
قد تكون سوريا أكبر جائزة جيوسياسية يحصل عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم قبل نحو ربع قرن. توازن القوى الجديد الذي أعقب سقوط نظام بشار الأسد وانكفاء النفوذين الإيراني والروسي، يمنح تركيا موقع القوة العظمى الإقليمية.
قد تكون سوريا أكبر جائزة جيوسياسية يحصل عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ وصوله إلى الحكم قبل نحو ربع قرن. توازن القوى الجديد الذي أعقب سقوط نظام بشار الأسد وانكفاء النفوذين الإيراني والروسي، يمنح تركيا موقع القوة العظمى الإقليمية.
ثمة عوامل عديدة، داخلية وخارجية، ساهمت في تغيير النظام السياسي في سوريا، إلا أن الأهم بينها هو الدور التركي، وما حقّقه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، من "نصر موعود" في قلب دمشق، وإطباقه عبر "رجالاته" على السلطة هناك. هذا النجاح ليس وليد صدفة ولا نتاج مؤامرة ما، بل هو تعبير عن تاريخ طويل من المصالح والعلاقات المتشابكة والمعقدة بين أنقرة ودمشق.
فجر أو صباح ٨ كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٤: هل سقط "نظام الأسد" حينَها.. أم أنّ "الشّام" هي التي سقطت في حقيقة الأمور ومضمونها؟ هذا ما ستُبيّنه لنا الأيّام، مع رجائي الصّادق بأن يكون ما حصل هو مُجرّد سقوطٍ لنظام ولطبقة حاكِمة.. لا سقوط لشامِ "المَجْدِ لم يَغِبِ" على حدّ تعبير الرّاحل الزّحليّ الكبير الأستاذ سعيد عقل.
عامَ 2006، بعد عُدوانِ الثلاثةِ والثلاثينَ يوماً الإسرائيليّ - الأميركيّ على لبنان، جدَّدتْ كوندوليسا رايس [وزيرة الخارجية الأميركية السابقة بين 2005 و2009] عبارة "الشرق الأوسط الجديد"، وأضافتْ بِدعتَها "الفوضى الخلَّاقة".
في 18 كانون الأول/ديسمبر 2024، شهدت العاصمة التركية أنقرة لقاءً لافتاً للانتباه بمضمونه وتوقيته بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي. هذا اللقاء الذي اتسم بالتركيز على قضايا الأمن والاستقرار الإقليمي، يعكس عمق العلاقة بين البلدين والرجلين، ويرسم ملامح شراكة استراتيجية تنمو وسط التحديات السياسية والأمنية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط.
نشر موقع "أوراسيا ريفيو" (Eurasia Review) مقالًا للدبلوماسى البريطانى السابق، أليستير كروك، شرح فيه شكل الخريطة الجيوسياسية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط، بعد شطب سوريا منها ككيان مؤثر كان يشكل توازنا أمام إسرائيل. كما تناول التحركات المستقبلية المحتملة لبعض القوى الإقليمية والدولية مثل روسيا وتركيا وإيران والصين والولايات المتحدة وإسرئيل.
منذ تنفيذ مشروع جمع مقاتلي المجموعات السورية المسلحة في مدينة إدلب غداة تثبيت مناطق "خفض التصعيد" برعاية دول "مسار أستانة" عام 2017؛ بدأت ترتسم سيناريوهات مستقبلية لهؤلاء المقاتلين الذين يزيد عددهم عن ثلاثين ألفاً؛ وتولت دول "المسار" (تركيا وروسيا وإيران) تحييد هؤلاء المقاتلين الموجودين في مدينة محاصرة من الجيش السوري.
مرّ أسبوع على سقوط نظام البعث وآل الأسد في سوريا ولا تزال الأسئلة تتوالد بشأن أسباب الانهيار السريع لهذا النظام الذي حكم سوريا برئيسين فقط على مدى 54 عاماً، كما تتوالد الأسئلة أيضاً عن أبرز الخاسرين وأبرز الرابحين من هذا الانهيار، ولا يقل عنها عدد الأسئلة عن الاتجاه الذي تنحو إليه الدولة السورية الجديدة.
ما تزال الأحداث في سوريا في حالة من التدفق، بحيث يصعُب الخروج بتصور دقيق للمستقبل. إنما الواضح حتى الآن، هو بروز لاعبين جدد في الداخل والإقليم على حساب القوى التي سادت لعقود. وهذا، بدوره، لا بد أن يفرز واقعاً جديداً لهذا البلد المحوري.. وربما لسائر بلدان المنطقة.
لطالما التحفت العديد من الأنظمة الديكتاتورية والأحزاب في وطننا العربي رداء تحرير فلسطين، لتأتي الوقائع وتُبيّن لنا العكس.