
مارك أ. ثيسن، هو كاتب أميركي. في مقالته الأخيرة في "واشنطن بوست" (صفحة الرأي)، يقارن بين الإنسحاب الأميركي من كابول والإنسحاب الأميركي من سايغون، ليخلص إلى أن ما نراه "هو أسوأ بكثير من فيتنام.. إنه تكرار لبيروت 1983"!
مارك أ. ثيسن، هو كاتب أميركي. في مقالته الأخيرة في "واشنطن بوست" (صفحة الرأي)، يقارن بين الإنسحاب الأميركي من كابول والإنسحاب الأميركي من سايغون، ليخلص إلى أن ما نراه "هو أسوأ بكثير من فيتنام.. إنه تكرار لبيروت 1983"!
حديث أهل الشام اليومى متشابه جدا إلى حد التطابق وهو يختلف بعض الشىء عن تلك المدن البعيدة والقريبة أيضا. يبدأ وينتهى بالسؤال عن الكهرباء والبنزين والماء ومن ثم توابعها من التواصل والإنترنت وزيارة الأحبة والبعد عن المدن الساحلية الرطبة إلى نقاء ولسعة برودة الجبال.
يبدو لبنان اليوم وكأنه لوح من الثلج يذوب فى الشمس، جبل تتدحرج من أعلى قمته قطع الواحدة تلو الأخرى بعد أن تنفصل عن باقى البلد. هنا تقع قطعة اقتصاد، هنا تصدع يشرخ المجتمع، هنا يتدحرج القطاع الصحى فأسمع أصواتا من داخل مشافى بأسرها لم تعد تعمل.
سال حبر هذه القصيدة بصورة عفوية في صبيحة الخامس من آب/أغسطس 2020، حزناً على بيروت وأهلها المكلومين.
ليس لبيروت تاريخ ولادة، هي قبل التاريخ، كما هي حال المدن الكنعانية الممتدة على الساحل الفينيقي من ما قبل رأس شمرة في سوريا الحديثة إلى سواحل البحر الأحمر، وقيل إن دورة الحياة بموتها وانبعاثها من جديد، أكثر ما تنطبق على بيروت، فبعد كل موت حياة حضارية صاخبة، كأن المقصود أن طائر الفينيق الذي يُبعث من رماده، هو بيروت بالذات.
جرت العادة أن يكون الزمن خير أنيس للمفجوعين. يطوي سنة بعد سنة شيئاً من وجعهم. وجع أحبة فقدوهم. لكن مع بيروت، لا يبدو أن هذه العادة ستتكرر. يقولون إننا "نستذكر الرابع من آب"، لكن مَن قال لهم أصلاً إننا سننسى؟
عام مر، وضحايا 4 آب/أغسطس ما زال حقهم ضائعاً. كل من استشهد ومن تشظى. كل من فقد عزيزاً، رزقاً أو بيتاً. كل من أضاع وطناً ومدينة ومرفأ. الكل ما زال ينتظر، على أمل ألا يضيع الأمل في دهاليز الانتظار.
لبعض الأيّام دويٌّ لا يُنسى. يوم 4 آب/أغسطس 2020، يُعتبَر من بين هذه الأيّام التي لا تُنسى في لبنان. ومردُّ دويّ ذاك اليوم، ليس لكونه قد شهد أحد أقوى التفجيرات التي عرفتها البشريّة، قاطبةً. إنّما، لجملة أسبابٍ أخرى.
أطلنا الغياب عن بيروت. لؤم الفيروس التاجي ليس صحياً. التباعد بين البشر. بين الشعوب. بين الأحبة، وهل من حبيبة أغار عليها من أمها وأبيها أكثر من بيروت؟