تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات تشي بأننا مقبلون علی صيف حار شديد السخونة. هذه التطورات متصلة بشكل أساسي بالملفين الإيراني والإسرائيلي اللذين يسيران بسرعة قياسية كأنهما علی موعد مع أحداث وتقلبات وممرات لا بد منها.
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات تشي بأننا مقبلون علی صيف حار شديد السخونة. هذه التطورات متصلة بشكل أساسي بالملفين الإيراني والإسرائيلي اللذين يسيران بسرعة قياسية كأنهما علی موعد مع أحداث وتقلبات وممرات لا بد منها.
يتسحاق ليفانون هو سفير إسرائيلي سابق في القاهرة وأحد المحللين المتابعين لملف الخلاف الحدودي البحري بين الجانبين اللبناني و"الإسرائيلي". في مقالة جديدة له في "معاريف"، يدعو ليفانون تل أبيب إلى "خلط الأوراق من خلال استخراج الغاز في المنطقة المختلف عليها من دون انتظار الحل، وبهذه الطريقة تجبر لبنان على العودة إلى المفاوضات".
دائماً، يصل لبنان متأخراً إلى الإستحقاقات التي يُفترض أن تشكل تهديداً لأمنه القومي، سياسياً وأمنياً وإقتصادياً، وهذا الأمر يسري على كيفية تعامل كل الطبقة السياسية اللبنانية من دون إستثناء مع ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
لم يحظَ ملف ترسيم الحدود البحرية بأي إجماع وطني منذ عقد ونصف من الزمن. كل طائفة ومرجعية لبنانية تُغني على موالها. ما جرى غداة الزيارة الأخيرة للموفد الأميركي عاموس هوكستين يشي بـ"قطبة مخفية" جوهرها عدم وضع هذا الملف "على نار حامية"، كما كان يأمل كثيرون محلياً.
تتوالى فصولاً الإلتباسات المرتبطة بترسيم الحدود الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة، وهي تثبت أن لبنان يحصد نتائج مسار تراكمي طويل، إما تم تثبيته بسوء الإدارة أو بنية المؤامرة.. وصولاً الى ما نشهده من تخبط وإرتباك وضياع حالياً.
لولا إسرائيل، وجوداً وجيشاً ومشروعاً وغازاً وأطماعاً، لكان لبنان محذوفاً من أدنى سلم الإهتمام الأميركي والروسي والصيني و"الشرقي" و"الغربي" وما بينهما. هكذا إستنتاج قد يبدو مُتسرعاً بالنسبة إلى البعض لكن مهمة الوسيط الأميركي عاموس هوكستين الأخيرة تشي بأن إستنتاجاً من هذا النوع حتماً في محله. لماذا؟
غداة عودة وزير الطاقة اللبناني وليد فياض من زيارته الفرنسية في 12 كانون الاول/ديسمبر 2021، إستخلص من إجتمع به في بيروت أنه سمع في باريس كلاماً واضحاً من شركة "توتال" الفرنسية بأن لا تنقيب في البحر اللبناني ولا عقود تراخيص جديدة قبل الحسم النهائي لملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل.
كتب سفير إسرائيل الأسبق في القاهرة يتسحاق لفانون مقالة في "معاريف"، أمس (الأحد) شدد فيها على عدم التخلي عن جزء من حقل "كاريش" للبنان، لكنه فتح الباب أمام معالجة الأمر مع الجانب اللبناني "من خلال الإعراب عن استعدادنا لتأجيل البدء باستخراج الغاز من "كاريش" أشهراً معدودة فقط"!
لبنان الرسمي أمام حقيقة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها.. لا شيء يحمي حقوقه، كما موقفه في المفاوضات البحرية، إلا مبادرة شجاعة إلى تعديل المرسوم 6433. الأمر يحتاج إلى قرار وطني، وليكن حافزًا لولادة حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن.
إستبشر اللبنانيون خيرًا بإنطلاق المفاوضات الحدودية البحرية غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي بوساطة أميركية وبرعاية الأمم المتحدة، كون المهمة سُلّمت لجيشهم الوطني الذي يثقون به ويعتبرونه المؤسسة الأكثر قدرة على استعادة الحقوق الوطنية التي قد تساهم في انتشال لبنان من أزمته المالية الخانقة.