كان طموحه أن يكون نائباً لحاكم مصرف لبنان، وكان ينتظر ذلك الخبر، غير أن رئيس مجلس النواب فاجأه حين قال له أنت ستكون وزير المال وأنا أحررك من أية إلتزامات. مارس الوزارة بتقنياتها وإترك لي السياسة بكل تفاصيلها.
كان طموحه أن يكون نائباً لحاكم مصرف لبنان، وكان ينتظر ذلك الخبر، غير أن رئيس مجلس النواب فاجأه حين قال له أنت ستكون وزير المال وأنا أحررك من أية إلتزامات. مارس الوزارة بتقنياتها وإترك لي السياسة بكل تفاصيلها.
"لقد تسلّمنا الحكم، والبلد يغرق بسرعةٍ قياسيَّة. فهل كان بإمكان أيّ حكومة أن توقف هذا الانهيار الدراماتيكي؟ هل يمكن وقف الانهيار من قِبَل الذين تسبَّبوا به، ثم تركوه لحظة السقوط؟". الكلام لحسان دياب، عندما سمّوه رئيساً للحكومة. هو مَن عرّف بعظمة لسانه، إذن، أنّه يقوم بعمليَّة إنتحاريَّة بقبول رئاسة الحكومة. وهو مَن أوحى، شخصيَّاً، بأنّه اختير "كبش فداء". إذْ قال أيضاً وأجاد في القول: "لم يكن أمامنا خيار سوى تولّي قيادة السفينة. وقلنا للركاب دعونا نحاول الإنقاذ. لكنّنا وجدنا أنّ مراكب الإنقاذ، إمّا مفقودة أو غير صالحة".
لماذا يتخفف الناس نسبياً في لبنان من مشاعر الحزن والصدمة؟ لماذا تتحوّل الأوجاع شيئاً فشيئاً إلى غضبٍ ورغبةٍ عارمةٍ بالانتقام؟
منذ اللحظة الأولى للانفجار، تحوّل مرفأ بيروت إلى نقطة جذب لقوى اقليمية ودولية يسعى بعضها إلى استعادة نفوذ سياسي في لبنان.
تحت عنوان "انفجار بيروت تحذير لاميركا"، كتب الصحافي الأميركي توماس فريدمان مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية قارب فيها إنفجار مرفأ بيروت وتضمن الآتي:
أسباب كثيرة، سياسية وإنسانية، تشرح إهتمام فرنسا بملف كارثة مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس الماضي. أحدها يرتبط بملف إعادة إعمار المرفأ وإستثماره لاحقاً، خصوصاً أن وضعيّة المرفأ الراهنة ونوعيّة الأضرار التي لحقت به تشي بأنه سيكون عبارة عن مشروع إستثماري مغرٍ بالنسبة إلى أي شركة إستثمار أجنبيّة، بينما يملك الفرنسيون بالذات ما يكفي من إهتمام بموقع المرفأ الحيوي ودوره على الشاطىء الشرقي للبحر المتوسّط.
منذ إندلاع ألسنة اللهب الأولى في مرفأ بيروت، قبل اسبوع، كرت سبحة التعليقات في وسائل الإعلان ومراكز الدراسات الإسرائيلية.. نيترات الأمونيوم المتفجرة في فضاء بيروت، تحيل إلى ما بوسع معامل الأمونيوم في حيفا أن تفعل، فيما لو قيض لتهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بضربها، أن تتحقق.
انا منكسرة، في داخلي زجاج منكسر، حتى انه يتبعثر ايضا تحت اقدامي، وعلى جوانبي، وفوق راسي. وانا امشي في شوارع مدينتي، يحيط الزجاج بي، يتكسر الزجاج تحت أقدامي، فوق راسي، على جوانبي، اشعر بالزجاج المنكسر.
ما زالت بيروت تلملم جراحها. صوت كنس الزجاج المتهشم يلاحقك حتى حين تصمت المدينة، وتفسح ما يكفي من وقت لكي يتفقدها الشهداء ليلاً، فيختلط بأصوات الذاكرة القريبة – معزوفة موسيقية هنا، قرقعة كؤوس هناك، وبينهما أطراف الحديث والضحكات. غريبة هي بيروت… لم تكن هكذا حتى في أحلك سنوات حربها الأهلية، وكل ما تلاها من حروب صغيرة وكبيرة وتفجيرات وثورات وأزمات وتسويات.
ما بعد إنفجار مرفأ بيروت ليس كما قبله. هو حدث تأسيسي بكل معنى الكلمة. أن ترحل حكومة حسان دياب بعد ستة أيام، هذا أمر بديهي. أما الإخراج فأمر آخر. هذه قراءة في ظروف الإستقالة وما يحتمل أن يليها.