فلسفة Archives - Page 2 of 4 - 180Post

حضارة-اسلامية.jpg

التّاريخ: مساء الإثنين الواقع في ٢٩ كانون الثاني/يناير ٢٠٢٤. المكان: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلاميّ (بيروت). الموضوع: التّحدّيات التي تواجه الفكر الإسلاميّ المعاصر. الدّعوة تلقيتها من الصّحافي والكاتب الأستاذ الحبيب الحاج قاسم قصير. وقد سُررتُ أشدّ السّرور بفرصة كهذه لزيارة هذا المركز الفكريّ الرّاقي واللّقاء مجدّداً بالحاج قاسم طبعاً، وبالعالِم الجليل، والباحِث الرّفيع، والمدرّس المهنيّ: سماحة الشّيخ محمّد زراقط.

sghdv.jpg

قيل في وصف الثورة إنها حدثٌ عنيفٌ يهدف إلى إحداث تطور سريع يدفع الأمة إلى مواكبة عصرها بعد فترة جمود طويلة بسبب تصلب مزاجها. والعنف فيها متوقف على الحد الذي بلغه الفساد خلال فترة الجمود تلك. وعلامة ذلك الفساد تسيد طبقة المنافقين والأفّاقين وانتشارها، في ظاهرة أشبه ما تكون بقرح الفراش التي تغزو جسدًا أنهكه المرض وألزمه الفراش.

636775426920997852.jpg

بدأنا في الجزء الأوّل برسم المعالم الجوهريّة والنّموذجيّة والمميِّزة لما سمّيناه: "العقل الجيوسياسي الإيراني". وقد بدأنا بسِمَتَين مهمَّتين وأساسيَّتين جدّاً برأينا وهما: أولاً؛ السّمة المتعلّقة بمقاربة مسألة الزّمن (إذا صحّ التّعبير)، وضمنها أبواب التّروّي والجلَد والتّحمّل والصّبر وما إلى ذلك؛ وثانياً؛ السّمة المتعلّقة بما سمّيناها "المدرسة الإيرانيّة في العقلانيّة-الواقعيّة".

امير-عبد-اللهيان.jpg

من المرجَّح أن يستفزَّ بعضُ الخطاب السّياسي والدّبلوماسي الإيراني أغلبَ الأفراد المتابِعين من ذوي العقول الغربيّة التّكوين تحديداً (أي، ومع التّبسيط: "العقلانيّة" على الطّريقة الدّيكارتيّة كما فصّلنا في السّابق من المقالات)، وكذلك الحال بالنّسبة إلى ذوي العقول العربيّة التّكوين والتّنشئة (أي، ومع التّبسيط أيضاً: القريبة جدّاً من النّزعة الأوروبيّة السّالفة الذّكر).

slider.jpg

رأينا في الجزء السّابق من هذا المقال أنّ صرحَ لايبنيتز الفلسفي-الذّهني-النّظري جدّيٌّ ومتينٌ وقويٌّ جدّاً برأينا. بل إنّه، وبسبب انطلاقه من صفات الكمال المُطلَق، يكاد يبدو وكأنّه.. "كامل"، لكن ذلك قد يصحّ فقط من وجهة النّظر المفاهيميّة (Conceptuelle) كما رأينا أيضاً، أي من زاوية عالمَي الأفكار والمفاهيم (وبشكل غالب).

tumblr_loar4sHOXa1qbcporo1_640.jpg

رأينا في المقال السّابق حول الألم أنّ كلّ هذه التّساؤلات الأساسيّة لا بدّ وأن توصل إلى سؤال "وجود (أو تواجد) الشّرّ"، وبالتّالي إلى الاصطدام الفلسفي القديم-العظيم: إنّه الاصطدام أو الارتطام الموجع جدّاً – بالنّسبة إلى الكثيرين – بسؤال الثيوديسا La Théodicée. إذ: مهما كانت نظرتنا الوجوديّة (Ontologique) فيما يخصّ وجود أو تواجد الألم والشّرّ، لا بدّ وأن نرتطم بعاملٍ مهمٍّ متأتٍّ من معتقدات الأديان السّماويّة الإبراهيميّة بشكل خاص: الخير والعدل المُطلَقَين "للإله".

سلايدر-1.jpg

يسيرُ بعضُ المدرّبين الشّخصيّين والمعالجين النّفسيّين، بالإضافة إلى بعض المدارس الفكريّة "الشّعبيّة" الحديثة: يسيرون في اتّجاهٍ خاطئٍ وخطيرٍ جدّاً برأيي. أقصد أنّهم: يسيرون في اتّجاه إفهام أو إيهام النّاس، لا سيّما منهم الشّباب، أنّه بالإمكان الوصول – "يوماً ما" من حياتهم – إلى عيشٍ بلا ألَم. أي: كأنّما يمكن الوصول، يوماً ما، إلى حياةٍ تكادُ تكون خاليةً من الألم.

لايدر.jpg

ناقشنا في الجزء الأوّل محوريّة ما سمّيناه بـ"الشّعور الفردي" وتأثيرَهُ على الحضارة الغربيّة وعلى تفوّق هذه الأخيرة ضمن العالم الرّاهن. كما تحدّثنا عن الدّور الذي يلعبه هذا المفهوم العام في لعبة تحكّم النّخب الغربيّة بمختلف أنواع جماعاتها، كما في لعبة تحكّمها – أقلّه: ثقافيّاً وفكريّاً ونفسيّاً - بغالب جماعات العالم المعاصر.