أستذكر اليوم محمود درويش، وأنا من الذين لا يحتاجون مناسبة لاستذكاره، مثلما هو لم يرتضِ الغيابَ يوماً: قُلْ للغيابِ نَقَصتَني وأنا حضرتُ لِأُكْمِلكْ.
أستذكر اليوم محمود درويش، وأنا من الذين لا يحتاجون مناسبة لاستذكاره، مثلما هو لم يرتضِ الغيابَ يوماً: قُلْ للغيابِ نَقَصتَني وأنا حضرتُ لِأُكْمِلكْ.
حين تكتب عن أعمال الفنان مارسيل خليفة تُفكّر كثيراً قبل أن تتحدث عن الأثر الذي حفره في روحكَ من دون أن تسقط في المديح المجاني لأنه ندر أن تعثر على هنّة، ولو هيّنة، في أعماله الفنية.
من الأمور التي كشفتها عملية "طوفان الأقصى" أن هاجس مغادرة الإسرائيليين اليهود أرض فلسطين هو هاجس حاضر، وربما موجِّه لسلوكهم وخططهم التي تبقى ساكنة في باطن عقولهم إلى أن يحل مستجدٌّ أمنيٌ أو اقتصاديٌ يدفعها إلى الظهور.
صباحاً، يجفّ الدم. مساءً يُحصي العدو المعتقلين. سقطت قلعة ليلاً: مخيّم مات أهله صباحاً. لا وقت للبحث عن رغيف. الطرقات فارغة. وحدها عاصفة القتل مشغولة بتحويل الأبنية إلى مقابر.
انصرف "الأستاذ" فانغلق، وراءه، بابُ مدرسة. لا أعرف مداخل هذه المدرسة التي أشاد العارفون بتميّزها، خطًّا وحِرفة. أعرف القليل من مساحاتها الخارجيّة، حيث جمعتني ﺑ"الأستاذ طلال"علاقة مودّة طويلة.
كأنه مشهد مقتطع من التراجيديات الإغريقية بدت فيه السيدة التسعينية «حورية درويش» مستغرقة فى أحزانها، الألم يعصف بها على فقد ابنها «الغالى» كما كانت تصفه دائما، وتوأمه الشعرى «سميح القاسم» يتقدم نحوها ليعزيها ويعزى نفسه.
بأى قياس فهو يوم استثنائى لا مثيل له فى التاريخ. بقدر استثنائيته جرى الطعن لأسباب سياسية فى حقائقه الماثلة، التى رأيناها رأى العين وحفظت الكاميرات مشاهدها. كان ذلك صراعا على الذاكرة العامة حتى لا ينسب رفض الهزيمة إلى بطله الأول، الشعب المصرى.
لا أحبُّ بلادي، لا بل أكرهها. أكره فلسطين، وأكره القدس التي من أجلها بذل والدي حياته. إنها غريمتي، لم تمنحني الفرصة لأن أحبها. سلبت مني كل شيء: طفولتي واستقراري، منزلي وحارتي، أقربائي وأصدقائي المستقبليين، وأبي الحبيب.. لم تُتِح لي أن أحيا فيها بوجداني، أو أن أنسجَ ذاكرةً من خيوط أزقتها، ومن البوابات وعتبات السلالم، من ريحِها ورياحها وسمائها وشمسها؛ إنْ هي بزغت أم غربت. لم أخترِ الولادةَ من رحمِها، ولا أقدرُ على عكس تلك الولادة.
يقول الشاعر محمود درويش في قصيدة أسماها "لم يسألوا ماذا وراء الموت": نريد أَن نحيا قليلاً لا لشيء/ بل لِنَحْتَرمَ القيامَةَ بعد هذا الموت/ واقتبَسوا - بلا قَصْدٍ - كلامَ الفيلسوف: اُلموت لا يعني لنا شيئاً نكونُ فلا يكونُ/ اُلموت لا يعني لنا شيئاً/ يكونُ فلا نكونُ/ ورتّبوا أَحلامَهُمْ بطريقةٍ أخرى وناموا واقفين.
كنا نردد من بعض محمود درويش الكثير، كنا ننبهر من كم المعانى فى الكلمات البسيطة وكنا نحفظ شعره وندس كتبه بين كتب المقررات، كما وردة الحب بين صفحات الكتب.