّم المثقف كفاعل في قلب العاصفة، يقرأ البنية الرمزية للعنف، ويُفكّكها، ويعيد تركيب الوعي الجمعي على أسس العدالة.

800-26.jpg

قبل ما يُقارب النصف قرن، وتحديداً في العام 1977، كانت أنظار العام كلها تتجه إلى القدس المحتلة التي قرّر الرئيس المصري أنور السادات أن يكون أول رئيس عربي يزورها رسمياً بعد وقوعها في أسر الإحتلال. مسارٌ تُوّجَ بمعاهدة سلام بين الجانبين في العام 1979 برعاية الولايات المتحدة.

Genocide.jpg

في قطاع غزة، لم يقتصر الدمار على الجدران، بل طال الروح والذاكرة والمكان. الاحتلال هجّر نحو مليونَي فلسطيني، وهدم بيوتهم ومسح أحياءهم، في جريمة ممنهجة استهدفت استقرارهم النفسي وارتباطهم بالأرض. لم تعد العودة تعني الرجوع إلى المنزل الخاص بل إلى فراغ. في "العِرقبادة"، تحوّل الوطن إلى ركام، وتحولت الخيام إلى ملاذٍ مؤقت، بينما تظلُّ الهوية عصيّة على الهدم.

timoessner.de_Child-Labor.jpg

عالم ما بعد الأحادية ليس أكثر شرّاً ولا أكثر خيراً بطبيعته؛ إنّه أكثر واقعيةً وأقلَّ تسامحاً مع الوهم. لا مكان فيه لخطابات “التفوّق الكلّي” ولا لإعلانات “الانفصال الكلّي”. يَسمحُ بالتنافس الحادّ على المعايير والتكنولوجيا والموارد، لكنه يعاقب من يخلط بين القطيعة التكتيكية والانفصال الوجودي، كما يعاقب من يصرّ على كونّيةٍ مفرطةٍ لا سندَ لها. هو عالمٌ يطلبُ من الفاعلين أن يجمعوا بين الشراسة والضبط، بين الصرامة المعيارية والمرونة التشغيلية، بين الدفاع عن الهويّة والانفتاح الذكي على التشابك.

800-24.jpg

يتفق مجمل المراقبين على أن المرحلة الأولى من خطة دونالد ترامب ــــ والتى تتعلق بالإفراج عن الإسرائيليين «الرهائن أحياء كانوا أو أمواتًا» وبعدها تفرج إسرائيل عن عدد معين من الأسرى الفلسطينيين ــــ ستجد طريقها للتنفيذ رغم بعض التعثرات التى قد تصيبها والتى يمكن استيعابها ومعالجتها.

800-23.jpg

تختصر القضية الفلسطينية قرناً من الصراع بين مشروعين متناقضين: مشروع استعماري استيطاني إحلالي غربي غُلّف بالشعار الصهيوني، ومشروع تحرّري عربي فلسطيني حاول مقاومة التفكيك والاقتلاع. منذ وعد بلفور عام 1917 وحتى قمة شرم الشيخ في تشرين الأول/أكتوبر 2025، تعاقبت المبادرات والمفاوضات، وتبدّلت العناوين من “الأرض مقابل السلام” إلى “السلام الاقتصادي”، فيما ظلّ جوهر الصراع واحداً: من يملك الحق في الأرض والهوية والسيادة؟

asir.jpg

مع تبدّل المشهد السوري وصعود نظام جديد في دمشق، يجد التيار السلفي في لبنان نفسه أمام اختبار غير مسبوق: الانتقال من خطاب الفتاوى والجهاد إلى منطق السياسة والتكيّف. فبعد عقود من الصراع الفكري والانقسام بين الدعوي والجهادي، يواجه السلفيون اليوم تحدي إعادة تعريف دورهم داخل بيئة سنّية مضطربة وواقع لبناني مأزوم. وبين إرثهم العقائدي الصارم ومتطلبات البراغماتية الإقليمية، يقفون على مفترق طرق قد يحدد مستقبل حضورهم في لبنان والمنطقة.

640.jpg

فُتِحَ باب الأمل مع توقّف الإبادة الجماعيّة في غزّة، لكنّ التخوّف ما زال جاثماً ممّا ستحمله الأيّام القادمة. توقّف التجويع، إلاّ أنّ منظر ترحال فلسطينيي غزّة بين أنقاض الشمال والجنوب يُلقي بظلّه، بانتظار "سلامٍ" توقّعه دول كبيرة، لا حريّة فيه ولا سيادة ولا حتّى.. هويّة فلسطينيّة. لا مهرجانات وأهازيج في فلسطين مع وقف الحرب برغمَ أهميّة الأمر بعد سنتين من المعاناة، بل.. ترقّبٌ وصمود.

800-22.jpg

«ليس فى طاقة إسرائيل أن تحارب العالم». كان ذلك استخلاصا للرئيس الأمريكى دونالد ترامب أبلغه لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى معرض إقناعه بقبول خطة إنهاء الحرب بغزة. العبارة، بوقع كلماتها ورسائلها، تنطوى على نوع من الإقرار بخطورة اتساع الاحتجاجات الشعبية الأوروبية على مستقبل الدولة العبرية ومصيرها.

800-18.jpg

السيادة.. السيادة. لازِمةٌ تتكرَّرُ كثيراً في لبنان. الدستور اللبناني أكَّدها نصَّاً وأبقى مفهومَها مُلتبِساً. لا شيءَ اِستثنائيَّاً في ذلك. كلُّ دساتيرِ العالمِ أَقرَّتْ مبدأ السيادة منذ أنِ اخترعَ أرسطو في اليونان هذا المصطلحَ وصولاً إلى مراحلِنا الحديثةِ مع هوبز وروسو ومونتسكيو وبودان، ومع ماركس وإنجلز ولينين وغيرِهم عند البحث في مسألة الدولة والسلطة والهويّة. المفهومُ الأرسطي يركِّزُ على أنَّ السيادةَ هي السلطة العليا للدولة.