
خطوة جبّارة، لا بل استراتيجية، أن تنتقل المقاومة الفلسطينية من الدفاع إلى الهجوم وأن تُسيطر على مواقع عسكرية ومستوطنات تحوطها معسكرات من كل حدب وصوب. هذا تطورٌ غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني مع إسرائيل.
خطوة جبّارة، لا بل استراتيجية، أن تنتقل المقاومة الفلسطينية من الدفاع إلى الهجوم وأن تُسيطر على مواقع عسكرية ومستوطنات تحوطها معسكرات من كل حدب وصوب. هذا تطورٌ غير مسبوق في تاريخ الصراع الفلسطيني مع إسرائيل.
كسرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" الخطوط الحمر وغيّرت قواعد اللعبة باقتحامها مستوطنات "غلاف غزة"، لتضع إسرائيل في حالة إرباك لم تشهدها منذ 50 عاماً بالضبط، عندما فاجأ الجيشان المصري والسوري الدولة العبرية باقتحامهما خطوط الجبهة في سيناء ومرتفعات الجولان في وقت متزامن مستعيدين زمام المبادرة العسكرية بعد ظهر يوم سبت من 6 تشرين الأول/أكتوبر 1973.
تاريخ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 سيكون تاريخاً تحفظه الأجيال المقبلة، وحتماً سنكون ـ مع الوقت ـ أمام منسوب كبير من المعلومات والمعطيات، تمهيداً لكتابة رواية كاملة لهذا الحدث الفلسطيني غير المسبوق.
كمثل انبعاث الحق من الحق، ونور الشمس من الشمس، أيْقَظتنا أقدام المقاومين الراسخة وقاماتهم الممشوقة ورؤوسهم التي لا تنحني على وقع دخولهم كشهب النجوم وبيارق العز، في عملية "طوفان الأقصى".
كلما تأخر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في تقويض صلاحيات المحكمة العُليا زاد الاستياء والسخط ضده في صفوف حكومته الائتلافية اليمينية المتطرفة. لذلك، ومن أجل إرضائهم، هو مستعد لإطلاق العنان للصهاينة المتشددين والمتطرفين لتنفيذ مشروعهم الهادف إلى ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل بشكل كلي ودائم. بتعبير آخر، المعركة الدائرة في إسرائيل حول "ديموقراطية الدولة" ستكون على حساب الفلسطينيين، والإدارة الأميركية لن تفعل شيئاً لمساعدتهم، بحسب "فورين أفيرز".
ميخائيل ميلشتاين، المحلل الإسرائيلي في موقع "N12"، والذي تبوأ مواقع متقدمة سابقاً في شعبة الإستخبارات العسكرية "أمان"، يقول إن التهديد المتصاعد من جنين "يدفع، كما يبدو، إلى عملية عسكرية واسعة، تكون موجهة بالأساس ضد البنى العسكرية المنظمة في المنطقة، وخاصة تلك التابعة لحماس وحركة الجهاد الإسلامي".
تشبه المواجهة التي قادتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مع العدو على مدى خمسة أيام (9-13 أيار/مايو الجاري) مواجهة مماثلة قادتها في آب/أغسطس 2022، وأوجه الشبه كبيرة، وهذه أبرزها:
بعد 17 عملية إسرائيلية على قطاع غزة، في أقل من عقدين من الزمن، بينها ثلاث في مواجهة "حركة الجهاد الإسلامي" حصراً (2019-2022-2023)، تتساءل الصحافة العبرية عن جدوى تلك الحروب؛ هل تحقق الردع للإسرائيليين أم تساهم في تنشئة "وحش" (حماس) في عقر دارها؟
لم تكن المجزرة المروعة التي ارتكبها العدو الصهيوني في غزة، أمس الأول، مجرد عملية اصطياد لثلاثة قادة بارزين من حركة الجهاد الإسلامي مع أفراد عائلاتهم من نساء وأطفال، بل هي تؤشر إلى أن حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو قررت أن تلجأ إلى “خيار شمشوم" ("عليَّ وعلى أعدائي") بسبب الحصار الذي تعيشه داخلياً وإقليمياً ودولياً.
لا أزمة التشريع القضائي ولا تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، يمنع تل أبيب من البحث عن حل لمعضلتها الأمنية في الضفة الغربية، وسط انقسام في الآراء، بين من يدعو إلى شنّ عملية عسكرية في الضفة أو الاستمرار في دعم السلطة الفلسطينية والإكتفاء بالضربات الموضعية.