
تتواتر نذر النار فى الضفة الغربية، كأنها استئناف للحرب على غزة وتصعيد بالوقت نفسه لمستوى المواجهات الوجودية، أن تكون أو ألا تكون القضية الفلسطينية.
تتواتر نذر النار فى الضفة الغربية، كأنها استئناف للحرب على غزة وتصعيد بالوقت نفسه لمستوى المواجهات الوجودية، أن تكون أو ألا تكون القضية الفلسطينية.
في ولايته الأولى، سعى الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن يكون له إرث في الشرق الأوسط. فاهتم بعقد سلسلة من صفقات التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، "اتفاقات أبراهام"، التي بناها على أساس تجاهل القضية الفلسطينية. لكن بعد عملية "طوفان الأقصى"، وما تلاها، تبين أن هذا الاعتقاد خاطئ بشكل كبير، بحسب الباحث خالد الجندي (*).
كان الانتقام سمة الحرب الإسرائيلية على غزة بعد تهشيم صورة الكيان في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، فأطلقت إسرائيل مدعومةً من الغرب الإمبريالي حربها الأطول منذ تأسيسها، وهي دامت 471 يوماً، إذا احتسبنا نقطة النهاية يوم الأحد في 19 كانون الثاني/يناير الماضي.
عِشنا أياماً في خضم تجربة جرّبتها إسرائيل مع العرب مراراً. تأتي التجربة تحت عنوان من ثلاث كلمات هي "استراتيجية هجومية شاملة"؛ استراتيجية تسمح بتعبئة كل إمكانات "الأمة".
حربانِ إسرائيليّتان، واحدة على غزّة وواحدة على لبنان، والنهايةُ وَقْفانِ لإطلاق النّار واحدٌ في غزّة وآخَرُ في لبنان، وما بين الاثنين قاسمٌ مشترك واحد هو أهداف معلَنة وغيرُ معلَنة لم تتحقق لا هنا ولا هناك. وما يَعنينا في هذه المقالة هو شأنُ غزة - موضوع الحدث، على أن يليها لاحقًا حالة لبنان بَعد انتهاء فترة الأيام الستّين الرجراجة، دون الوقوع في إشكالية المقارنة بين الحالتين الإثنتين.
انتصرت غزة، بكامل دمها. الاستسلام مستحيل. هذه غزة يا ناس. نحن بشر وننتمي إلى الإنسان. الاستسلام ركوع وامتناع حرية وانسحاق إنسانية. العالم الخائف الجبان الممتهن الإهانات والخضوع والركوع، مقابل حفنة سلطات واهية، هو عالمٌ فاقدُ للكرامة، يتحوّل فيه الإنسان إلى شيء. نعم. إلى شيء فقط. إلى وسيلة رثة. إلى عبودية مُزيّنة بالعار.
دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ فجر الأحد 19 كانون الأول/يناير، أي عشية تنصيب دونالد ترامب رئيساً جديداً للولايات المتحدة، الذي وصل البيت الأبيض اليوم. وتوقف حربٌ لم يشهد التاريخ ما يماثلها، لا بالشكل ولا بالمضمون. حربٌ استمرت أكثر من 15 شهراً فوق بقعة جغرافية يصعب رؤيتها بالعين المجردة على خريطة الكرة الأرضية. ومع ذلك شغلت العالم بأسره، وكادت أن تذهب به إلى حرب إقليمية، وربما عالمية أيضاً!
وأخيراً، تم وقف إطلاق النار في غزة، وبدأ العمل في تنفيذ المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى (الأحد 19 كانون الثاني/يناير). لكن المآسي والمعاناة التي تكبدها سكان القطاع جراء حرب الإبادة الجماعية، لنحو 15 شهراً، ستبقى تفرض نفسها، وبقوة، لأسابيع، وأشهر وربما لسنوات مقبلة.
عندما ستُقرأ هذه السطور سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة دونالد ترامب في سياق تأدية القسم الدستوريّ لبداية ولايته الجديدة. وسيشرع بعدها بتوقيع أوّل أوامره الإداريّة التي ستُحدّد ملامح سياساته طيلة فترة هذه الولاية.