
بين منادٍ بحكومة تكنوقراط أو منادٍ بوزارة تكنوسياسية أو منادٍ بثالثة سياسية، يمكن القول أن لا حكومة لبنانية ستولد قريباً..
بين منادٍ بحكومة تكنوقراط أو منادٍ بوزارة تكنوسياسية أو منادٍ بثالثة سياسية، يمكن القول أن لا حكومة لبنانية ستولد قريباً..
دخل تأليف الحكومة اللبنانية في نفق الإنتظار السياسي الثقيل، خصوصاً مع تعاظم وتصاعد الإشتباك الإيراني ـ الأميركي، إثر إغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي في العراق أبو مهدي المهندس قرب بغداد الأسبوع الماضي.
قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمته.. ومشى. رفع سقف التحدي بينه وبين الأميركيين. حيّد كل ما عداهم. المواجهة بالنسبة إليه ليست عسكرية أو أمنية بل سياسية بالدرجة الأولى. فما هي حصة الساحة اللبنانية من تلك المواجهة، وتحديداً السياسية؟
مناورات عسكرية روسية صينية إيرانية غير مسبوقة في مياه المحيط الهندي. المفاوضات الحوثية السعودية في عُمان تُجمّد ولا تتوقف نهائياً. حسن روحاني يعود من رحلته اليابانية الأخيرة خالي الوفاض. فوضى سياسية غير مسبوقة في العراق منذ العام 2003. ضربة عسكرية أميركية لحزب الله العراقي في نقطة إستراتيجية حدودية بين سوريا والعراق. معركة إدلب تستعر على نار القضم التدريجي. كل المراكز والمعاهد الإستخبارية والأكاديمية الإسرائيلية تتحدث عن "الحرب المقبلة" على الجبهة الشمالية في سياق إستشرافها لمسارات 2020. هل يمكن أن ينجو لبنان بحكومة جديدة؟
لا شيء يدل على أن مسار التأليف الحكومي في لبنان يواجه مطبات خارجية. على العكس، كل المعطيات الخارجية تشي بتأليف سلس على طريقة التكليف الذي أفضى إلى إختيار حسان دياب لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. حتى أن ما صدر عن الحبر الأعظم في الفاتيكان كان عنصر تحفيز، إذ أن البابا فرنسيس دعا إلى إيجاد مخرج للأزمة في لبنان "بلد التعايش بإنسجام"، لكن ماذا عن مطبات الداخل؟
"حسّان دياب لا يريد شيئاً لنفسه"... تبّاً! كان منتظراً من الرئيس المكلف لعب أفضل من تكرار نكتة عتيقة هجرها السياسيون منذ زمن بعيد، بعدما لم تعد تضحك لبنانياً. كان مرتقباً منه أن يبدأ من حيث انتهى كتاب الألف صورة وصورة (وكُلها لحسّان) الذي بات تسليتنا الوحيدة مُذ طاف الكتاب على السطح مجدداً إثر تكليف حسّان بتشكيل الحكومة. الكتاب الذي كلّف الكوكب عدداً ليس هيناً من الأشجار. الكتاب الذي بحجم مركب صيد ومع ذلك لا يصلح لاصطياد سمكة.
"كيف نختَار قادتَنا. نصيحة ميكافيلي للمواطنين". هذا عنوان كتاب ألّفهُ الإيطالي ماوريتسيو فيرولي، وفيه يقدم سيرة مغايرة لصاحب كتاب "الأمير"، المنظر السياسي الإيطالي نيكولو ميكافيلي.
لو قارنا مواقف وكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل خلال جولته على رؤساء الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري ومجلس الوزراء المستقيل سعد الحريري، لوجدنا أنه إستخدم العبارات ذاتها والمحتوى ذاته وربما الترتيب نفسه.
أما وأن حسان دياب قد كُلّف بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، فإن سؤال التأليف المؤجل على الأرجح، هو الأساس، ربطاً بمعطيات الداخل والخارج، المتشابكة والمعقدة.. والمتدحرجة.