
لا مفر من الانسحاب من لبنان، ولو مؤقتاً. لا جديد البتة. الضرب في الميت حرام. يحصل ذلك، متواكباً، مع حزن وقهر وشبه استسلام. كأن لا شفاء لهذا البلد. نقطة على السطر.
لا مفر من الانسحاب من لبنان، ولو مؤقتاً. لا جديد البتة. الضرب في الميت حرام. يحصل ذلك، متواكباً، مع حزن وقهر وشبه استسلام. كأن لا شفاء لهذا البلد. نقطة على السطر.
تميزت الحقبة اللبنانية الممتدة منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي حتى يومنا هذا بأحداث كبرى، تخللتها عهود وحروب وإجتياحات وتبدل وصايات.. أين يتموضع "بني معروف" وأين موقعهم في "لعبة الأمم" وما هي الأولويات الجنبلاطية اليوم؟
ما إن تتابعت تصريحات المسؤولين الأتراك عن توجهات تركيا الجديدة بشأن إصلاح العلاقة مع دمشق، حتى أدرك القادة الكرد في شمال سوريا أنَّ هناك واقعاً جديداً بدأ بالتشكّل بعد اجتماع طهران الثلاثي في 19 تموز/يوليو الماضي، ثم لقاء سوتشي الروسي التركي في 5 آب/أغسطس والذي ظهرت نتائجه الأولية بتزايد العمليات العسكرية التركية الاستخباراتية في الشمال السوري، واستهداف قيادات وعناصر عسكرية ومدنيين، في إشارة واضحة إلى تغير المناخ الإقليمي والدولي تجاه المشروع السياسي الذي تشكّل عام 2014.
ذات ليلة من صيف العام 1992، سمع أمين عام حزب «الكتلة الوطنية» جان حوّاط جرس باب بيته في جبيل يُقرع. اِستغرب الأمر وكانت الساعة قد تخطّت العاشرة مساءً. فُتح الباب، وأبلِغ حوّاط أن وزير الصحّة مروان حمادة في ردهة الاستقبال مع مسؤولين إشتراكيين، فنزل حوّاط من الطابق العلوي مرحِّبًا بزائره الذي أبلغه اتّفاق «وليد بك» و«العميد» على السير بالانتخابات النيابية وضرورة التنسيق في كلّ المحافظات لخوضها في لوائح مشتركة.
لافتٌ للانتباه وللتساؤل أن تتم إثارة إعادة أعداد كبيرة من اللاجئات واللاجئين السوريين إلى بلادهم بالتزامن بين تركيا ولبنان، وأن يُفتَح موضوع التفاوض مع السلطات السورية بهذا الشأن. بالتأكيد تتواجد فى البلدين المجاورين أعدادٌ كبيرة من اللاجئين السوريين منذ ما يقارب العشر سنوات، أى ما يعادل جيلا كاملا. وما يعنى أن استمرار الأوضاع على حالها لعشر سنوات أخرى يفصل من ولِدوا فى المهجر اجتماعيا عن بلده الأم.
لم تنتهِ ارتدادات عاصفة تصريحات وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن إمكانية التعاون مع سوريا في مكافحة "الإرهاب"، حتى بادرت القوات التركية إلى قصف مواقع الجيش السوري في الشمال، والتسبّب باستشهاد 3 جنود سوريين وجرح 6 آخرين، ما أثار أسئلة أساسية عن إمكانية التلاقي بين البلدين، وتجاوز ما تسببت به الحرب على سوريا، وخصوصاً في ظل الصمت الرسمي السوري حتى الآن.
أثارت إشارات المسؤولين الأتراك المتتابعة عن بدء الانفتاح على سوريا لغطاً كبيراً لدى السوريين، سواء في الجانب المعارض أو المؤيد. وقد امتد الأمر إلى السوريين كافة، على الرغم من التباينات الكبيرة بينهم، لإدراك الجميع أن عودة الحياة الطبيعية إلى بلدهم المنكوب تتوقّف على نوعية العلاقة بين دمشق وأنقرة، فهل الطريق معبّدة للانتقال إلى مرحلة مختلفة بين العاصمتين؟
لم يمضِ أسبوعان على القمة الثلاثية في طهران، حتى خرج الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، من اجتماعه بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في سوتشي، في صورة مغايرة عن الاجتماع السابق، فلقد كانت معالم الارتياح واضحة على وجهه لحظة اللقاء، وفي أثناء الاجتماع، وفي لحظة الوداع، على نحو يرسم إشارات استفهام فيما يتعلق بوضع الشمال السوري، بل بشأن مستقبل سوريا.
كتب المحلل السياسي المختص بشؤون لبنان والشرق الأوسط في "هآرتس" عاموس هرئيل مقالة تناول فيها "رياح التفاؤل المفاجئة" التي هبّت، مؤخراً، على المفاوضات الثلاثية بين إسرائيل ولبنان والولايات المتحدة حول ترسيم الحدود البحرية.
لم تمضِ بضعة أيام على انتهاء قمة طهران الثلاثية، التي ظهر فيها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الإعلام متجهّم الوجه، حتى خرج وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بتصريح إستبق فيه قمة سوتشي التي ستُعقد في 5 آب/أغسطس بين الرئيسين الروسي والتركي، وفيه تأكيد على وضع الملف السوري على طاولة المباحثات بينهما كأولوية، واعتراف بالنظام السياسي في دمشق، بإبداء استعداد تركيا لتقديم المساعدة له في القضاء على التنظيم الإرهابي في شمال شرق سوريا، بحسب زعم جاويش أوغلو، فأين سوريا من كل ما يجري؟